12/04/2011 - 10:17

مشروع وثيقة للمصالحة الفلسطينية../ هاني المصري

أن يكون محكوماً بسقف زمني قصير يُتفق عليه. أن ينطلق من النقطة التي وصل إليها الحوار السابق. أن يتركز الحوار على النقاط التي لا تزال عالقةً، سواء بسبب الخلاف عليها، أو لعدم التطرق إليها. أن يأخذ المستجدات والمتغيرات والثورات العربية بالحسبان، وتحديد كيفية انعكاساتها وتأثيرها على الوضع الفلسطيني، وعلى اتفاق المصالحة الوطنية.

مشروع وثيقة للمصالحة الفلسطينية../ هاني المصري
عقد وفد الشخصيات الوطنية المستقلة سلسلة اجتماعات مع المسؤولين المصريين في القاهرة يوم الأحد الماضي لبحث ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية، فاجتمع الوفد بوزير الخارجية الدكتور نبيل العربي وبمسؤولين من جهاز المخابرات العامة، كما التقى الوفد أيضاً بالأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.

وقدم الوفد خلال لقاءاته مشروع وثيقة للمصالحة الوطنية، التي أصبحت ملحة أكثر في ضوء الثورات العربية وتصاعد العدوان الإسرائيلي، خصوصاً ضد قطاع غزة والقدس، وهو مشروع يأخذ الأبعاد المختلفة لإنهاء الانقسام: (الإستراتيجية، والسياسية، والأمنية، والاقتصادية، والديمقراطية)، ويقدم معادلة للحل على أساس "لا غالب ولا مغلوب"، بحيث يخرج منه جميع الفلسطينيين منتصرين، وقضيتهم منتصرة، لأن أي حل على أساس محاصصة فصائلي، أو تقاسم السلطة في الضفة وغزة، قد تخرج منه الأطراف منتصرةً، بينما يكون الشعب الفلسطيني مهزوماً.

وقدم الوفد التحيات الحارة والتهاني لمصر حكومةً وشعباً وقيادةً على انتصار ثورة 25 يناير العظيمة، التي فتحت الباب لتغيير وجه المنطقة، وإعادة مصر إلى مكانها ودورها الطبيعي، بما سيدعم القضية الفلسطينية بشكل أقوى، بوصفها القضية المركزية للأمة العربية، كما أن مصر الحرة والديمقراطية ستكون مع الحرية لشعب فلسطين ومع نضاله التحرري لدحر الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري الاستيطاني العنصري وإنقاذ مدينة القدس ومقدساتها من ممارسات الأسرلة والتهويد، وإنجاز الحرية والعودة والاستقلال.

لقد فتحت المتغيرات التي حدثت في مصر والمنطقة آفاقاً رحبةً أمام الفلسطينيين؛ لإنجاز حقوقهم وأهدافهم الوطنية. لكن هذه الفرصة التاريخية يمكن أن تضيع؛ إذا لم يسارع الفلسطينيون إلى إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة على أساس برنامج سياسي ونضالي مشترك، قادر على استنهاض وتوحيد الشعب الفلسطيني مجدداً، داخل الوطن وخارجه، ومن مختلف ألوان الطيف السياسي.

وأكد مشروع الوثيقة على أنه انطلاقاً من التقدير العميق لدور مصر القومي والمركزي والحاضن للقضية الفلسطينية وفي رعايتها للحوار الوطني الفلسطيني، واعتماداً على أن الحوار الوطني الشامل قطع شوطاً طويلاً بدءاً من إعلان القاهرة عام 2005 إلى وثيقة الأسرى عام 2006 إلى حكومة الوحدة الوطنية عام 2007 وانتهاءً بالورقة المصرية والحراك الشبابي والشعبي؛ فلا بد من استئناف الحوار الوطني الشامل على أن يكون هذا الحوار من خلال مؤتمر وطني فلسطيني يعقد في بيت العرب (القاهرة) على النحو الآتي:

أن يكون محكوماً بسقف زمني قصير يُتفق عليه.
أن ينطلق من النقطة التي وصل إليها الحوار السابق.
أن يتركز الحوار على النقاط التي لا تزال عالقةً، سواء بسبب الخلاف عليها، أو لعدم التطرق إليها.
أن يأخذ المستجدات والمتغيرات والثورات العربية بالحسبان، وتحديد كيفية انعكاساتها وتأثيرها على الوضع الفلسطيني، وعلى اتفاق المصالحة الوطنية.

ووفق مشروع وثيقة المصالحة الفلسطينية، فإن النقاط التي لا تزال بحاجة إلى اتفاق هي:

أولاً: المضمون السياسي لاتفاق المصالحة الوطنية: بدون الاتفاق على القواسم المشتركة وكيفية مواجهة التحديات والمخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، ويتيح إعادة تشكيل منظمة التحرير على أساسها؛ لا يمكن الحفاظ على مكانة ووحدانية تمثيل منظمة التحرير بوصفها المرجعية العليا والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والاتفاق على إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني على أساس قانون التمثيل النسبي الكامل خلال مدة أقصاها عام.

ثانياً: الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس برنامج سياسي يحظى بثقة الشعب الفلسطيني، ويحافظ على الحقوق والأهداف الفلسطينية، ويستند إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بعيداً عن شروط اللجنة الرباعية الدولية على أن تعمل على التحضير والإشراف على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية خلال مدة أقصاها عام.
 
ثالثاً: تفعيل المجلس التشريعي بحيث يقوم بدوره كاملاً لحين إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية خلال مدة أقصاها عام.

رابعاً: ضرورة توسيع تمثيل الإطار القيادي المؤقت والمتفق عليه في حوارات القاهرة بحيث يشمل تمثيل تجمعات الشعب الفلسطيني كافة خصوصاً الشباب والمرأه والشتات، وتحديد مهماته وصلاحياته بدقة وهو الإطار الذي سيحكم المرحلة الانتقالية، والتي ستبدأ من توقيع اتفاق المصالحة الوطنية وتنتهي عند إجراء الانتخابات لاختيار ممثلي المجلس الوطني، بحيث تكون قراراته نافذة وغير قابلة للتعطيل.

خامساً: تشكيل اللجنة الأمنية العليا من خلال الوفاق الوطني، وإعادة تشكيل وبناء الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة برعاية مصرية وعربية؛ انطلاقاً من عقيدة وطنية وعلى أسس مهنية بعيداً عن الحزبية، بحيث تكون الأجهزة الأمنية للدفاع عن الوطن والمواطن، ولفرض سيادة القانون على الجميع.

سادساً: مراجعة مسيرة المفاوضات الثنائية ووصولها إلى طريق مسدود، واستخلاص الدروس والعبر، بحيث يتم شق مسار سياسي جديد قادر على تحقيق الأهداف الوطنية، من خلال وضع أسس ومرجعية وطنية للمفاوضات من خلال عقد مؤتمر دولي فاعل كامل الصلاحيات له، تكون مرجعيته القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، بحيث يكون التفاوض لتطبيقها وليس حولها.

سابعَا: على أهمية احتفاظ الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال بجميع الأشكال التي يقرها القانون الدولي، إلا أنّ ممارسة أي شكل يجب أن تخضع للمصلحة الوطنية والبرنامج السياسي في إطار مرجعية عليا للمقاومة كما جاء في وثيقة الأسرى، وأي تهدئة يجب أن تكون متبادلة ومؤقتة وليست بديلة عن مسار سياسي قادر على إنهاء الاحتلال.

ثامناً: الاتفاق على ضمان حرية ونزاهة الانتخابات من حيث الإشراف المحلي والعربي والدولي، والعمل على توفير شبكة أمان لحماية عقد وسير ونتائج الانتخابات للمجلس الوطني والرئاسية والتشريعية من تدخلات الاحتلال، بحيث يتم الاتفاق على إصدار قانون ملزم بتوفير مثل هذه الحماية، التي تجعل جميع الكتل لا تخشى من اعتقالات الفائزين منها وتعطيل عملها وشل المجلس التشريعي.

تاسعاً: ضرورة تشكيل لجنة الانتخابات المركزية ومحكمة الانتخابات من خلال الوفاق الوطني.

عاشراً: إجراء الانتخابات المحلية في موعدها المقرر وعمل كل ما يلزم لإجرائها في الضفة الغربية وقطاع غزة.

حاديَ عشرَ: الاستمرار في تطبيق كل الإجراءات والسياسات التي تؤكد على وحدة الشعب والأرض والقضية، خصوصاً وحدة الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها مدينة القدس، مثل: امتحان الثانوية العامة، والحج، والوقود، والكهرباء، والرياضة، والصحة، والنقابات، وجوازات السفر..إلخ، والامتناع عن القيام بإصدار أي قرارات أو مراسيم أو اتخاذ أي إجراءات من شأنها تعميق الانقسام.

ثانيَ عشرَ: ضرورة فتح معبر رفح وإنهاء الحصار عن قطاع غزة، والمباشرة في إعادة الإعمار وعمل كل ما يلزم لتحسين شروط الحياة لجماهير شعبنا في القطاع.

ثالثَ عشرَ: إتمام صفقة تبادل الأسرى على أساس إطلاق أكبر عدد ممكن من الأسرى ذوي الأحكام العالية، وجميع كبار السن والأطفال والنساء والمرضى.

رابعَ عشرَ: إن الحفاظ على الطابع الديمقراطي الاجتماعي للنظام السياسي الفلسطيني بمختلف مكوناته شرط ضروري لإنجاز مصالحة مستدامة، من خلال ترسيخ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، وتحقيق التضامن الاجتماعي والتكافل بين أبناء الشعب الفلسطيني، ومحاربة الفقر والبطالة والجهل والتخلف وتشجيع قيم العمل والعلم والإنتاجية والفكر والبحث والإبداع والمنافسة الشريفة، وضمان التعددية الفكرية والسياسية والحزبية، وسيادة القانون، وفصل السلطات، ومبدأ تداول السلطة، وحرية الإعلام، وتوفير وحماية الحقوق والحريات العامة.

خامسَ عشرَ: إن توفير الأجواء الإيجابية التي من شأنها إعادة الثقة المفقودة بين الأطراف المتنازعة قبل وأثناء الحوار وبعد الاتفاق؛ أمر ضروري جداً يساعد على التوصل إلى اتفاق المصالحة الوطنية، ويضمن تطبيقه واستمراره، حتى يكون توقيعه نهاية لمرحلة الانقسام وبداية لمرحلة جديدة من العمل المشترك والوحدة؛ وهذا يتطلب اتخاذ الإجراءات الآتية:
إطلاق سراح المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعدم الإقدام على اعتقال أي شخص على خلفية انتمائه السياسي.
تحديد الأشخاص الذين وجهت إليهم اتهامات محددة، وضرورة تحويلهم فوراً وخلال المدة القانونية إلى المحاكم المدنية المختصة للبت في أمرهم.
تشكيل لجنة للبحث والبت في ملف المؤسسات الأهلية المغلقة، والموظفين المفصولين من عملهم، أو المستنكفين عنه، أو الذين لم يعينوا على خلفية انتمائهم السياسي.
الالتزام بمواد القانون الأساسي التي تؤكد على احترام الحريات العامة، بما فيها حرية الرأي والتعبير وحق التجمع السلمي، بما يوظف فعاليات الحراك الشبابي والشعبي الفلسطيني لتحقيق المصالحة الوطنية.
وقف الحملات الإعلامية التحريضية.
تطبيق ما اتفقت عليه لجنة المصالحة الوطنية، حتى لا نشهد بعد المصالحة الوطنية حلقة دموية من الثأر والانتقام، ومحاولة التعويض عن الخسائر والدمار باليد والقوة بعيداً عن القانون.


سادسَ عشرَ: يعتبر تشكيل حكومة الوحدة الوطنية هو المدخل لتطبيق اتفاق المصالحة الوطنية بعد التوقيع عليه، والذي يمكن أن يطبق على مراحل من خلال جدول زمني متفق عليه، بإشراف مصري وعربي.

التعليقات