20/09/2011 - 10:22

إنهم ي خ ا ف و ن‬!../ نبيل أرملي

فرغت جعبة إسرائيل، والولايات المُتحدة أيضا، من جميع وسائل التهديد "المُتعارف عليها" في منطقتنا، كالحصار والقتل والعنف، ولم يبق أمامها سوى التلويح بسلاح العقوبات الاقتصادية في وجه الفلسطينيين الذين قرروا التوجه للأمم المُتحدة لنيل اعتراف العالم بدولتهم المستقلة

إنهم ي خ ا ف و ن‬!../ نبيل أرملي
فرغت جعبة إسرائيل، والولايات المُتحدة أيضا، من جميع وسائل التهديد "المُتعارف عليها" في منطقتنا، كالحصار والقتل والعنف، ولم يبق أمامها سوى التلويح بسلاح العقوبات الاقتصادية في وجه الفلسطينيين الذين قرروا التوجه للأمم المُتحدة لنيل اعتراف العالم بدولتهم المستقلة.
 
داني أيالون، نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، يهدد السلطة الفلسطينية بتدمير الاقتصاد الفلسطيني الذي "أنعمت" به إسرائيل على الفلسطينيين في السنوات الأخيرة من خلال رفع الحواجز والسماح بدخول وخروج البضائع، وفسح المجال أمام حركة السياحة إلى مناطق السلطة وما إلى ذلك من خطوات. نفس نغمة التهديد استخدمها أيضا رئيس الحكومة نتانياهو عندما هدد مرارا وتكرارا بالثمن الاقتصادي الذي ستتكبده السلطة الفلسطينية إن قررت التوجه للأمم المُتحدة.
 
الأمريكيون من جهتهم لم يجدوا ما يهددون به الفلسطينيين سوى وقف المُساعدات الأمريكية للسلطة. أعضاء كونغرس من الحزبين صرحوا في الأيام الأخيرة بأن اعتراف الأمم المُتحدة بدولة فلسطين قد يكلف الأخيرة 520 مليون دولار من المساعدات الأمريكية للشعب الفلسطيني.
 
نكتب هذه السطور قبل أيام من موعد تقديم الطلب الفلسطيني للأمم المتحدة. ولا يمكننا أن نتنبأ بما سيحصل في الأيام القادمة. نراهن على إصرار السلطة لتنفيذ خطتها، لكن في المقابل قد تؤدي الضغوط الجبارة التي يمارسها الغرب على قيادة السلطة إلى قيام الأخيرة بتغيير خطتها في الدقيقة التسعين وعدم الذهاب إلى الجمعية العامة ومجلس الأمن لتتفادى إحراج إدارة أوباما وتتجنب العواقب الاقتصادية التي قد تنجم عن هذا التحرك.
 
نعتقد أن التهديدات الاقتصادية الباهتة التي تلوح بها إسرائيل والولايات المُتحدة لا تحمل في حقيقة الأمر أي معنى جدي. نظريا، تستطيع حكومة إسرائيل "تجفيف" الاقتصاد الفلسطيني، وهي خبيرة في ذلك، خلال بضعة أسابيع أو أشهر على أبعد حد. وما أهون من إعادة الحواجز وتقطيع أوصال الضفة ومنع حركة السكان ومحاصرة المدن الكبيرة ومنع إدخال وإخراج البضائع والتحفظ على أموال الجمارك والضرائب الفلسطينية وما إلى ذلك من أدوات تملكها إسرائيل لتنفيذ تهديداتها. أما الولايات المتحدة فيمكنها من خلال قرار رئاسي سريع إغلاق حنفية الدعم المالي لتجد السلطة نفسها بين ليلة وضحاها على شفا الإفلاس.
 
أما عمليا، فنراهن أن لا إسرائيل ولا أمريكا ستجرؤان على تدمير السلطة اقتصاديا عقابا لها على عنادها للحصول على اعتراف العالم بها كدولة. لا يعني ذلك عدم فرض بعض الإجراءات العقابية الخفيفة هنا وهناك، لكن الأمور ستنتهي عند هذا الحد فقط لأن لا مصلحة لأي طرف من الأطراف، وعلى رأسهم إسرائيل ذاتها، في تدمير السلطة الوطنية الفلسطينية التي هي نتاج أيديهم في نهاية المطاف.
 
الكل يعلم أن تدمير السلطة اقتصاديا يعني تدميرها سياسيا وإداريا، وأن الطريق التي ستبدأ بالعقوبات الاقتصادية الشديدة ستنتهي سريعا بتفكك السلطة وباندلاع أعمال العنف والفوضى واضطرار إسرائيل إلى إعادة احتلال المدن الفلسطينية وربما قيام حماس باستغلال الفرصة للسيطرة على زمام الأمور، فهل تريد إسرائيل وأمريكا واقعا جديدا كهذا؟ الجواب معروف، وخاصة للقيادة الفلسطينية التي لم تكسب قلب الأسد على حين غرة بل فهمت هذه المرة اللعبة كما يجب.

التعليقات