09/09/2011 - 18:16

بحـــرٌ لأيـلـول الجـديد/ حسن عبد الحليم

لم يكن في فلسطين دولة قبل عام 48 – لكن كان هناك شعب.

بحـــرٌ لأيـلـول الجـديد/ حسن عبد الحليم

هل يجب أن نعتذر لإسرائيل بعد أيلول وبعد تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الأخيرة، ونتوسل منها المغفرة على كل ما اقترفناه بحقها طوال العقود الماضية ونعرض عليها التعويض عن الأضرار والخسائر التي لحقت بها قبل عام 67؟! ونعترف لها بأننا كنا مضللين حين طعنا في شرعيتها ورفضنا قرار التقسيم، وتمسكنا بكذبة معتقدين أنها حق!؟

هذا ما يعنيه “استحقاق أيلول”، الذي يصح مع بعض الرتوش لأن يكون مطلبا إسرائيليا لا فلسطينيا.

هل يطالب “استحقاق أيلول” باعتراف دولي بمسؤولية إسرائيل عن نكبة الشعب الفلسطيني، ويحث المجتمع الدولي المنافق الذي تحكمه مصالح تقف إسرئيل في مركزها، على إحقاق الحق، وتطبيق حق العودة وإنصاف شعب عانى طوال ستة عقود ونيف من مشروع استئصالي إحلالي عنصري أراق أنهارا من الدماء وضم بين جنبات زنازينه مئات آلاف الأحرار.


رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أكد لنا هذا الأسبوع أن التنسيق الأمني سيتواصل على قدم وساق، ليلا نهارا، وأن المفاوضات خياره الأول والثاني والثالث، وأنه(أي عباس) لا يسعى لعزل إسرائيل أو نزع الشرعية عنها. وكشف لنا ايضا بأنه لا ينفك يحث الدول العربية على الاعتراف بإسرائيل (تصريحاته لوفد الأدباء الاثنين الماضي).


في تصريحات عباس جملة من المخاطر، أولا: هو يعترف بـ”شرعية” إسرائيل في الأراضي المحتلة عام 1948، وينسحب ذلك بأثر رجعي على ستة عقود من الصراع الدامي وينزع الشرعية عن نضال العرب والفلسطينيين طوال تلك الحقبة. ثانيا: يعترف عباس بأنه يطالب العرب بالاعتراف بإسرائيل في الوقت الذي تتنكر هي(إسرائيل) لكافة الحقوق الفلسطينية وتسعى لتهويد الإنسان والمكان. ثالثا: يؤكد بأنه متمسك بخيار المفاوضات مع إسرائيل كخيار واحد ووحيد، أي أنه لا يفكر أبدا بالخروج عن مظلة أوسلو أو الثورة على إسقاطاتها. أما التنسيق الأمني الذي تباهى به عباس فهو لا يقل خطورة عما ذكر أعلاه.


لا تنفصل الخطوة الفلسطينية الأخيرة عن مسيرة(خطيئة) أوسلو وتدور في فلكها، وهي امتداد لواقع الانكفاء العربي الذي تمثل بمبادرة السلام العربية. وما يسمى بـ”استحقاق” أيلول مستمد من روح حقبة هيمنة الاعتدال العربي، مع أن المتغيرات العربية تلعب لصالح القضية الفلسطينية المرشحة بقوة لاستعادة مكانتها كقضية العرب الأولى..


الم يكن حريا بالسلطة الفلسطينية أن تنتظر تشكل الواقع العربي الجديد، وأن تطالب العرب بسحب مبادرتهم والعودة للمواقف التي سبقتها، وتحطيم صنم أوسلو، وإعادة ترتيب سلم الأولوات بحيث يكون حق العودة في صدارته لا الدولة؟


نظرة سريعة على وثيقة “بيلين أبو مازن”، وعلى تصريحات عباس في وسائل الإعلام العبرية، لا تبقي مجالا للشك بأن حق العودة لا يشغل باله وليس من أولوياته، وما يؤكد ذلك هو قبوله وموافقته على البند المتعلق بحق العودة في مبادرة السلام العربية التي تخضع هذا الحق لإملاءات إسرائيل.


هل يمكن ان تحل القضية الفلسطينية التي بدأت بتهجير شعب واحتلال أرضه، دون عودة هذا الشعب وتعويضه عن سنوات المعاناة؟ لماذا تعرض السلطة الفلسطينية مشروع القرار على أنه أم المعارك؟ على ماذا ستحصل إذا ما نجحت بنيل الاعتراف؟ على قرار مجحف بقيام دولة على الورق على 22% من فلسطين يحل محل قرار التقسيم 181 الذي يمنحها حوالي 45%(كان قرارا مجحفا رفضناه حينها).


تدرك السلطة الفلسطينية وكل طفل عربي وفلسطيني أن أحدا لن يحرك ساكنا لتطبيق حتى هذا القرار المجحف، وسيكون مآله مثل الكثير من القرارات التي سبقته وتعفنت في أرشيف الأمم المتحدة، لكنه بالمقابل سيكون بيد أعداء الشعب الفلسطيني إقرارا بتنازل مسبق عن حق الفلسطينيين في وطنهم.


كل حل للقضية الفلسطينية لا يبدأ من النكبة وآثارها لن يفضي إلى حل، وكل اتفاق لا يضمن عودة اللاجئين الفلسطينيين هو ضرب من الوهم. حق العودة يجب أن يسبق مطلب الدولة، لم يكن في فلسطين دولة قبل عام 48 – لكن كان هناك شعب.






 

التعليقات