20/08/2011 - 10:26

المأزق السوري../ فلاديمير أحمدوف*

الوضع في سوريا يحتدم يوما بعد الآخر، وليس من المبالغة القول إن الأزمة السورية تدخل مرحلة الحسم. أما التنبؤ بما ستكون عليه النهاية، فليس بالأمر السهل، ولكنها، على أغلب الظن، لن تأتي بأمور طيبة

المأزق السوري../ فلاديمير أحمدوف*
الترجمة من الروسية: مجيد القضماني
 
الوضع في سوريا يحتدم يوما بعد الآخر، وليس من المبالغة القول إن الأزمة السورية تدخل مرحلة الحسم. أما التنبؤ بما ستكون عليه النهاية، فليس بالأمر السهل، ولكنها، على أغلب الظن، لن تأتي بأمور طيبة.
 
عدد من الدول العربية استدعت سفراءها من سوريا للتشاور. وتركيا (حليفة سوريا الأساسي) فقدت، كما يبدو، القدرة على الصبر والأمل. الولايات المتحدة توجهت بطلب إلى أنقرة والرياض بأن يحثا الأسد على التخلي عن السلطة، بينما روسيا، حتى الآن، وفية لسوريا ولا تنوي التوقف عن شحن الأسلحة إلى هذا البلد. وكذلك هو موقف إيران التي ناقش ممثلوها، في محادثات أجريت مؤخرا في موسكو – وفق ما تؤكده المصادر - سيناريوهات "إنقاذ" النظام السوري.
 
الصراع الحالي في سوريا يعود إلى طبيعة نظامها السياسي، وخصوصا في سنواته الأربعين الماضية، وبشكل أعم إلى التاريخ غير السلس لهذا البلد، والذي يبدو أنه قد دخل في مأزق انعدام الفرص. والسبب في ذلك، يعود، حسب رأيي، إلى أن القيادة السياسية اختارت أن تدير الأزمة عبر الجيش حصريا. والمثال الصارخ على ذلك، مدينة اللاذقية التي يرتعد الآن بحرها وأرضها وسماؤها. وإن كان الجيش لا يزال حتى الآن ثابتا في ولائه للأسد، ولكن الأنباء المتواردة تدلل على أن أجواء الوحدات العسكرية الموالية للسلطات "ليست جيدة إلى هذا الحد..".
 
الإصلاحات السياسية التي يقترح الرئيس السوري القيام بها، هي بالتأكيد جديرة بالملاحظة إن تجردنا من الوضع الحالي. وهي عمليا ذات الإصلاحات التي كانت أُدرجت في وثائق المؤتمر العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي عام 2005، ولكنها لم تر النور ولم تخرج إلى حيز التنفيذ. والمصيبة، أن تطبيق هذه الإصلاحات في الظروف الحالية، بات أقرب إلى المستحيل.
 
على السلطات السورية، قبل محاولة إصلاح أي شيء،  أن تعالج القضية الرئيسية - قضية الأمن والاستقرار. وهذا يستوجب القيام، على أقل تقدير، بأمرين اثنين:
 
1-    على المستوى السياسي – العودة إلى المعادلة التي كان أعلنها الرئيس السوري الحالي بُعيد تسلمه زمام السلطة في حزيران 2000، في لقاء له مع الكادر العسكري والأمني، حين قال إنه يحق للاستخبارات معرفة كل ما تفعله المعارضة، ولكن  ليس من حقها التدخل في أنشطتها. وقد سارت الأمور على هذا النحو إلى أن عاد بشار الأسد وتحدث في شباط 2001 ، أمام هذه الجهات نفسها عن "القدرة المحدودة على التحمل والصبر".
يجب على السلطة فسح المجال مجددا للمشاركة السياسية أمام المعارضة التي ترغب بالدخول معها في حوار سياسي. والحديث، بطبيعة الحال، عن المعارضة البناءة وغير المسلحة.
 
2-    على المستوى الأمني - قبل كل شيء يجب إخلاء شوارع المدن من الفرق المعروفة في سورية بـ"الشبيحة" وهي ذاتها معروفة في مصر بـ" البلطجية" وفي اليمن "البلاطجة". يجب سحب هؤلاء، بصورة نهائية، من الشوارع، وأن يطال ذلك أجهزة المخابرات أيضا. وهذا أمر مقدور عليه، كون هذه الأجهزة العسكرية والأمنية ( وهي التي شهدت في السنوات العشر الماضية إعادة هيكلة شاملة ) موالية على المستوى الشخصي للرئيس.
 
إذا ما تم الانتهاء من هذين الأمرين، فقد يلوح الأمل بأن تجري الأحداث باتجاه  "الحوار السياسي".
 
 في الوقت ذاته، تجدر الإشارة إلى أن الجيش السوري يمر الآن بوضع دقيق للغاية. على سبيل المثال، نحو 10 آلاف من المجندين الجدد، تهربوا من أداء الخدمة الإلزامية.. وبضعة آلاف آخرين تركوا صفوف القوات المسلحة. بعضهم غادر إلى تركيا، وبعضهم الآخر، خلع البزة العكسرية واختار الاختباء في مكان ما والتواري عن الأنظار على المشاركة في الأحداث. ومع ذلك، لا يجوز القول إن هؤلاء يشكلون قوة بديلة متمردة.
 
سوريا- بلد عربي فريد من نوعه. شهد 22 محاولة انقلاب عسكري منذ الاستقلال عام 1946 وحتى عام 1970. منها 8 محاولات ناجحة. لذلك، عندما جاء حافظ الأسد إلى سدة الحكم في تشرين الثاني عام 1970، في واحد من هذه الانقلابات العسكرية، قام بهيكلة الجيش وفق مبدأ خفض إمكانية أي انقلاب في المستقبل إلى الحد الأدنى الممكن، حتى على حساب الفعالية القتالية للقوات السورية على الجبهات الخارجية. ولهذا السبب، كانت مرتفعات الجولان هادئة، بدرجة ما، طوال الأربعين سنة الأخيرة..
 
قبل نحو أسبوعين، وبعد صدور قانون جديد للأحزاب السياسية، ظهرت ما تسمى بـ "مجموعة 41" من أجل الحرية الديمقراطية في سوريا (المبادرة الوطنية الديمقراطية – المترجم) ويرأس هذه المجموعة وزير الإعلام الأسبق، محمد سلمان، وتتألف أساسا من كوادر الحزب السابقين والعسكريين. وما صدر عنهم، يسمح بالتفكر في سيناريو أن تمسك بزمام السلطة في سوريا، في المستقبل القريب، "لجنة الدولة لحالة الطوارئ"*.
 
* (الإشارة هنا إلى المحاولة الانقلابية في الاتحاد السوفيتي عام 1991 التي قامت بها "لجنة الدولة لحالة الطوارئ" لإقصاء غورباتشوف عن الحكم بذريعة أن سياسته ستؤدي إلى تفكك الدولة السوفيتية-المترجم)

التعليقات