18/12/2011 - 14:11

هل ماتت جينات الانتفاضة؟! لماذا يتظاهر الفلسطينيون في الداخل وحدهم؟! / علي عبيدات*

ألا يستهدف مخطط "برافر" الوجود الفلسطيني، ألا يعد "ترانسفيرًا" جديدًا يتهددنا جميعًا على أبواب نكبةٍ أخرى، ألا يستدعي ذلك الجميع للخروج صارخين في وجه الوحش الاستيطاني الذي يصادر أرضنا على امتداد مساحة الوطن.

هل ماتت جينات الانتفاضة؟! لماذا يتظاهر الفلسطينيون في الداخل وحدهم؟! / علي عبيدات*

في خضم الحملة الاسرائيلية الشعواء ضد أهلنا الصامدين في النقب، والحراك الشبابي والشعبي لأهلنا في الداخل من أم الرشراش إلى الناقورة، يظهر سؤالٌ كبير، أين بقية الشعب من هذا الحراك وهذه المعركة على كل حبة تراب؟

وفي الوقت الذي لا بد فيه أن نحني الهامات لشعبنا في الداخل الفلسطيني على وقفتهم الجادة، قيادةً وجماهيرًا وحراكًا شبابيًا، وأن نشيد بما حققوه خلال الإضراب وتعريتهم للعنصرية الاسرائيلية، نتساءل لماذا لم يخرج الفلسطينيون في القدس والضفة وغزة لنصرة إخوانهم؟

ألا يستهدف مخطط "برافر" الوجود الفلسطيني، ألا يعد "ترانسفيرًا" جديدًا يتهددنا جميعًا على أبواب نكبةٍ أخرى، ألا يستدعي ذلك الجميع للخروج صارخين في وجه الوحش الاستيطاني الذي يصادر أرضنا على امتداد مساحة الوطن.

لماذا يتداعى الفلسطينيون في الداخل لنصرة نصفهم الثاني في المناطق المحتلة عام 67، ويهبون في وجه الغطرسة الاسرائيلية، ويقدمون الشهداء والجرحى والمعتقلين، ويسطرون معارك خالدة في مجابهة المحتل، بدءًا من يوم الأرض، مرورًا بهبة أكتوبر، ووصولًا إلى الحرب الأخيرة على غزة.

أم أن سنواتٍ طويلةٍ عجاف، من عمليات "التدجين" التي تعرض لها شعبنا في الأرض المحتلة عام 67، والهجمة الأمريكية الغربية على العقول الفلسطينية من خلال المشاريع التي دقت أبواب مختلف الفصائل من اليسار إلى اليمين، أتت أُكُلَها، فصار الحجر دولارًا، والثائر سمسارًا.

وبات الحديث عن حيفا ويافا، خلال الندوات والورش المدعومة غربيًّا، وأمريكيا عبر الـ “USAID”، ووزارة الخارجية الأمريكية، حديثًا إرهابيًّا وتحريضيًّا، وغير مشجعًا لفرص السلام في المنطقة، فتغيرت وتبدلت أفكار جيلٍ كامل، فصارت فلسطين مترًا هنا، وشبرًا هناك، وبات الجميع يفكر على قاعدة "اللهم نفسي".

أم أن الفلسطينيين في القدس والضفة وغزة، لم يعودوا يعرفون أصلاً معنى التظاهر، وأنهم أيضًا لا يتظاهرون ضد الاستيطان والاقتحامات وتهويد القدس، وسقطت دفاعاتهم أمام فيروس أوسلو، وما تبعه من بكتيريا المشاريع الغربية.

وإذا ما ذهبنا إلى الصراحة أكثر، فإن روّاد التظاهرات في الضفة، وإن كانت أقل المقاومة والرفض والثّورة (إيمانا)، تحولوا فجأة إلى رواد مشروعاتٍ، وتمويلاتٍ، ومؤتمراتٍ، ومحاضراتٍ، بدعم مشروطٍ من هنا وهناك.

ولا بد من الإشارة أيضًا إلى أن القيادة بمختلف مسمياتها، ولا أستثني منهم أحدًا، غادرت الشارع إلى الغرف المكيفة، ولم تعد تقود الجماهير على خطوط المواجهة، بل باتت تنظّر عليها في افتتاح ماسورة ماء هنا، ومعرض منتوجات هناك، وصار البروتوكول دينًا جديدًا، بعد أن كانت الثورة العقيدة.

ولكي لا أكون سوداويًّا تمامًا، وكما تقول جدتي دائما "إن خِلْيَتْ بِلْيَتْ"، فلا بد أن نسجل محاولاتٍ هنا وهناك، اتخذت طابعًا شخصيا في معظم الأوقات، لا زالت تؤمن بأن فلسطين واحدة، ولا تقبل القسمة، وهمُّ حيفا هو همُّ القدس ورام الله.

وفي هذا السياق، أذكر مرّةً أني تحمست كثيرًا مع بعض الرفاق من القدس، للمشاركة في مسيرةٍ دعا لها الحراك الشبابي في الداخل على مفرق وادي عارة، ورحت أصب بنات أفكاري تجاه كتابة شعاراتٍ منددة بسياسية المصادرة والتهويد، وألغيت المسيرة وقتها لعدم الترخيص.

وفي مرةٍ أخرى، بادرنا ومجموعة من الزملاء العاملين في الإعلام، لترجمة نصٍ كتبناه للأهل في اللد والعراقيب، إلى عملٍ فني، ونجحنا، وافتخرت به جدًّا كمقدسي، وشعرت أني أنجزت بضعًا من شيء على طريق إيماني المطلق بخريطة فلسطين الواحدة، من بحرها إلى نهرها.

ولا بد من أن نعرج هنا على مباردة الحراك الشبابي الفلسطيني، لنصرة المهجرين في اللد والعراقيب، عبر مهرجانٍ فنيٍ نظم الصيف الماضي في قصر رام الله الثقافي، وإن كان أغلب حضوره من الداخل الفلسطيني.

وفي النهاية، يبقى السؤال الكبير، أقضت عمليات التدجين ومشاريع "الإن جي أوز"، على حس المشاركة الشعبية والجماهيرية في الأرض المحتلة عام 67، فلم يعودوا يتظاهرون ولا ينتفضون لشيء، أم أنه هدوءٌ يسبق العاصفة؟! 

التعليقات