17/04/2011 - 08:23

مقتل فيتوريو ليس شأنا خاصا بحماس../ مصطفى إبراهيم

مقتل فيتوريو أريغوني ليس شأنا داخلياً خاصا بحركة حماس وحكومتها وأجهزتها الأمنية في قطاع غزة، بفعل ما يشهده قطاع غزة منذ عدة سنوات في التعامل مع كثير من القضايا الوطنية والداخلية، وكأنها شأناً داخلياً حمساوياً، وفي مقدمة تلك القضايا قضية الجماعات السلفية الجهادية التي يغلب على معالجتها الطابع الأمني بنتائجه المأساوية، بل هو شأن فلسطيني عام يستدعي ليس القلق فقط، بل الخوف وما إلى ذلك من تداعيات على القضية الفلسطينية، وتأثيره على سمعة الفلسطينيين، وحركة التضامن الدولية معها

مقتل فيتوريو ليس شأنا خاصا بحماس../ مصطفى إبراهيم
ما جرى في غزة كان قاسياً جداً على الناس الذين يحاولون تصديقه، ومع ذلك يحاولون الاحتفاظ بهدوئهم، يعاكسهم التيار، كلما حاولوا إطفاء الحريق المشتعل في ثوبهم، تندلع النار مرة أخرى، لم يستطيعوا حماية ضيفهم الآتي إليهم من بعيد، قتل غدرا قبل أن يردوا له الجميل، مصيبتهم كبيرة، وما تزال الصدمة شديدة، لم يتوقعوا اختطاف المتضامن فيتوريو أريغوني، وما زالوا غير مصدقين، انه قتل.
 
يحاول الناس الاحتفاظ بهدوئهم، وصبرهم نفذ، وهم يستمعون للاتهامات والشتائم والتحريض وفرض الشروط، ومع ذلك لم يبق لهم وقت للصبر على ما جرى ويجري، لم توحدهم دماء الشهداء، هل توحدهم دماء فيتوريو؟ يجب التوقف، فهل نحن بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد يعيد تشكيل حياتنا ونظامنا العام، نحاول الفهم، من المسؤول عن المخاوف التي ألمت بالناس، وبعدهم عن بعض، وبحثهم المستمر في سبل التكيف والتعايش المشترك، والاعتراف بالآخر.
 
مقتل فيتوريو أريغوني ليس شأنا داخلياً خاصا بحركة حماس وحكومتها وأجهزتها الأمنية في قطاع غزة، بفعل ما يشهده قطاع غزة منذ عدة سنوات في التعامل مع كثير من القضايا الوطنية والداخلية، وكأنها شأناً داخلياً حمساوياً، وفي مقدمة تلك القضايا قضية الجماعات السلفية الجهادية التي يغلب على معالجتها الطابع الأمني بنتائجه المأساوية، بل هو شأن فلسطيني عام يستدعي ليس القلق فقط، بل الخوف وما إلى ذلك من تداعيات على القضية الفلسطينية، وتأثيره على سمعة الفلسطينيين، وحركة التضامن الدولية معها.
 
 وبرغم أن آراء الفلسطينيين مختلفة وليست موحدة في من يتحمل مسؤولية الانقسام واستمراره، إذ أن بعضهم يرى أن حركة حماس هي من تتحمل المسؤولية، وبعضهم الآخر يرى أن حركة فتح والرئيس محمود عباس هو من يتحمل المسؤولية، لكن ذلك لا يؤثر في حقيقة أن الانقسام مستمر، والكل الفلسطيني يتحمل المسؤولية، وهم لم يستفيدوا من تجاربهم السابقة، ونسوا أنهم ما زالوا شعبا محتلا والعدوان مستمر، والمتربصون بهم كثر والمخاطر المحيطة بهم كبيرة.
 
 من المسؤول فينا عما يجري من استمرار للانقسام، وقتل وغدر وتشويه للصورة والمزايدة والشماتة في الآخر، ونحن من يدفع الثمن، من المسؤول فينا عن عدم تغليب المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا للخروج بأقل الخسائر مما جرى وألم بنا من مصيبة كبيرة؟
 
الناس في القطاع مازالوا يعيشون الصدمة ويتساءلون لماذا قتل أريغوني؟ ومن المسؤول عن قتله؟ وما الدافع إلى ذلك؟ وفي هذا التوقيت وهذه اللحظة السياسية الحرجة والحساسة، هل هو المقايضة والإفراج عن أحد مشايخ السلفيين؟ ولماذا لم ينتظروا إتمام الصفقة وقتلوه؟ لماذا صمتت حماس كل هذه الفترة من الزمن؟ ولم تقم بالحوار مع تلك الجماعة مع أنها كانت تدعي أن مثل هذه الجماعات تحت السيطرة، وفي النهاية ثبت أنها لم تكن تحت السيطرة، وهي من يتحمل المسؤولية عندما اعتقلت عددا منهم في السابق على خلفية تنفيذهم تفجيرات داخلية، وأفرجت عنهم بعد فترة من دون توجيه لوائح اتهام وتقديمهم للمحاكمات.
 
مقتل أريغوني فضيحة للكل الفلسطيني، وليس من حق أي طرف المزايدة والشماتة في الطرف الآخر، فالمصيبة والألم واحد، ما جرى مؤلم للكل الفلسطيني والمتضامنين والمتعاطفين معهم، ويحتاج إلى وقت كبير لتغيير الصورة التي شوهت من قبل قلة يتحمل الكل الفلسطيني المسؤولية في ما آلت إليه الأمور بارتكاب جريمة بشعة شوهت الصورة المشوهة أصلا بفعل الانقسام، واستغلال الماكنة الإسرائيلية ذلك بصورة كبيرة ومؤلمة.
 
ما زال هناك متسع من الوقت لإطفاء النار وإعادة ترميم بيتنا الداخلي، بكثير من العقل وكثير من الإيمان بحق الناس بالعيش واحترام كرامتهم، وسماع صوتهم وهم الذين ضحوا بالغالي ورغد العيش في ظل الحصار الظالم والمستمر، وحماية المقاومة والالتفاف حولها ودعمها ومساندتها، كثير من الناس فقدوا الثقة بحركة حماس وحكومتها ويحملونها المسؤولية فيما يجري، وأنها نكثت بوعدها لهم بإزالة كل المعوقات والخوف من الأجهزة الأمنية التي باتت تشتبه فيهم، وتحسب أنفاسهم وتشكك في وطنيتهم.
 
حماس حتى الآن لم تستطيع تحديد موقفها هل هي حكومة إسلامية وتقوم بتطبيق الشريعة الإسلامية؟ أم هي حكومة تطبق القوانين الذي يعتبرها العديد من أعضائها أنها وضعية، ولم تقم بالحوار والمراجعات مع تلك الجماعات السلفية عن طريق مشايخهم، وتعتمد دائماً الحل الأمني والمعالجة الأمنية، وعليها القيام بالمراجعات لعناصرها من الفتية والشبان الذين تربوا على العنف والتطرف، والعودة عن حال الانقسام الذي يعتبره الناس سبب رئيس فيما يجري.

التعليقات