22/05/2011 - 11:26

المؤتمرالسادس: نحو تطوير الخطاب والأداء../ امطانس شحادة

يتزامن انعقاد المؤتمر السادس للتجمع الوطني الديمقراطي مع مرور أكثر من عقد ونصف على إقامة الحزب وإعادة تنظيم التيار القومي بالداخل. وأيضا في ظل تحولات كبيرة في الثقافة السياسية للفلسطينيين في الداخل، في مواقفهم وتصرفاتهم السياسية، وتغيرات جذرية في النظام والمجتمع في إسرائيل، وتغير البيئة العربية المحيطة بنا، بصيغة الثورات العربية. في ظل هذه المتغيرات بات من الضروري على حزب التجمع تطوير خطابة السياسي وأدوات عمله للتناسب مع تحديات المرحلة

المؤتمرالسادس: نحو تطوير الخطاب والأداء../ امطانس شحادة
يتزامن انعقاد المؤتمر السادس للتجمع الوطني الديمقراطي مع مرور أكثر من عقد ونصف على إقامة الحزب وإعادة تنظيم التيار القومي بالداخل. وأيضا في ظل تحولات كبيرة في الثقافة السياسية للفلسطينيين في الداخل، في مواقفهم وتصرفاتهم السياسية، وتغيرات جذرية في النظام والمجتمع في إسرائيل، وتغير البيئة العربية المحيطة بنا، بصيغة الثورات العربية. في ظل هذه المتغيرات بات من الضروري على حزب التجمع تطوير خطابة السياسي وأدوات عمله للتناسب مع تحديات المرحلة.
 
طبعا لن نخوض في هذا المقال القصير في سرد كافة المتغيرات والتحولات التي وقعت منذ إقامة الحزب. لكن لا بد من الوقوف عند عدد منها، خاصة تلك التي تحمل إسقاطات على فكر وعمل الحزب. منها على سبيل المثال، أن فهمنا وتجربتنا كمجموعة، مثقفين وأحزاب سياسية، حول ماهية وأهداف دولة إسرائيل باتت أوضح من مرحلة أوهام أوسلو.
 
 في تلك المرحلة كان الخيار مواجهة النظام الإسرائيلي بخطاب يجمع ما بين المواطنة والانتماء القومي، وطرح تحدي دولة المواطنين كمشروع مضاد شامل للمشروع الصهيوني. هذا الطرح اقتصر بطبيعة الحال على حدود ال 48، بالتوازي مع تبني حل إقامة الدولة الفلسطينية في حدود ال 67. أي أن التجمع تبنى حلولا سياسية مختلفة لمنطقتين تقعان تحت منظومات سيطرة إسرائيلية.
 
فعلى سبيل المثال كان يمكن في السابق ولو بشكل نظري، أن تقوم دولة فلسطينية في حدود 67، دون أن تتحول إسرائيل إلى دولة مواطنين ودون أن تحل قضية اللاجئين. أي دون تغير النظام في إسرائيل. أما الآن، وبعد تجربة مسار المفاوضات، وتجربة هبة أكتوبر (داخليا) وانتفاضة الأقصى، والسياسات الإسرائيلية والخطاب الإسرائيلي، بات واضحا أن القضية الفلسطينية لا تقتصر على خلاف حدودي، ولا على موارد المياه، كما حاولت إسرائيل تسويقها. وبدل طرح حلول سياسية مختلفة للداخل والمناطق المحتلة عام 67، قد يكون الوقت قد حان للتعامل مع منظومة سيطرة إسرائيلية واحدة على كافة فئات الشعب الفلسطيني، لكن غايات وأدوات السيطرة مختلفة. إذ بات واضحا أن حل القضية الفلسطينية يتطلب تفكيك وكسر منظومة السيطرة الإسرائيلية. حينها يمكن الحديث عن تحول ديمقراطي في الداخل وإقامة دولة المواطنين، وإنهاء الاستعمار في مناطق ال 67 وإقامة الدولة الفلسطينية، وحينها يمكن تحقيق حق العودة.
 
 كسر منظومة السيطرة يتطلب، فيما يتطلب، دمقرطة النظام والمجتمع في إسرائيل وتحويلها إلى دولة مواطنين أو إلى دولة ثنائية القومية، أو نظام آخر يتفق عليه الشعبان. إذاً، تغير طابع الدولة سوف يؤدي إلى إنهاء الاحتلال لا العكس. لكن إعادة تعريف المشكلة-القضية والحلول يتطلب أيضا توضيح علاقتنا ووظيفتنا ومكانتنا في المشروع الوطني الفلسطيني، وهذا يحتاج تواصل واتفاق.
 
تطوير خطاب التجمع السياسي ممكن لأننا حزب قومي تقدمي لا يعمل ضمن حدود أنماط فكرية مقولبة تُلزم في الطرح والمواقف، كالفكر الشيوعي الأممي، أو الأحزاب الإسلامية. فكرنا يرمي إلى مستقبل أفضل، والتحرر من التبعية والسيطرة، ولا يشتري شرعيته من ماض بعيد.
 
بالتوازي لتطوير الخطاب السياسي هناك استحقاقات علينا إتمامها. مثلا، كان هناك تقصير، نظري وعملي، من قبل التجمع في جانب الدعوة لمأسسة المجتمع الفلسطيني وتحقيق إدارة ذاتية في مجال التعليم وإعادة بناء اللجنة القطرية وانتخابها مباشرة من المواطنين العرب. قد يقول البعض إن سبب هذا التقصير هو انشغال الحزب بالضروري على حساب الهام أحيانا، وعرقلة فئات سياسية حزبية أخرى لتطبيق هذا الطرح. قد يكون جزء من هذه الادعاءات صحيحا، لكنها لا تبرر الفتور في حرارة مطلب الإدارة الذاتية للتعليم وعدم تطويره فكريا وعمليا.
 
 يحب إعادة موضعة هذا الطرح في لب البرنامج السياسي والعملي للتجمع، وتوضيح العلاقة ما بين الإدارة الذاتية للتعليم، كحق متعارف عليه في المواثيق الدولية، وبين الحالة الاقتصادية، والاجتماعية، والإنمائية للفلسطينيين في الداخل، وأيضا مع حالة الانفلات الأمني المقصود الذي تعيشه الكثير من بلداتنا العربية. كما تعني الإدارة الذاتية للتعليم وانتخاب لجنة المتابعة تحمل مسؤولية تطور وتطوير المجتمع الفلسطيني ومستقبله وعدم إبقاء ذلك رهينة رغبات المؤسسات الإسرائيلية. وقد تعني على أرض الواقع تقاسم السلطة.
 
تحقيق أهداف انتخاب لجنة المتابعة والإدارة الذاتية للتعليم يتطلب، فيما يتطلب، خوضا مكثفا لمجال العمل البلدي والمشاركة في انتخابات السلطات المحلية. مما يفرض حاجة لمراجعة عميقة، في مؤسسات الحزب، لتجربة العمل المحلي البلدي ووضح استراتجيات عمل جديدة.
 
كما أن هناك أهمية للعمل البلدي في نشر فكر وطرح التجمع، وفي اكتساب آليات للتأثير على الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني. التجمع أدرك مبكرا أن التشديد على البعد القومي وحده أو البعد الخدماتي اليومي وحده غير كاف لبناء حزب يقود المجتمع الفلسطيني. فقط الدمج ما بين القومي والمدني، ما بين القومي والخدماتي هو النموذج الواقعي الأنجع للعمل السياسي الحزبي لدى الفلسطينيين في الداخل. من ضمن ذلك خوض العمل البلدي وطرح نموذج جديد مختلف، على الرغم من الصعوبات والمعيقات والتبعية التي تعاني منها السلطات المحلية العربي. يجب أن لا يثنينا عن ذلك النتائج المتواضعة للتجارب السابقة. ربما يجب تغيير أساليب العمل، لا التنازل عنه. فإذا كان حزب التجمع قد أدخل معاني جديدة لوظائف الأحزاب العربية في إسرائيل، وخلق وعيا جماعيا جديدا، وثقافة سياسية جديدة، يمكنه أيضا تغيير خطاب وأدوات العمل البلدي، والربط بينها وبين القومي.

التعليقات