16/09/2011 - 13:30

واجبنا مساندة شعبنا الفلسطيني في استحقاق أيلول../ واصل طه*

المعركة الدبلوماسية الفلسطينية تحتاج إلى رصّ الصفوف الفلسطينية والاستعداد الشعبي لدعم هذا التحرك، فبدون مقاومة شعبية سلمية مساندة يصبح هذا التحرك ضعيفًا

واجبنا مساندة شعبنا الفلسطيني في استحقاق أيلول../ واصل طه*
التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة أحدث حراكًا دبلوماسيًا وسياسيًا ليس على مستوى المنطقة فحسب، بل على مستوى الساحة الدولية بطولها وعرضها.
 
فاستعداد الأغلبية من دول العالم للاعتراف بالدولة الفلسطينية بحدود الرابع من حزيران 1967 ليشمل الضفة الغربية بما فيها القدس العربية وقطاع غزة، أصبح معطى سياسيًا غير قابل للنقض دوليًا إلا في مجلس الأمن الذي يعطي الولايات المتحدة الحق بنقضه والضرب بالإرادة الدولية عرض الحائط.
 
الحراك السياسي الدولي لم يأت من فراغ، فقد جاء نتيجة لنضال الشعب الفلسطيني منذ انطلاقة ثورته المعاصرة 01.01.1965، هذا النضال الذي مرّ في كبوات عديدة ومدّ وجزر، حتى وصل إلى الحالة الحاضرة التي تمخضت بعد تجربة "سياسة المفاوضات فقط" التي لم تنتج ولم تجب على الحد الأدنى من طموحات الشعب الفلسطيني، في إقامة الدولة فلسطينية على 22% من أرض فلسطين التاريخية كتسوية تنازلت من خلالها القيادة الفلسطينية عن المطالبة بكافة الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1948.
 
وبالرغم من السير في المفاوضات على أساس ما ذكرناه أعلاه، لم تتجاوب إسرائيل مع الموقف الفلسطيني، وسحبت المفاوضات سنوات عجافًا راوغت فيه الفلسطينيين والعالم، بما في ذلك الدول الغربية والولايات المتحدة الذين أبدوا امتعاضهم من مواقفها في أكثر من تصريح، ولكن ليس إلى حد القطيعة، فالمصالح السياسية العليا للدول هي التي تقرر في في النهاية الموقف السياسي، وليس الامتعاض أو عدم الرضا من هذا الموقف أو ذاك.
 
فمصلحة أوباما مثلاً والحزب الديمقراطي اليوم وبعد التراجع الاقتصادي على مستوى الولايات المتحدة وزيادة البطالة فيها هو العودة إلى الحكم في الانتخابات القادمة، فلذلك نرى التصريحات المتشددة والرافضة من قادة الولايات المتحدة للحراك الدبلوماسي الفلسطيني الذي يحرج الولايات المتحدة ويكشفها على المستوى الدولي والإقليمي من خلال التهديد باستعمالها حق "النقض الفيتو" ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ويحرج الحكام العرب الذين أصبحوا عرضة للاهتزاز نتيجة للربيع العربي الذي أسقط ثلاثة أنظمة حتى الآن. لذلك لن تتوانى الولايات المتحدة عن البحث عن مخرج أو حل وسط، قد تقترحه في الدقيقة التسعين قبيل استعمالها لحق الفيتو كي تحفظ ما تبقى من ماء وجهها على المستوى الدولي والإقليمي. خاصة أن الولايات المتحدة قد أعلنت أنها مع الربيع العربي، ولكن موقفها يصبح خريفًا عندما يتعلق الأمر بالشعب الفلسطيني.
 
ولكن المعلومات الواردة من رام الله، تؤكد أن الجانب الفلسطيني لن يتراجع ولن يخضع لهذه الضغوطات التي تمارس عليه، وقد ورد ذلك أكثر من مرة على لسان رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس أبو مازن والعديد من القيادات الفلسطينية.
 
إذًا هناك تعنت إسرائيلي ورفض أمريكي للحراك الدبلوماسي الفلسطيني، هدفه الأساسي إفشال الطلب الفلسطيني بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود ال67، لتصبح عضوًا كاملاً في الأمم المتحدة. لما في ذلك من تداعيات سلبية على إسرائيل كدولة تحتل دولة. فيصبح إنهاء الاحتلال مطلبًا دوليًا غير مقصور على الفلسطينيين والعرب.
 
أما المحاذير العديدة التي أثيرت في أعقاب التحرك الفلسطيني والتوجه للأمم المتحدة، فهي محاذير جدية وجديرة أن تؤخذ بعين الاعتبار كالحفاظ على م.ت.ف كإطار تمثيلي لكافة أبناء الشعب الفلسطيني مع التأكيد على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
 
المعركة الدبلوماسية الفلسطينية تحتاج إلى رصّ الصفوف الفلسطينية والاستعداد الشعبي لدعم هذا التحرك، فبدون مقاومة شعبية سلمية مساندة يصبح هذا التحرك ضعيفًا، فالمطلوب فلسطينيًا من كافة الهيئات والفعاليات العمل والتعبئة الشعبية لهذا الاستحقاق والخروج للشوارع مطالبين العالم بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس المحتلة دولة ذات سيادة كاملة، وإنهاء الاحتلال البغيض الجاثم على صدور أبناء شعبنا في الضفة والقطاع.
 
وعليه فإن قيادة م.ت.ف والسلطة الفلسطينية، مطالبة بمد الجسور لكافة الهيئات والأحزاب، ومؤسسات المجتمع المدني العربي. و توطيد العلاقات معها كخطوة استراتيجية واستباقية من أجل الحشد الشعبي والرسمي لمظاهرات احتجاجية واسعة أمام السفارات الأمريكية في الدول العربية، لثني الولايات المتحدة عن استعمال حق الفيتو الذي يهدف إلى إفشال المطلب لدخول فلسطين للامم المتحدة كدولة كاملة العضوية. وإضافة  على هذا العمق العربي، هناك حاجة استراتيجية فلسطينية لتفعيل العمق الإسلامي ، كي يكون العمل الفلسطيني الديبلوماسي وازنا في الساحتين الدولية والإقليمية، ولكي تعلم الولايات المتحدة أن الشعب الفلسطيني لن يرضى أن يكون بعد حطبًا لنار انتخاب أوباما لدورة ثانية في البيت الأبيض، فهناك استحقاق سياسي وأدبي وأخلاقي على الولايات المتحدة دفعه لشعبنا.
 
أما دورنا نحن كفلسطينيين في الداخل يتلخص بالمساندة من خلال التظاهر والقيام بفعاليات مختلفة تدعم مطلب شعبنا بالحرية  والاستقلال وإقامة دولته المستقلة في الضفة  والقطاع وعاصمتها القدس العربية. هذه المساندة يجب أن تتجلى باصطفاف جميع القوى الفاعلة على الساحة العربية المحلية مع قوى السلام الحقيقية في الجانب اليهودي التي تؤيد المطلب الفلسطيني  بالدخول إلى الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية.
 
واجبنا نحن كأبناء للشعب الفلسطيني أن لا نقف مكتوفي الأيدي، بل هناك حاجة للتظاهر والاعتصام والإغاثة لأبناء شعبنا الذين يتعرضون للحصار في غزة والعقوبات التي قد تتحول إلى حصار وتجويع أيضًا في الضفة الغربية.
 
هذا الموقف هو الردّ الحقيقي على سياسة إسرائيل المتعنتة والرافضة لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.

التعليقات