21/03/2011 - 15:40

"الانقسام" لن ينتهي يا شباب فلسطين!../ عبدالسلام الريماوي*

حتى لو ذهب الرئيس محمود عباس إلى غزة فإن الانقسام لن ينتهي، والمصالحة المنشودة لن تأتي، لأن أسباب الفرقة لم تتغير، حتى وإن حملت رياح "الثورات" العربية بشائر تغيير ما، على الساحة الفلسطينية باعتبارها جزءا من الوطن العربي الكبير

حتى لو ذهب الرئيس محمود عباس إلى غزة فإن الانقسام لن ينتهي، والمصالحة المنشودة لن تأتي، لأن أسباب الفرقة لم تتغير، حتى وإن حملت رياح "الثورات" العربية بشائر تغيير ما، على الساحة الفلسطينية باعتبارها جزءا من الوطن العربي الكبير.
 
فطرفا "الانقسام" الفلسطيني "فتح" و" حماس"- بالدرجة الأولى- لا ينفكان يشككان بنوايا بعضهما البعض، ويتباريان في تسجيل النقاط كل لصالحه، وتكفي متابعة سريعة لوسائل إعلام الأكبرين، للتأكد من أن أي من الطرفين لم يتخل عن لهجة التحريض تجاه الآخر، ما يلقي بظلال سوداء على فرص "مبادرات" المصالحة.
 
لن ينتهي الانقسام الفلسطيني -على الأقل في المنظور العاجل- لأنه، لا السلطة ولا حماس ولا إسرائيل غيرت مواقفها وشروطها، وما نشهده اليوم من "حراك" على هذا الصعيد ليس أكثر من تحركات تكتيكية للالتفاف على "الحراك الشعبي" لشباب 15 مارس الذين أرادوا اللحاق بركب نظرائهم العرب، وإحداث تغيير ما في الحالة الفلسطينية.
 
أما زيارة الرئيس عباس إلى غزة فكانت منذ اللحظة الأولى مشروطة: لن أذهب للحوار بل للاتفاق على حكومة شخصيات وطنية تكون من أولويات مهامها إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، بمعنى أن الملف الامني، وملف إعادة بناء منظمة التحرير على وجه الخصوص غير مطروحين للنقاش في الوقت الراهن، الأمر الذي طالما رفضته حماس، لكن ردودها جاءت مرتبكة إزاء مبادرة "أبو مازن".
 
وكان عباس طلب ردا رسميا من حماس بشأن زيارته لقطاع غزة، وعندما لاحظ ارتباك الحركة، سارع السبت إلى تكليف مساعدين له بإجراء الترتيبات اللازمة لهذه الزيارة "المبادرة"، التي سقطت على راس حماس على حين غرة.
 
وعندما رأت حماس جدية حقيقية في نية عباس لزيارة القطاع، سارع قيادات ومتحدثون باسمها سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية، بداية إلى المطالبة بتوفير أجواء ايجابية، مع التشديد على حرص الحركة على نجاح كل جهود المصالحة وإنهاء الانقسام الداخلي، وفقا لما جاء على لسان الناطق باسمها فوزي برهوم.
 
وأما وصفي قبها الوزير السابق والقيادي في حركة حماس بالضفة فقد عبر عن موقفه بوضوح: "إن إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية يقود لانتخابات توافقية، وإن محاولات قلب هذه المعادة سيؤدي لنتائج عكسية".
   
إن هذه المواقف "الهادئة"- إذا جاز التعبير- تبعها تسخين كبير من جانب بعض قيادات حركة حماس لا سيما محمد نزال الذي شن هجوما غير مسبوق على الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية، حيث قال: أن عباس وبطانته لم "يفهموا" أو "يستوعبوا" الدرس بعد، شأنهم شأن كثير من الطغاة والمستبدين، الذين لم يفهموا أو "فهموا" متأخرين بعد فوات الأوان!
 
ورأى نزال أن الراعي السابق للحوار-أي نظام حسني مبارك- لم يكن "وسيطاً" ولا "نزيها" بل كان منحازاً، وضالعاً في اللعبة الإقليمية – الدولية، لإخراج حماس من المشهد السياسي، لأنه كان مسلوب الإرادة والقرار"، على حد وصفه.
 
وليس بعيدا عن المشهد تقف إسرائيل تتابع لحظة بلحظة جهود واحتمالات المصالحة الفلسطينية وتقول بصريح العبارة للسلطة الفلسطينية وللولايات المتحدة وللمجتمع الدولي بأسره: إما اتفاقات السلام أو حركة حماس التي ترغب في إزالة اسرائيل عن الوجود. حماس واتفاقات سلام لا يستويان في آن معا".
 
ولعل التصعيد الاسرائيلي الذي شهدته جبهة قطاع غزة خلال الأيام الماضية من خلال القصف المدفعي الواسع يشير بوضوح إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه إسرائيل لخلط الأوراق وتعطيل جهود "المصالحة".  وبالمقابل فإن الرد المماثل بالشكل والحجم الذي قادته حركة حماس ضد مستعمرات النقب، يندرج أيضا في إطار الرغبة في تسخين المواجهة وهو ما قد يخرجها من حالة الحرج الذي وضعتها فيه "مبادرة" عباس، والذي قد يضطر هو الآخر إلى تأجيل زيارته إذا ما استمر التصعيد.
 

التعليقات