02/05/2011 - 09:56

رسالة مفتوحة إلى قيادة حزب الحرية والعدالة../ د. مخلص الصيادي*

كيف سيكون العدل، وما هي برامجه؟ والعدل نقيض الظلم فكيف سنكافح الظلم وأدواته؟ كيف ستبنى الديمقراطية وكيف ستصان؟ كيف سيكون الأمن للأوطان لا للحكام؟ كيف سنحمي الإبداع وكيف سننميه؟ كيف سننظر إلى الفنون وكيف سنجليها؟ من سيبني قوة الوطن ومنعته؟ من هو الصديق، ومن هو العدو؟ ومن هي القوى الاجتماعية التي ستحمل عبء مشروع النهضة والتقدم؟

رسالة مفتوحة إلى قيادة حزب الحرية والعدالة../ د. مخلص الصيادي*

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة مفتوحة إلى قيادة حزب الحرية والعدالة

الأخ الدكتور محمد سعد الكتاتني الأمين العام للحزب
الأخ الدكتور عصام العريان نائب رئيس الحزب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبدأ رسالتي بتهنئتكم بقرار إنشاء هذا الحزب ليكون ساحة العمل السياسي لجماعة الاخوان المسلمين، والأداة التي تظهر من خلالها رؤية الجماعة لقضايا التغيير الاجتماعي، وباختياركما من قبل مكتب الإرشاد لتكونا في هذا الموقع المسؤول.

ولا شك بأن ولادة هذا التنظيم سيٌذكر باعتباره من أهم تطورات الساحة السياسية المصرية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، كما هو بلا شك من أهم التطورات في تاريخ الجماعة، وأظن أنه سيكون من أهم تطورات الحياة السياسية على المستوى العربي.

ولا أقول هذا من قبيل المجاملة، أو من زاوية ما يقدم في مثل هذه المناسبات من كلمات مشجعة، ومباركة، وإنما ليقيني أن ما ينتظر حزبا تنشئه جماعة الاخوان المسلمين في مصر أمر جلل في حق الجماعة والوطن، وفي حق كل القوى السياسية الوطنية والقومية.

إن الجماعة التي صار واضحا أن دورا بارزا سيكون لها في الحياة السياسية المصرية، ستحمل على عاتقها حملا ثقيلا وجليلا، وستكون في موضع اختبار مستمر.

لقد حمل تاريخ الأخوان المسلمين الكثير الكثير مما يقال فيه، ودخلت الجماعة عبر هذا التاريخ في صدامات وتحالفات لها ما لها وعليها ما عليها ـ ومن وجهة نظر رجل قومي ناصري ـ فإن هذا التاريخ يمثل عبئا يشد الى الوراء، وقد يمثل باعثا يدفع الى الأمام. وسيكون على مثل هذا الحزب الذي سيعبر عن " الجماعة في السلطة والحكم والعمل السياسي" أن يحدد رؤيته للمستقبل، وأن يزن ماضي الجماعة وحاضرها بما يساعده على تحقيق المستقبل المنشود.

لقد أعطى الإسم المختار للحزب"الحرية والعدالة" انطباعا أوليا لما يتوق الحزب إلى تحقيقه، ولو كنت أود لو حمل الإسم ما يشير إلى الالتزام بتقدم المجتمع وسبيل بناء قوته.

وإذا كان لكم أن تنظروا في ما يراه ناشط وباحث مثلي، فإني أرى ضرورة أن يرتقي برنامج الحزب المتظر الى مستوى الدور المعهود لمصر، إلى عبقرية المكان الذي قدره الله لهذا البلد فجعله قلب الوطن العربي وعقله، وجعله قطب الرحى في دوائر العمل الثلاث: الاسلامي، والافريقي، والعالم الثالث، ثم زادته الوقائع والتطورات الراهنة تأثيرا، فصار المدخل الوحيد لبناء وحدة هذه الأمة، ومنعتها في مواجهة كل الأخطار التي تواجهها وفي مقدمتها خطر الكيان الصهيوني، وخطر التبعية للغرب.

إن الإخوان المسلمين اقتربوا من السلطة في أكثر من بلد عربي، وكانوا جزءا منها، أو كانوا هم صناعها، ولم تأت نتائج أعمالهم بشيء ذي قيمة، إن لم نقل إنها ممارسات وسياسات يمكن أن توضع في الجانب السلبي لحياة الأمة.

لكن هؤلاء جميعا، يمكن ألا يكونوا حكما على الجماعة ورؤيتها، بحكم عوامل كثيرة بعضها يخص ظروف تلك الممارسات، وبعضها يخص طبيعة الأقاليم التي شاركوا فيها بالسلطة، لكن الأمر معكم في مصر يختلف جدا.

إنكم ستكونون تحت الشمس مباشرة، وفي أكثر المواقع وضوحا وأثرا ومتطلبات، وتقفون على رأس مرحلة كُشفت فيها كل العورات، وبانت فيها كل الخبايا، وظهرت فيها كل صنوف الفساد والتواطؤ والتلاعب والهدر لإمكانات الأمة وثرواتها، بل والخيانة لها ولتاريخها ولجغرافيتها السياسية والحضارية.

كيف سيكون العدل، وما هي برامجه؟
والعدل نقيض الظلم فكيف سنكافح الظلم وأدواته؟
كيف ستبنى الديمقراطية وكيف ستصان؟
كيف سيكون الأمن للأوطان لا للحكام؟
كيف سنحمي الإبداع وكيف سننميه؟
كيف سننظر إلى الفنون وكيف سنجليها؟
من سيبني قوة الوطن ومنعته؟
من هو الصديق، ومن هو العدو؟
ومن هي القوى الاجتماعية التي ستحمل عبء مشروع النهضة والتقدم؟

هذه كلها صارت مطالب تحت الشمس، وصارت تحديات لأي قوة تريد أن تحمل مسؤولية المسقبل، ولقد زادت ثورة يناير على كل ما تقدم، أنها أعادت الناس الى ساحة الفعل والعمل السياسي، وصارت جموع الأمة هي المالكة لقيم ثورة يناير، والتي من أهمها الديموقراطية الحقيقية، والكرامة الانسانية والحياتية، والعودة بمصر لتأخذ مكانها الحقيقي والطبيعي في حركة أمتها.

مرة أخرى أبارك لكم هذا الحزب، وأتطلع لمرحلة تكونون فيها من البناة الحقيقيين لمستقبل أمة، أٌجهضت للمرة الثانية في تاريخها المعاصر تجربة نهوضها، ودفعت على مدى أربعين عاما ثمنا غاليا وقاسيا، ونتيجة هذا الاجهاض خسرت أيضا قوى التحرر، والروح الإنسانية، في كل مكان الكثير الكثير، وقد آن الأوان لتعاود نهضتها.
دعائي إلى الله أن يوفقكم ، ويسدد خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشارقة 2 / 5 / 2011
د. مخلص الصيادي
عضو المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الاسلامي

التعليقات