10/11/2011 - 10:06

هل يتدخل الناتو عسكريا في سورية../ خالد خليل

الحرب على إيران بسبب ما يسمى التسلح النووي ليست واردة في الوقت الحالي، خاصة وأن المعلومات التي نشرها تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليست جديدة ولا توفر أساسا متينا لمخاوف حقيقية كما ذكرت تقارير غربية عديدة

هل يتدخل الناتو عسكريا في سورية../ خالد خليل
الحرب على إيران بسبب ما يسمى التسلح النووي ليست واردة في الوقت الحالي، خاصة وأن المعلومات التي نشرها تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليست جديدة ولا توفر أساسا متينا لمخاوف حقيقية كما ذكرت تقارير غربية عديدة.
 
والحملة التي تطلقها إسرائيل بشأن تسديد ضربة جوية للمنشآت النووية الإيرانية لا تعدو كونها حملة إعلامية بإمكانها تحقيق هدف فرض عقوبات جديدة على إيران في أقصى الحالات.
 
المعركة الحقيقية في الشرق الأوسط اليوم هي على رأس النظام السوري والمقاومة اللبنانية والفلسطينية في غزة. حيث أن أولويات الأمن القومي في إسرائيل تتمحور بداية في وجود قوة عسكرية كبيرة في لبنان تهدد بشكل فعلي وإستراتيجي جبهتها الداخلية، وليس هناك أفق لتقويضها بدون ضربة عسكرية، خاصة بعد المحاولات المتواصلة بعد حرب 2006 للقضاء على هذه المقاومة من خلال إثارة الصراعات الداخلية والدعم اللا محدود لفريق 14 آذار ليقوم بهذه المهمة داخليا من خلال تأجيج الفتنة المذهبية والصراع الطائفي، وزج المقاومة فيهما لإضعافها وإفقادها شعبيتها وشرعيتها، وبالتالي الانقضاض على سلاحها وقدرتها العسكرية.
 
هذه المحاولات فشلت فشلا ذريعا، لكنها تعود إلى الحياة هذه الأيام في لبنان وسورية معا، خصوصا مع تأزم الوضع الداخلي السوري، وإذكاء حالة من الصراع المعقد والمركب، مفتوحة على كافة الاحتمالات.
 
إسرائيل وحلف الأطلسي ومعهم جميع العملاء العرب سيضعون ثقلهم في الساحة السورية من أجل إسقاط النظام الحليف الرئيس لإيران والرئة التي تتنفس منها المقاومة.
 
وفقا لحسابات الناتو وإسرائيل الأمنية، فإن القضاء على هذا النظام يعني القضاء على المقاومة وضربة قاصمة لإيران في ذات الوقت، تصبح بعدها مسألة تقديم التنازلات في الملف النووي ناجزة من الجانب الإيراني دون جهود كبيرة.
 
في المرحلة الراهنة تمحورت الجهود الغربية والتركية والإسرائيلية حول ضرورة إسقاط النظام السوري من الداخل دون أي مظاهر علنية للتدخل العسكري الخارجي. وقد لعب الأمراء في الخليج العربي، بالإضافة إلى تركيا وأجهزة مخابرات بعض الدول العربية في المنطقة دورا أساسيا حتى اللحظة في إبقاء الصراع المسلح داخل سورية مشتعلا، بما لا يعطي فرصة حتى للحوار الداخلي. حيث تراهن هذه الأطراف أن مواصلة التسليح والاقتتال ستزيد عنف القوى الأمنية السورية مما يؤجج ويفاقم حالة الاحتقان الشعبي إلى حالة شاملة في جميع أنحاء الوطن السوري عصية على التراجع.
 
وهكذا طلبت أمريكا من المسلحين، فور موافقة الحكومة السورية على المبادرة العربية، عدم إلقاء السلاح والاستمرار بالحرب على السلطة. هذا المطلب سيكون "ثمنه" بالنسبة للمسلحين ومن يقف وراءهم، المطالبة بالتدخل العسكري من قبل حلف الناتو، وهذا ما يحصل هذه الأيام بالفعل. والناتو كما هو معلوم لا يرفض مبدئيا التدخل العسكري في سورية، بل يبدو أن هناك خلافات داخله في هذا الصدد متعلقة بحسابات وتعقيدات كثيرة مرتبطة بهذا التدخل، منها حساسية الموقع أو المواقع التي ستنطلق منها طائرات الحلف لقصف القوات السورية، ومنها كذلك التقديرات المتناقضة المتعلقة بمدى قوة وتماسك النظام السوري الذي كما تشير تقارير عدة ما زال يسيطر على الوضع الأمني داخل البلد رغم شدة الاقتتال والتوتر، وما زال بإمكانه الرد بقوة على أي تدخل عسكري خارجي.
 
هذا بالإضافة إلى تخوف بعض الدول الغربية من تفجر حرب شاملة في الشرق الأوسط جراء أي خطوة عسكرية خارجية. مع العلم أن روسيا والصين ترفضان التدخل العسكري الخارجي وتدعمان النظام السوري.
 
إسرائيل التي تتشدق ليل نهار بقوتها العسكرية وتهدد بضرب إيران، تراهن تحديدا على خيار تدخل الناتو العسكري في سورية، وربما تراهن أيضا على تدخل إيراني في هذه الحالة، مما يخلق مبررا جديا لحرب غربية على إيران تقودها أمريكا والناتو، وربما لن تطلق فيها إسرائيل طلقة واحدة على إيران، لأنه من المتوقع أن تكون مشغولة بحربها على لبنان وسورية وربما غزة أيضا.
 
هذا السيناريو المحتمل يواجه عقبات كثيرة قد يكون من ضمنها موقف تركي رافض للحرب أو موقف مصري مناهض بهدي الثورة المصرية المجيدة. ومن ضمنها أيضا، وهو الأهم، تفعيل قوي ورادع لاتفاقية الدفاع المشترك بين إيران وسورية وحزب الله بناء على إستراتيجية معدة سلفا لمثل هكذا احتمالات.
 
ومما لا شك فيه أن مسألة تدخل الناتو في سورية عسكريا ليست حتمية، لكنها واردة وأقل كلفة هي وتبعاتها المذكورة أعلاه من حرب مباشرة تقودها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران بذريعة التسلح النووي الممجوجة. حيث أنه من المؤكد هناك أسباب إستراتيجية أخرى خلافا للملف النووي تستدعي محاربة إيران وسورية والمقاومة في لبنان وفلسطين، وهي معروفة جيدا في حسابات الأمن القومي الإسرائيلي والأمريكي والغربي الامبريالي بصفة عامة، وتحديدا مسألة الإجماع من قبل هذا المحور على موضوعة زوال إسرائيل وإفشال المشروع الأمريكي الامبريالي في المنطقة.   

التعليقات