14/11/2011 - 09:32

الحرب على إيران: لغط للتورِيَة!../ بسام الهلسه

لا نرى، في المقالات والمساجلات والتسريبات والسيناريوهات التي تمتلئ بها وسائط الاعلام، عن قرب قيام (إسرائيل) بشن هجوم على المنشآت النووية الايرانية، سوى لغطٍ وغبار مثار لأسباب عديدة لا علاقة لها بحكاية الهجوم الوشيك شبه المُعلن. فقادة (إسرائيل) هم اكثر من يعرف أن القرار بالهجوم على إيران أكبر منهم ومن قدرة دولتهم على تحمل تبعاته وتداعياته. ويتعلق تحديداً بإرادة الولايات المتحدة أولاً، وبدول حلف "النيتو" ثانياً، وبأطراف أخرى دولية وإقليمية معنية، أخيراً

الحرب على إيران: لغط للتورِيَة!../ بسام الهلسه
لا نرى، في المقالات والمساجلات والتسريبات والسيناريوهات التي تمتلئ بها وسائط الاعلام، عن قرب قيام (إسرائيل) بشن هجوم على المنشآت النووية الايرانية، سوى لغطٍ وغبار مثار لأسباب عديدة لا علاقة لها بحكاية الهجوم الوشيك شبه المُعلن. فقادة (إسرائيل) هم اكثر من يعرف أن القرار بالهجوم على إيران أكبر منهم ومن قدرة دولتهم على تحمل تبعاته وتداعياته. ويتعلق تحديداً بإرادة الولايات المتحدة أولاً، وبدول حلف "النيتو" ثانياً، وبأطراف أخرى دولية وإقليمية معنية، أخيراً.
 
فلو كان أمر الهجوم بيد (إسرائيل)، وفي نطاق قدرتها المنفردة، لما توانت لحظة واحدة عن تنفيذه، مثلما فعلت من قبل بالمشروع النووي العراقي الذي أرسلت طائراتها لوأده في مهده قبل أن يكتمل ويقف على قدميه. لكن "العين بصيرة واليد قصيرة" كما يقول المثل. وأقصى ما تستطيعه (إسرائيل) هو إثارة الضجيج والتوتر بين حين وآخر، لإبقاء الموضوع النووي الإيراني مدرجاً كموضوع ساخن له الأولوية على جدول أعمال أميركا ودول النيتو، وتحريضها على فعل كل ما يلزم بشأنه.
 
مشكلة (إسرائيل) تكمن في أنها لا تستطيع توقع وتحمُّل نتائج أي هجوم تقوم به، وبخاصة وأنه لن يكون مجرد غارة واحدة خاطفة تنتهي بعودة طائراتها بسلام. فعمل كهذا لن يكون مجدياً وذا قيمة حقيقية مع تعدد، وانتشار رقعة المواقع الإيرانية- التي يفترض استهدافها بالقصف- على مساحات متباعدة، ومع توفر الحماية الدفاعية لها كما هو متوقع. ومن شأنه أن يعزز الجبهة الداخلية لإيران، التي سترى قيادتها في الهجوم (الإسرائيلي)-إن وقع- فرصة ملائمة لتقديم نفسها كممثلة للتطلعات الوطنية الإيرانية، وكمدافعة عن العرب والمسلمين، تتصدى لعدوهم التاريخي اللدود (إسرائيل). ومع ترجيح قيام إيران-مسنودة بحلفائها- بالرد على أي هجوم- فلنا أن نتخيل ما سيحل بجبهة (إسرائيل) الداخلية التي تكشفت هشاشتها على الملأ، وهو ما تبينه بجلاء سلسلة المناورات والتدريبات التي تجريها (إسرائيل) منذ سنوات، والتي تدور حول فرضيتين محوريتين: تقدير مدى الرد المضاد، وضمان أمن وتماسك الجبهة الداخلية.
 
ما سيحدث إذا، ليس مجرد غارة تسدل بعدها الستارة، ويصفق الجميع فرحين! بل سلسلة ضربات جوية وصاروخية متبادلة متوالية قد تتطور إلى حرب إقليمية شاملة، إذا ما اشتركت فيها قوى أخرى.
 
ومع معرفتنا بما لدى (إسرائيل) من قدرات عسكرية عالية تمكنها من إلحاق خسائر ودمار كبيرين، إلا أننا نعرف أيضاً نقطة ضعفها البنيوية الموجعة، ألا وهي عدم قدرتها على تحمل الثمن الذي يتوقع أن تدفعه مقابل ما تريد إنجازه. وهذا بالذات ما يعرفه قادتها أكثر من أية جهة في العالم. وهو العامل الذي يردعهم عن القيام بالهجوم، الذي يتركون لوسائط إعلامهم أن تتداوله وتثرثر حوله كما لو أنهم يقولون للآخرين: انظروا! نحن هنا. لا تنسوا هذا! تعالوا وتحدثوا معنا حول ما نريده!
 
ولأن الولايات المتحدة هي صاحبة الأمر والولاية في هذا الموضوع، فعلينا أن نراقب بانتباه ما تفعله بهذا الخصوص. وحتى الآن لا يبدو لنا أننا أمام حرب قريبة قادمة. وما لم يتغير  "الوضع على الأرض"- كما يقول العسكريون- بالنسبة لحشد، وانتشار، ونوعية، وحجم القوات الأميركية في المنطقة، فإن علينا أن نفكر بالغايات والأهداف الأخرى التي تتوخى (إسرائيل) وحلفاؤها تحقيقها من افتعال كل هذا اللغط الدائر والغبار المثار. فقد نكون نحن العرب أحد هذه الأهداف المتوخاة- وربما أهمها- إلى جانب الهدف المعلن المتعلق بالضغط على إيران: لمساومتها تحت التهديد إن أمكن، أو اتخاذ إجراءات عقابية جديدة ضدها في الهيئات والمحافل الدولية.
 
أم ترانا نسينا أن الإعلام هو أداة من أدوات التضليل والتورية؟

التعليقات