28/06/2011 - 12:32

الأسرى الفلسطينيون وأكاذيب نتنياهو../ راسم عبيدات

تشن حكومة الاحتلال حملة واسعة من الأكاذيب والتضليل والخداع حول أوضاع الحركة الأسيرة الفلسطينية في سجونها، فتارة يصفون أوضاع أسرانا وظروف حياتهم في سجونهم وزنازينهم وأقسام عزلهم بأنها فنادق خمسة نجوم، وهم في نعيم ليس بعده نعيم، وتارة يحرضون عليهم بشكل سافر من أجل تضيق الخناق عليهم وحرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية

الأسرى الفلسطينيون وأكاذيب نتنياهو../ راسم عبيدات
تشن حكومة الاحتلال حملة واسعة من الأكاذيب والتضليل والخداع حول أوضاع الحركة الأسيرة الفلسطينية في سجونها، فتارة يصفون أوضاع أسرانا وظروف حياتهم في سجونهم وزنازينهم وأقسام عزلهم بأنها فنادق خمسة نجوم، وهم في نعيم ليس بعده نعيم، وتارة يحرضون عليهم بشكل سافر من أجل تضيق الخناق عليهم وحرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية.
 
 وموجة التحريض تلك والتي تشارك فيها الحكومة الإسرائيلية تأتي من أجل امتصاص نقمة الشارع الإسرائيلي على تلك الحكومة فيما يخص الجندي الإسرائيلي المأسور "شاليط"، حيث ترفض حكومة الاحتلال الاستجابة لمطالب آسري "شاليط" بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب بهم المقاومة الفلسطينية.
 
 وما يبثه نتنياهو وأركان حكومته من أكاذيب وخداع وتضليل حول أوضاع أسرانا في السجون وفرض المزيد من العقوبات وتشديد إجراءات الاعتقال عليهم، هو لذر الرماد في العيون فتلك الإجراءات والعقوبات بدء العمل بها منذ فترة طويلة سواء من حيث منع الأسرى من استكمال دراستهم في الجامعات أو منعهم من التقدم لامتحان الثانوية العامة أو حجب القنوات الفضائية وإدخال الكتب والصحف وغيرها. وأيضاً العزل لقادة ونشطاء الحركة الاعتقالية، فهناك من هم معزولون منذ سنوات في أقسام الموت البطيء. وكذلك جرى الفصل بين الأسرى على أساس الانتماء السياسي منذ عدة سنوات.
 
 والتحريض ضد الأسرى الفلسطينيين لم يتوقف لحظة واحدة، فهناك من أعضاء حزب الليكود وقيادته من من وصف الأسرى الفلسطينيين بأنهم حيوانات بشرية، وآخرون، رداً على الإضرابات التي نفذها أسرانا في سجون الاحتلال احتجاجاً على ظروف وشروط اعتقالهم المزرية واللاإنسانية، من قال دعوهم يموتون في السجون جوعاً.
 
إن ما يمارس بحق أسرانا في سجون الاحتلال من انتهاكات سافرة لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية يرتقي إلى مستوى جرائم الحرب، حيث عمليات المداهمة والتفتيش اليومي التي تقوم بها ما يسمى بوحدات قمع السجون "نحشون" و"متسادا" تترافق مع عمليات قمع وانتهاك صارخ لكرامة وخصوصية الأسرى وتدمير ممتلكاتهم ومصادرة أغراضهم الشخصية. وهذه الوحدات وإمعاناً في إذلال الأسرى وتحقيرهم تجبرهم على التفتيشات العارية والمذلة، وأحياناً تترافق عمليات الاقتحام والغارات الليلية مع كلاب مدربة من أجل إرهاب الأسرى وترويعهم. والأمور تخطت كل الخطوط الحمراء، وتحت ذريعة وحجة البحث عن أجهزة هاتف خليوي مهربة، تقوم تلك القوات بهدم جدران وخلع بلاط غرف المعتقلين وتدمير كل محتويات الغرف، ومن ثم تقوم بتوزيع الأسرى على زنازين وأقسام العزل المختلفة وفي سجون مختلفة أيضاً.
 
عن أية فنادق خمسة نجوم وشروط مريحة يتحدث نتنياهو وأركان حكومته ووزراؤه لأسرانا؟ هناك الكثير من الأسرى منذ عشرات السنين لم يتمكن أهلهم وذووهم من زيارتهم تحت ذريعة ويافطة الأمن. وأي أمن هذا الذي يحرم عجائز وشيوخا جاوزت أعمارهم السبعين عاماً من الزيارة؟ والأنكى من ذلك أن آباء وأمهات لم يتمكنوا من زيارات أبنائهم تحت ذريعة عدم تطابق الأسماء..هذه هي السادية بعينها.
 
وماذا مع حرمان طفل من لمس يد والده ويحرم أب من احتضان طفله، حيث العازل الزجاجي بين الأسير وأهله، وعزل وزيارة يعد ويحصي فيها الاحتلال أنفاس الزوار، ويراقب حتى مشاعرهم وعواطفهم وخلجات صدورهم ودفقات قلوبهم؟
وهناك أكثر من 38 أسيرا قضوا في سجون الاحتلال وزنازينه أكثر من ربع قرن في ظل ظروف وشروط اعتقالية تفتقر الى أدنى شروط الحياة البشرية، ولم تتحرك أية حكومة أوروبية غربية ولا ما يسمى بمنظمات حقوق الإنسان من أجل العمل على إطلاق سراحهم، وحتى مطالبة حكومة الاحتلال بمعاملتهم كأسرى حرب، في الوقت الذي "تنعق" فيه ليل نهار من أجل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المأسور"شاليط" منذ مدة لم تزد على خمس سنوات.
 
أي شروط مريحة والأسرى المرضى يواجهون الإهمال الطبي المتعمد وعدم توفير وتقديم العلاج لهم، وهناك من كانوا يلفظون أنفاسهم الأخيرة وهم مكبلو الأرجل ومقيدو الأيدي على سرير المعتقل كما حصل مع الأسير الشهيد محمد حسن أبو هدوان الذي استشهد في 4/11/2004 في مستشفى سجن الرملة، دون أن يسمح لأي من أفراد أسرته وعائلته من إلقاء نظرة الوداع عليه.
 
التصريحات الإسرائيلية وأكاذيب نتنياهو وخداعه حول الأوضاع والشروط والظروف المريحة التي يعيشها أسرانا في السجون الإسرائيلية- قبور الأحياء، هي بمثابة إعلان حرب شاملة على الحركة الأسيرة الفلسطينية، الهدف منها ليس سحب كل المنجزات والمكتسبات التي حققتها الحركة الأسيرة الفلسطينية وعمدتها بالدماء والشهداء والتضحيات، بل هناك أهداف انتقامية وثأرية من هؤلاء الأسرى، وكذلك العمل على كسر إرادتهم وتحطيم معنوياتهم وهدم كل منظماتهم الاعتقالية والحزبية وإفراغهم من محتواهم الوطني وجعلهم في حالة دائمة من عدم الاستقرار، من خلال القيام بحملات تنقلات دائمة في صفوفهم.
 
إن هذه الحرب الشاملة التي تشن على الحركة الأسيرة الفلسطينية باتت تتطلب بناء إستراتيجية فلسطينية متكاملة. إستراتيجية تشارك في صوغها كل المؤسسات الحقوقية الفلسطينية، وكذلك المؤسسات التي تعنى بشؤون الأسرى مع وزارة شؤون الأسرى والمحررين واللجان الشعبية لأهالي الأسرى والأحزاب والفصائل والسلطة الفلسطينية من أجل قيادة تحرك جاد عربياً ودولياً لطرح قضية أسرى شعبنا الفلسطيني على المحافل الدولية من أجل تدويلها، والاعتراف بهم كأسرى حرب، وخوض أوسع معركة متواصلة شعبياً ورسمياً من أجل العمل على إطلاق سراح أسرانا القدماء، وبالذات جنرالات الصبر، والذين بدأت إدارات السجون الإسرائيلية بوضعهم في أقسام عزل خاصة.
 
وقضية بحجم قضية الأسرى يجب أن لا تقل أهمية عن القضايا الكبرى الأخرى اللاجئين القدس والاستيطان وغيرها، ومن الضروري أن ترتقي قياداتنا وسلطتنا وأحزابنا وفصائلنا وجماهير شعبنا إلى مستوى التحديات المطلوبة، فخطر الموت يتهدد جدياً حياة أسرانا في سجون الاحتلال وأقسام عزله وزنازينه، وكل يوم يمر ويمضي مرشح فيه أن يتحول عدد من أسرى شعبنا في سجون الاحتلال من شهداء مع وقف التنفيذ الى شهداء فعليين، وعلى العالم المتشدق بالحرية والديمقراطية والإنسانية،أن يكف عن ازدواجية المعايير والانتقائية.
 
أعطوني أسيرا واحدا في العالم قضى في السجن أربعة وثلاثين عاماً كنائل أو فخري البرغوثي وغيرهم من المناضلين، وما زالوا يتنقلون من سجن الى سجن ومن عزل إلى عزل. إنه عار علينا كثورة وأحزاب وفصائل وسلطة.. ثورة أو سلطة لا تستطيع أن تحرر أسراها من سجون الاحتلال لا تستحق الحياة، وعليها أن تبذل أقصى الجهود وتمارس مختلف أشكال الضغط والكفاح من أجل تحريرهم.

التعليقات