10/07/2011 - 09:43

نيابة عن وزيرة داخلية صاحبة الجلالة!../ عبد اللطيف مهنا

لأنه "تمكن من دخول المملكة المتحدة بالرغم من منعهمن الدخول"... هذا هو تبرير السيدة تيريزا ماي وزيرة الداخلية البريطانية لإقدام سلطاتها على اعتقال المناضل الفلسطيني الشيخ رائد صلاح وسجنه توطئة لإبعاده

نيابة عن وزيرة داخلية صاحبة الجلالة!../ عبد اللطيف مهنا
لأنه "تمكن من دخول المملكة المتحدة بالرغم من منعهمن الدخول"... هذا هو تبرير السيدة تيريزا ماي وزيرة الداخلية البريطانية لإقدام سلطاتها على اعتقال المناضل الفلسطيني الشيخ رائد صلاح وسجنه توطئة لإبعاده.
 
الوزيرة ذات مثل هذا المنطق، لم تكلف نفسها عناء أن تفسر لنا كيف يدخل ممنوع إلى بلد من أبوابه، كما يدخل سواه من غير الممنوعين، وكان دخوله عبر ذات الطرق المشروعة المعتادة، وتلبية لدعوة معلنة بهدف إلقاء محاضرة مقررة أمام أعلى هيئات هذا البلد التشريعية، بمعنى توفر العلم المسبق لمن قرروا أن يعتقلوه لاحقاً، ثم يحمّلونه مسؤولية مثل هذا الدخول ويعتقلونه بذريعته، وكأنما هو قد جاءهم متسللاً ودلف الى بلادهم متخفياً وبسبل غير مشروعة... ولم تقل لنا كيف لم يخطر الممنوع بالمنع سلفاً قبل قدومه؟!         
 
... وما دامت وزيرة الداخلية البريطانية لم تجب على مثل هذه الأسئلة البدهية، التي دارت بخلد البريطانيين قبل سواهم، فقد أعطتنا بهذا سبباً وجيهاً لكي نجيب نحن نيابة عنها عليها... لنقول:
 
إنه إنما كان وجهاً قبيحاً من أوجه التعاون التآمري العدواني العديدة المتبعة بين دولة الانتداب الاستعماري على فلسطين سابقاً ودولة الاغتصاب الاستعماري التي خلفتها من بعدها بعد مغادرتها، أو تلك التي كانت هذه الأم المنتدبة هي أول من باشرت في اصطناعها وزرعها في قلب دنيا العرب، أو في مقدمة باقي الأطراف الغربية الاستعمارية المتكاتفة حينها في عملية اختلاقها، ومن ثم رعاية وليدها اللاشرعي فيما بعد من عقود تلت النكبة الفلسطينية وحتى هذه الساعة... كان قراراً سياسياً، اتخذ على أعلى المستويات في "داونينغ ستريت"، وكان على الوزيرة الفصيحة، أو صاحبة الفضيحة، أن تبرره، حيث كما رأينا لم توفق في المهمة، وعلى مثل هذا الوجه المضحك المخجل...
 
قرار اتخذته بقايا لم تزل من روح عتيقه لإمبراطورية عجوز أفلت لكنها لا تنفك تتصابى استعمارياً، و تحنّ لماضيها الأسود المثقل بما ألحقته ولا زالت تلحقه نتائج دسائسها من مصائب بعديد أمم الأرض، وما خلفته سوابقها المكائدية من دواهٍ مستدامة لهذه الأمم، حيث لا تني تجنح ما استطاعت إلى تلك الأيام الخوالي... قرار كان على الوزيرة سيئة المنطق والحظ أن تجتهد على مثل هذا النحو غير الموفق في تبريره... وكان الأقل توفيقاً هو قولها، إن هذا الفلسطيني الداخل يشكل "خطراً على العامة في بريطانية"!
 
بكل بساطة، لقد اعتقلوا شيخ فلسطين ليمنعوه من إلقاء كلمته المقررة أمام مجلس عمومهم، أو حضور المؤتمر "حول فلسطين"... كان كل ما في الأمر، هو أن الشيخ المناضل المقاوم الفاضح لتركة البغي والجريمة المتواصلة الموروثة عن حكومة جلالتها، قد خرج من المعتقلات في وطنه المحتل ليدخلوه إلى معتقلاتهم، بعد أن ضاقوا ذرعاً بدوره النضالي الفاعل في وطنه المحتل، الأمر الذي من شأنه أن دغدغ غرائز مستوطني كيان الاغتصاب العدوانية ليطالب قائلهم حلفاءه بإدامة إبقائه في سجونهم وعدم السماح له بالعودة إلى وطنه فلسطين... كان قراراً صهيونياً وتنفيذاً أوروبياً، تماماً، كما يتعاونون الآن، تخريباً وتضييقاً ومنعاً، ضد سفن حملة متضامني "أسطول الحرية 2" المحتجزه الآن في يونان الفاقة، هذا البلد الذي يبتزون عوزه مستخدمينه نيابة عنهم في مد أسوار حصار غزة الإبادي ليصل حتى سواحل بلاد الإغريق... وهذا أمر معتاد لتقليد ابتزازي صهيوني تليد له مردوده في الغرب دائماً، وهم فيه جهابذة مبدعون... تقليد ترعرع وأخصب ويأتي أكله في ظل اللاأخلاقية الاستعمارية الغربية التي أفاد منها وأفادها، وحيث انسجمت مصالحهم مع مصالح المشروع الغربي التاريخي المعادي في بلادنا، و انضوت استهدافاتهم في سياقات استهدافاته وفي خدمتها.
 
الشيخ المناضل المعتاد على مثل هذه المكارة، لم ير فيما فعلوه به أكثر من "خلوة واستراحة" منحوها له في سياق معتاد حياة لفلسطيني يعيش قدره النضالي... لكنما ما جرى له سرعان ما تبعه فألقى ضوءاً على مفارقة تبعته، هى آخر هذه المآثر الغربية التي لا تنقطع الكاشفة عن ذات المعدن الاستعماري الغربي، حيث صمتت وزيرة داخلية حكومة جلالتها عن التبرير هذه المرة وابتلعت لسانها، تاركة للإسرائيليين التفنّن في اختلاق حكايات ضروب الخداع الإسرائيلي الحاذق بغية إخراج مجرميّ الحرب، عمير بيرتس، وزير حرب إسرائيل السابق، والجنرال دان روتشيلد، الذي كان منسقاً للاحتلال في الضفة الغربية، من بين براثن العدالة البريطانية، أو أن تمسهما طائلة مذكرات اعتقال، صدرت أو كانت على وشك الصدور بحقهما... هذه المرة، وتماماً كما كان الحال بالنسبة لوزيرة الداخلية البريطانية مع الشيخ المسموح الممنوع له بالدخول، لم يقل لنا الإسرائيليون، وهم يدبجون رواياتهم المزعومة المخلّصة لمجرميهم، بأن السر في نجاتهما كان يكمن في التعاون بين الأم الاستعمارية ووليدتها المستعمِرة، الذي سارع فأنذر المجرمَين المطلوبيَن للعدالة الإنسانية أن ارحلا، لأن مذكرتي الاعتقال قد صدرت أو هى على وشك الصدور...أنجيا بنفسيكما قبل أن يلزمنا القضاء باعتقالكما..!

التعليقات