19/07/2011 - 15:38

اللجوء إلى المقاومة وليس الأمم المتحدة../ د. معمر فيصل خولي*

وصل يأس السلطة الوطنية الفلسطينية من الشريك الاستراتيجي للسلام! الكيان الصهيوني وراعيه الاستراتيجي الولايات المتحدة الأمريكية محطته الأخيرة، حينما قررت القيادة الفلسطينية الذهاب في شهر أيلول القادم إلى الأمم المتحدة ـ وأشك في إصرارها على ذلك ـ للحصول على اعترافها بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وليس وفق قرار التقسيم عام 1947!، ستذهب القيادة الفلسطينية إليها، وكأن الشعب الفلسطيني المحتل تنقصه قرارات منها، للتأكيد على حقوقه المغتصبة من قبل الكيان الصهيوني من جانب والمفرطة بها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية من جانب آخر

اللجوء إلى المقاومة وليس الأمم المتحدة../ د. معمر فيصل خولي*

وصل يأس السلطة الوطنية الفلسطينية من الشريك الاستراتيجي للسلام!
الكيان الصهيوني وراعيه الاستراتيجي الولايات المتحدة الأمريكية محطته الأخيرة، حينما قررت القيادة الفلسطينية الذهاب في شهر أيلول القادم إلى الأمم المتحدة ـ وأشك في إصرارها على ذلك ـ للحصول على اعترافها بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وليس وفق قرار التقسيم عام 1947!، ستذهب القيادة الفلسطينية إليها، وكأن الشعب الفلسطيني المحتل تنقصه قرارات منها، للتأكيد على حقوقه المغتصبة من قبل الكيان الصهيوني من جانب والمفرطة بها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية من جانب آخر.

فالأمم المتحدة في 29-11- 1947، أصدرت قرار رقم 181، أشارت فيه إلى تقسيم فلسطين التاريخية إلى دولتين، دولة يهودية ودولة عربية.

والمفارقة العجيبة أن قرار التقسيم خصص 43.53 بالمئة من مساحة فلسطين التاريخية لقيام الدولة العربية عليها، في حين قبلت السلطة الوطنية الفلسطينية قيامها على 22 بالمئة، وهي ترى في ذلك منجزا وطنيا وقوميا وإنسانيا تستحق عليه التقدير.

واستمرت أجهزة الأمم المتحدة المختلفة كمجلس الأمن والجمعية العامة إصدار العديد من القرارات التي تؤكد على سيادة الشعب الفلسطيني على أرضه وحقه في تقرير مصيره، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر، القرار الذي أصدره مجلس الأمن على خلفية العدوان الذي شنه الكيان الصهيوني على دول الطوق العربي في 5-6-1967 قراره رقم 242، أكد على عدم شرعية الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية بما في ذلك الأراضي الفلسطينية. وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10- 12-1969 قرارها رقم 2535 أشارت فيه بشكل صريح إلى "شعب فلسطين" و"حقوقه غير قابلة للتصرف"، فقد كان هذا القرار الأول من نوعه الذي تشير فيه الجمعية العامة للشعب الفلسطيني بصفته "شعبا" له حقوق غير قابلة للتصرف. أما في القرار رقم 2672 الصادر في 18- 12- 1970، فقد ذكرت الجمعية العامة للأمم المتحدة أنها "تعترف لشعب فلسطين بالتساوي في الحقوق، وبحق تقرير مصيره بنفسه وفقا لميثاق الأمم المتحدة".

وفي القرار رقم 3236 الصادر في 22- 11- 1974، راحت الجمعية العامة "... تؤكد من جديد حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتصرف وخاصة: (أ) الحق في تقرير مصيره دون تدخل أجنبي، (ب) الحق في الاستقلال وسيادة الوطنيين..." وفي 10 -11-1975، أصدرت الجمعية العامة القرار رقم 3376، والذي وافقت بموجبه الجمعية العامة على إنشاء لجنة خاصة لتعنى بمتابعة ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة وغير قابلة للتصرف وأولها بالطبع حقه في تقرير مصيره دون تدخل أجنبي. ولتأكيد حق الشعب الفلسطيني في السيادة على أرضه المحتلة، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار رقم 43/ 176و 177 الصادر في 15-12-1988، والذي أبدت فيه موافقتها على القرار الذي اتخذ من قبل المجلس الوطني الفلسطيني في 15-11-1988، الداعي إلى قيام دولة فلسطين.

إذن قضيتنا ليست بحاجة إلى المزيد من تراكمية القرارات بقدر ما هي بحاجة إلى إرادة سياسية لتطبيقها، وهذه الإرادة لا تأتي من فراغ وإنما من الاستفادة من دروس الآخرين وان كانوا أعداءنا، فالحركة الصهيونية حينما عقدت العزم على إنشاء كيانها في فلسطين لم تتجه في ذلك الوقت إلى عصبة الأمم وإنما إلى المملكة المتحدة بوصفها الدولة ذات الثقل الكبير في بنية النظام الدولي آنذاك. فأصدرت لها وعد بلفور في 2-11-1917، وصادق الكونغرس الأمريكي عليه في عام 1922، ومع نهاية الحرب العالمية الثانية وبوادر انتصار دول الحلفاء بها، تزايد حجم النفوذ الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، لإدراكها بأنها ستكون إحدى القوى الرئيسية في بنية النظام الدولي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، لذلك حينما اكتمل مشروع الكيان الصهيوني على أرض فلسطين ولم يبق سوى الاعتراف القانوني لجأ زعماء الحركة الصهيونية للجمعية العامة للأمم المتحدة ومعهم الدولتان العظميان- آنذاك- الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، للاعتراف به.

فالأولى اعترفت بالكيان الصهيوني اعترافاً واقعيا تحول - فيما بعد- قانونيا، أما الثانية فمنذ البداية اعترفت به اعترافا قانونيا. وأصبح الكيان الصهيوني "دولة" بالمعنى القانوني والسياسي. وبإسقاط التجربة الصهيونية على السلطة الفلسطينية نتساءل، هل هي لديها نفوذ في مراكز صنع القرار في مؤسسات الدول الكبرى أو الإقليمية أو حتى دول عربية تمكنها من فرض الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية؟

وإن جاز لنا الافتراض، ولكي لا نسيء الظن ـ كعادتنا ـ بالكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، وخلافا لما أعلناه عن رفضهما بشأن إعلان الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومن منطلق تفاءلوا بالخير منهما تجدوه!، اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية في أيلول المقبل، بذلك ستصبح أول دولة في تاريخ الجماعة الدولية تخضع لاحتلال كامل، لكنها مستقلة!

بالنسبة للقيادة الفلسطينية ليس مهما أن تدخل القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية موسوعة "جينس" للعجائب السياسية، لكنني أسأل الهيئة الحاكمة في الدولة الفلسطينية المفترضة بوصفها إحدى أركان الدولة وتمارس عمل السيادة القانونية والسياسية على المستويين الداخلي والخارجي، هل قرار الاعتراف سيعمل على تغيير سياسة الأمر الواقع وهي سياسة الاحتلال؟

هل تستطيع هذه الدولة أن تمارس مظهرا من مظاهر السيادة، منها على سبيل المثال، سفر رئيس الدولة ووزرائه ومواطنيه من دون موافقة الكيان الصهيوني، هل تستطيع الدولة الفلسطينية استقبال البعثات الدبلوماسية؟ في 9-7-2011، انفصل رسمياً جنوبي السودان عن دولة السودان، وفي 15- 7- 2011، أصدرت دولة جنوبي السودان عملتها النقدية الخاصة بها، هل الدولة الفلسطينية قادرة على فعل ذلك؟ والقائمة تطول.

كان المفروض أمام التعنت الصهيوني والتحيز الأمريكي في الوقوف ضد طموحات الشعب الفلسطيني المحتل في تقرير مصيره، وإعمالاً لمبادئ القانون الدولي العام وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الأمم المتحدة، أن تعلن السلطة الوطنية الفلسطينية إن من حق الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال الصهيوني ممارسة ثقافته المقاومة المدنية والمسلحة من أجل تحرير أرضه، فالاحتلال ولا سيما الصهيوني لا يفهم إلا لغة الكلفة بالمعنى السياسي والاقتصادي وليس لغة القرارات.

"القدس العربي"
 

التعليقات