16/06/2011 - 23:14

كي يكبر التجمع بالشباب، والشباب بالتجمع / خالد عنبتاوي

تأبى الأحداث المتسارعة والمتتالية من حولنا إلاّ أن تستكتبنا، ولا عجب أو غرابة، وربما من الضروري، أن يحتد النقاش حول دور الشباب في الداخل الفلسطيني باعتبارهم وقود الثورات الأساسي، وقد تعدى دورهم في الثورات العربية الجارية من مجرد وقود إلى قيادة، ولم يفرمل لهيب الثورة عند أبواب فلسطين، كذلك "حبوب الهلوسة" الثائرة، التي أتى مفعولها في "هبة النكبة والنكسة"، إلاّ أنها ما زالت تعاني قصورا ما، يمنعها من الاكتمال والنضوج التنظمي والفكري، مما يجعلنا، ونحن على أعتاب المؤتمر السادس للتجمع الوطني، أن نقف متعمقين عند حال الشباب العرب، وأهمية دورهم في إتمام ودفع عملية نقل التأثر المعنوي من الثورات نحو التأثير العملي.

كي يكبر التجمع بالشباب، والشباب بالتجمع / خالد عنبتاوي

 

تأبى الأحداث المتسارعة والمتتالية من حولنا إلاّ أن تستكتبنا، ولا عجب أو غرابة، وربما من الضروري، أن يحتد النقاش حول دور الشباب في الداخل الفلسطيني باعتبارهم وقود الثورات الأساسي، وقد تعدى دورهم في الثورات العربية الجارية من مجرد وقود إلى قيادة، ولم يفرمل لهيب الثورة عند أبواب فلسطين، كذلك "حبوب الهلوسة" الثائرة، التي أتى مفعولها في "هبة النكبة والنكسة"،  إلاّ أنها ما زالت تعاني قصورا ما، يمنعها من الاكتمال والنضوج التنظمي والفكري، مما يجعلنا، ونحن على أعتاب المؤتمر السادس للتجمع الوطني، أن نقف متعمقين عند حال الشباب العرب، وأهمية دورهم في إتمام ودفع عملية نقل التأثر المعنوي من الثورات نحو التأثير العملي.

 ما من شك أن الساحة الفلسطينية في الداخل، في السنوات الأخيرة،  شهدت حراكا شبابيا مكثفا، تمثل بنشوء حركات شبابية محلية وطنية في شتى البلدات، "كخطوة"، "وأبناء ترشيحا"، "والشبيبة اليافية"، وغيرها، بالإضافة للأبحاث المختلفة التي تشير إلى أن الشباب الفلسطيني متجه نحو الفَلسطًنة لا الأسرلة (استطلاع جمعية بلدنا - معهد يافا 2009، سموحة 2009)، وما المظاهرات الأخيرة التي شهدتها كل من مدينتي اللد ويافا ببعيدة عنّا، فهي مرآة تعكس لنا مدى قدرة الشباب الفلسطيني على حشد، وتجنيد، وحتى قيادة المظاهرات، فلا بد لمن شاهد وحضر تلك المظاهرات أن يلمس، بالإضافة للحضور الشبابي البارز، ذاك الطابع الشبابي الإبداعي الذي تضمنته، الرافض لإحياء الذكرات الوطنية بصورة تقليدية مستهلكة، تماشيا والسياق الجديد الذي أنتجه الحراك الشبابي الاقليمي.

 وإذا كان الصراع مع المؤسسة الصهيونية، في العقود الماضية،  تمحور وتمركز في قضية الأرض، لا بد للقارئ المتعمق لسياسيات الدولة في العُشر الأخير، خاصة بعد الانتفاضة الثانية، وبعد أن صودرت معظم أراضي العرب، على الأقل في الجليل، الملاحظة  أن محور الصراع المركزي في هذه الفترة  يتمثل في "الصراع على الوعي"، وليس مجرد الوعي، إنما وعي الشباب، من هنا  فقد دأب التجمع الوطني، طوال مسيرته، العمل على تطوير الحيّز للحضور الشبابي، وبناء المؤسسات الحاوية له كاتحاد الشباب الوطني، والتجمع الطلابي، لتشكل بيوتا فكرية حاضنة للشباب، إلا أن الظروف الحالية وما تشهده  من تحولات، تترتب عليها انعكاسات جمة، تجعلنا نفكر جديا ومليا بضرورة  تعميق إطار العمل مع هذه الشريحة، ووضع الاستراتيجية لذلك على أجندتنا، بضمنها توسيع الحيز الشبابي في مؤسسات الحزب، وتشبيك العمل مع أطر شبابية غير حزبية، ومحاربة المشاريع التي تسعى لاحتواء ذات الوعي، آنف الذكر، كالخدمة "القومية-المدنية"، وتفعيل المراكز المؤسرِلَة، "كالشبيبة العاملة والمتعلمة وغيرها"، التي تجدر محاربتها ضمن عملية تنظيم الجماهير العربية في الداخل قوميا، من خلال بناء المؤسسات الوطنية، البناء الذي يرى به التجمع مشروع الحركة الوطنية.

تشير الاستطلاعات للانتخابات الأخيرة،  أن غالبية مصوتي التجمع هم من فئة الشباب، وأن غالبية هذه الفئة وضعت ثقتها بالتجمع، وإن هذا الحضور الشبابي في التجمع لا ينعكس فقط في تعداد هذه الشريحة في المؤسسات أو صناديق الاقتراع، فقد حضرت روحه في الفكر النيّر الذي استطاع من خلاله توسيع حيّز النقاش السياسي، ليس في الساحة الفلسطينية فحسب، إنما الاسرائيلية أيضًا، فارضًا بذلك خطابا يحمل فكرا شابا وروحا شابة، متحديا الطروحات المتحجرة التقليدية، موسعّا بذلك "المربع السياسي الفلسطيني".

 "احنا التغيير"، تلك المقولة التي تزينها صورة شباب\ات التجمع، لم تأت مصادفة، إنما لتعكس روح المؤتمر السادس للتجمع، واضعا قضية الشباب في رأس سلم الأوليات، للمساهمة بترجمة التأثر المعنوي من السياق الجديد نحو تأثير فعلي، وليس صدفة أيضا تعويم قضية "إعادة بناء وانتخاب لجنة المتابعة" على السطح، كونه يندرج تحت إطار بناء المؤسسات الوطنية، التي لن تقف عند بناء المتابعة، بل ستبدأ به لتشمل بناء المجلس الشبابي، واللجان الشعبية التي بأذرع شبابية، وتشبيك العمل الشبابي ككل، والحكم الذاتي الثقافي، وبناء المؤسسات الوطنية الأخرى على المستوى الاقتصادي، الاجتماعي والثقافي، هذا هو مشروع التحدي القادم للحركة الوطنية وللشباب الوطني التقدمي، الذي يتطلب تصعيدا على كافة المستويات، لا سيما الشعبي منها.. فضرورات المرحلة الآنية لا تقتصر على توسيع "مربع النضال الفلسطيني في الداخل"، ضمن الهامش الاسرائيلي وأداوته، كالبرلمان وغيره فحسب، المربع الذي أتقن التجمع الوطني "المراوغة به" وتوسيعه حتى بات "مزعجا" للمؤسسة الصهيونية، إنما بمستوى الخروج من هذا الهامش، بفرض أدوات نضال جديدة غير تلك التي تحددها السلطة، بالإضافة  لتأكيد وتطوير التوجه اليساري- التقدمي، صياغة هذه الأدوات، التي علينا إدراك أهمية بنائها،  لا تتم بسواعد جيل شاب "غاضب مختلف الملامح" فحسب، إنما بالإرداة والروح الشابة في الطرح، التي يتعيّن على مؤتمر الحركة الوطنية القادم إرساؤها.         

التعليقات