09/06/2011 - 12:28

سفارات فلسطين في الخارج../ فهمي شراب*

وهناك من السفراء من يملك ولا يحكم، فهو يحضر ويجلس في مقعده ولكن عناصر أمنية مبتعثة هي التي تدير شؤون السفارة وتملي على السفير ماذا يفعل في ظل ضعف شخصية وزير الخارجية وعدم قدرته على المحاسبة والعقاب او حتى المراقبة

سفارات فلسطين في الخارج../ فهمي شراب*
كما وأن المرء يتعرض ولو مرة في حياته إلى ضربة شمس، أو صدمة كهربائية نتيجة التعرضبالخطأ لأسلاك الكهرباء العارية، فإنك أيها الفلسطيني لا بد وأن تصل لحقيقة عندماتفلح في الخروج من معبر رفح متجها إلى العالم الخارجي بأنك سوف تصطدم بما هو أشدألما وأشد ضراوة على النفس والجسد في آن واحد، وتقع طريحا لظلم ذوي القربى الأشدمضاضة من وقع الحسام المهند.. إنها دولة فلسطين في الخارج.
إنها سفارات فلسطين..واقع مؤلم لكل فلسطيني وطني غيور وحقيقة مرة لا بد ذائقها.

هناك إجماع حول أننانعاني من أزمة أخلاق لموظفي السفارات في الخارج، ولم أقابل شخصا امتدح أمامي أيسفارة ولو كذبا أو على سبيل المجاملة. فجميع الذين يلجأون للسفارة من أجل التدخللحل بعض المشاكل يكتشفون أنهم كالمستجير من الرمضاء بالنار.

فواقع مؤلم ومزربحق، سافر وسترى بأم عينك، ففي السفر فوائد جمة، ستستفيد حتى لو كانت التجربةمريرة، ستتعثر وأنت تمشي بــ سفير يبيع المنح الدراسية، وسفير آخر يوزع المنحلأقاربه الفشلة، وآخر يجمع التبرعات باسم الشعب الفلسطيني ليضعه في جيبه، وآخريتاجر بكل ما يدر عليه من مال، غائبا عن مقر عمله، مستغلا وضعه ومركزه، وآخر يساومبعض رجال الجاليات الأغنياء ويناصبهم العداء لأنهم قد يساهمون في التخفيف عن بعض مايعانيه أفراد وأبناء الجاليات مما يستدعي غيرة وغضب أعضاء السفارة ومن ثمة يرسلونفي طلبه بمناسبة أو بدون، ويرسلون له من يهدده وينذره بضرورة الرحيل.

وبما أنالسفراء لا يمشون ولا يتركون، وقليلا ما يموتون، فإنهم يعتبرون أن السفارة ملك لهموجزء من خاصاتهم ولا يتقبلون فكرة ترك السفارة لأحد، وكثيرا ما شهدنا رفض سفير تركمقر السفارة مستعينا برجال الدولة المضيفة، والذين أصبحوا إما من باقي رعيته أو ممنيستفيدون من تجارة مشتركة بينهم وبين السفير، إضافة إلى صداقاته بكبار المسؤولينالتي تشكلت إثر مكوثه وبقائه لأكثر من ثلاثة عقود أو زد عليهم قليلا، مما تشهدالساحة صراعات بين سفيرين، سفير قادم يريد أن يستلم السفارة، وسفير "مبلط" لايريد أن يترك، مما يتطلب من الرئيس إرسال بعثة توفيقية أو تفعيل مبدأ تدوير العمل هنا لكي يتم نقل واحد منهم إلى سفارة أخرى.

عموما منذ آخر احتكاك لي بسفارةفلسطينية في الخارج، وذلك ليس بالزمن البعيد إذا اعتبرنا أن مدة "شهرين" تعتبر وقتاقصيرا، فإنني قررت أن اكتب أجزاء قد تصل إلى عشرة على الأكثر أو خمسة على الأقل،أطلق خلالها العنان لقلمي الذي ظل مغلولا طوال الفترة السابقة وحبيسالبعض الظروف الذاتية.

إنها مسؤولية كبيرة في ظل عدم وضع أي آلية لتغيير الواقعالمعاش الآن وفي ظل خروج وزير الخارجية الفلسطيني المالكي، وهو مسؤول جميع السفاراتقبل فترة بسيطة، وفي عدة مناسبات، ليؤكد بأن "سفاراتنا في الخارج نظيفة ولا يوجدفيها فساد".

نريد أن نثبت بالدليل وبالأسماء وبالتجارب في قادم الأيام وفي الجزءالثاني خاصة عدة حقائق دامغة مغايرة، وذلك من خلال مناقشة ملف السفارات وفسادهاالمستشري والذي يطال جميع أفراد الجالية وفئة الطلاب خاصة، وسيساعدنا في ذلك شهاداتمن تضرروا من تصرفات موظفي السفارات وتجربتي الشخصية الغنية، وخاصة إنني مقتنع بأنالذي لا يشرب من بحر التجارب يموت عطشا في صحراء الجهل، ومن جهات إعلامية موثوقةمما يجعلنا نموت في سبيل قول الحق و كجزء من الشعب الذي يريد إسقاطالسفير.

كأفراد يمكن للمرء أن يغفل عن حقائق أو يخطئ وأنا أولهم ، وأي حسام لمتصبه كلالة.. وأي جواد لم تخنه الحوافر، ولكن ليس خطأ الفرد غير المسؤول كخطأرأس الدبلوماسية في البلد وممثليه.. سفاراتنا تعالج الخطأ والسهو بدوافع انتقاميةلا يشبهها إلا تصرفات الاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني.

رأينا بأم أعيننا سفراءيتجاوزون السبعين ويقاربون من عمر الثمانين، ولا يمكنهم أن يتحركوا ويقيموا الندواتوالاحتفاليات والمؤتمرات التي من شأنها أن تعلي وترفع من قيمة وأهمية فلسطينوالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني صاحب أعدل وأنبل قضية أخلاقية، وبذلك يفوتونفرصة ذهبية لبناء لوبي قوي في أوساط إسلامية وعربية ملائمة مما يضعف من حقوقالرعايا في الدولة المضيفة، ويقلل من قيمتهم وامتيازاتهم بفضل تقصير السفير وتغيبهعن المشهد والساحة الداخلية والنشاطات التي لا يشارك فيها أو قد يرسل من صبيةالسفارة ومنفعيها ما ينوب عنه ويمثله، وبذلك يجعل صورة الفلسطينيين رهينة تصرفاتصبي أخرق متعصب لا يعرف أن يكون محاميا عن نفسه، فكيف يكون محاميا ومدافعا عن بلدهووطنه!!

وهناك من السفراء من يملك ولا يحكم، فهو يحضر ويجلس في مقعده ولكنعناصر أمنية مبتعثة هي التي تدير شؤون السفارة وتملي على السفير ماذا يفعل في ظلضعف شخصية وزير الخارجية وعدم قدرته على المحاسبة والعقاب او حتىالمراقبة.

سنكتب ثم نكتب ثم نكتب، حتى يكتشف السفير الفاسد أن يوم العدل علىالظالم أشد من يوم الجور على المظلوم.

التعليقات