30/12/2011 - 17:06

دعاية مدمرة مقابل تخطيط بناء / سعيد أبو سمور وبروفيسور أورن يفتحئيل*

ردا على مقال لـ د. عامر الهزيل "ملاحظات على مخطط البديل للقرى غير المعترف بها في النقب" موقع عــ48ـرب 22/12/2011.

دعاية مدمرة مقابل تخطيط بناء / سعيد أبو سمور وبروفيسور أورن يفتحئيل*

دعاية مدمرة مقابل تخطيط بناء: توضيحات بشأن المخطط البديل للاعتراف بالقرى العربية في النقب

حق الرد: ردا على مقال لـ د. عامر الهزيل "ملاحظات على مخطط البديل للقرى غير المعترف بها في النقب" موقع عــ48ـرب 22/12/2011.

ما هي الدعاية؟ يقول المعجم "إنها استخدام محرف للمعلومات من أجل المسّ بإنسان أو هيئة بغير حق، وبشكل عام من أجل مصلحة شخصية أو جماعية"، ومقالة د. عامر الهزيل في موقع عــ48ـرب تقع ضمن هذا التعريف، فهو يحرف الحقائق متعمدا من أجل التوصل إلى "إنجاز" يعتبر في حالتنا هذه مدمرا - المس بمخطط المواطنين المستضعفين في إسرائيل - سكان القرى العربية غير المعترف بها، والتي تواجه بالضبط تهديدات هدم وتهجير لم يسبق لها مثيل، وبكلمات أخرى "دعاية مدمرة مقابل تخطيط بناء".

وكمخططين مهنيين ملتزمين تجاه العرب البدو، فإننا منفتحون أمام أي نقد يغني المخطط الذي نعمل عليه، من خلال المحافظة على مبادئ المجلس، ولكن التهم التي تكال لنا، كما أسلفنا، ليست نقدا، وإنما دعاية تستند إلى تجميع أنصاف جمل من هناك وهناك، وإخراجها من سياقها، وحياكتها على شكل قصة خيالية محرفة، كأنما مخطط المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها يعمل من أجل تطبيق مخطط برافر الذي يسعى، كما هو معروف، إلى تهجير عشرات الآلاف من البدو من قراهم التاريخية.

وجهنا الدعوة عدة مرات لـ د. عامر الهزيل لإجراء مشاورات، وأرسلنا له مواد المخطط، كما كان عريفا لمؤتمر كبير في الجامعة، حيث عرضنا المخطط، ولكنه لم يوجه أي ملاحظات إلى حين خروجه غير المسؤول إلى وسائل الإعلام.

ولإطلاع الجمهور، فمن المهم أن نعطي أمثلة مختصرة تشير إلى أن تهم د. الهزيل باطلة، نبدأ بالسؤال المبتذل: لماذا لم يخطر بباله أن للقراء الحق بمعرفة فحوى المخطط الذي ينتقده؟ ولماذا تركز في عدة جمل جانبية في الصفحات المتأخرة، ولم يشر إلى أن المخطط كله مخصص للاعتراف الكامل بكل القرى على أساس الملكية التاريخية للأرض، وبدون التنازل عن أي حق من حقوق البدو؟ ولماذا تجاهل عنوان المخطط الذي يشير بشكل واضح "مخطط هيكلي للاعتراف بالقرى"، قافزا عما كتب في الفقرة الأولى من المخطط البديل:

"المخطط الهيكلي يشكل وثيقة شاملة ومهنية هي الأولى من نوعها.. ويشير، خلافا لمخطط الحكومة، إلى أنه يمكن ويجب الاعتراف بكل القرى غير المعترف بها.. البدو يعيشون في المنطقة منذ أجيال عديدة وليسوا غزاة. وهم مواطنون في الدولة ومن حقهم الحصول على المساواة واحترام حقوقهم الكاملة".

وكل من يطلع على المخطط يدرك فورا ما لم يشأ د. الهزيل قوله للقراء، وهو أن المخطط البديل للاعتراف الشامل هو النقيض التام لمخطط برافر.

نورد عدة أمثلة أخرى؛ على سبيل المثال (صفحة 10 من النسخة التي تم توزيعها على اللجان):

"المجلس.. يقترح مخططا للاعتراف بكافة القرى وتطويرها، ومنح مكانة بلدية كاملة لكافة القرى العربية في النقب.. المخطط ينطلق من الاعتراف بالمكانة القانونية للبلدات، واستمرار بقائها في مواقعها التاريخية.. نقطة الانطلاق هي الوضع القائم، ولذلك يلتزم المجلس بأن يتم الاعتراف بالبلدات العربية وتبقى في مكانها." (صفحة 11).

ورغم أن د. الهزيل يحمل لقب الدكتوراة، إلا أنه يعتقد، على ما يبدو، أن الجمهور العربي في إسرائيل غير قادر على القراءة، فكيف قفز عن هذه التصريحات في المخطط؟

صفحة – 24: "إن القرى الـ35 المتبقية بدون اعتراف تشكل بلدات جلية، ذات علاقة قوية بمواقعها، وإرادة قوية وحق في مواصلة العيش على أراضيها.. يجب الاعتراف رسميا بكل القرى الـ35 التي ظلت بدون اعتراف حتى اليوم".

ويستمر المخطط البديل الذي أعددناه في في التعريفات: "رؤية بعيدة المدى، بموجبها كل القرى الـ46 التي شملها المجلس في العام 1999 تتحول إلى معترف بها رسميا وتعيش بأمان، بدون التهديد بالإخلاء والهدم"، وفي الصفحة ذاتها وبشكل واضح جاء: "إن رؤية المجلس هي الاعتراف بالملكية الموروثة للأرض التي ترفضها الدولة".

صحفة 34: "إن البلدات التاريخية القائمة على أراضيها قبل قيام الدولة، تفضل تطوير البلدات في مواقعها الحالية، والمخطط الحالي يؤكد على الحق الطبيعي والتخطيطي لتطبيق حلول في مواقع البلدات".

وكمن يسعى لكي يكون مهنيا، كيف لم يقل للقراء إن المخطط يضم عشرات الخرائط التي تشير إلى كل القرى كأساس للاعتراف والتخطيط المستقبلي لمتروبولين بئر السبع ولواء الجنوب، مثل الخارطة التالية التي تشير إلى كل القرى (46 قرية) المعدة للاعتراف، في صفحة 97 في المخطط؟

أما بالنسبة للجنة برافر، فمن الواضح وضوح الشمس أن المخطط الكامل المخصص للاعتراف بكل القرى في مواقعها التاريخية، بما في ذلك عشرات الخرائط والتخطيطات التي تشير إلى ذلك، تعارض جوهريا هذا المخطط الحكومي السيء، وكمهنيين فنحن نضع النصوص بشكل موضوعي وليس بشكل متهور، على أمل أن يكون مقروءا ومقنعا للطرف الثاني.

علاوة على ذلك، فإن القراء إذا واصلوا قراءة الاقتباس الجزئي الذي أورده د. عامر الهزيل عن مخطط برافر، سيكتشفون أن التقرير يحلل أربع مشاكل خطيرة في تقرير برافر (التمييز، تضييق الحيز، فرض بالإكراه بدون إشراك، عدم الاعتراف بالقرى وبالتقاليد البدوية)، فالمخطط البديل يرفض مخطط برافر، ويوصي بشكل واضح بتفضيل المخطط البديل عليه (صفحة 78):

"إن تحليلهم يشير إلى مشكلة واضحة في الوثيقتين المركزيتين القائمتين على جدول الأعمال (برافر ومخطط المتروبولين)، ونحن ندعي أن الحل البديل الذي يقترحه المجلس في الوثيقة الحالية أكثر إنصافا وعلى قدم المساواة".

وفي مكان آخر في المخطط كتب بشكل صريح: "المخطط الحالي يعارض بحزم مخططات الحكومة وعلى رأسها مخطط برافر" (صفحة 8)

أما بالنسبة لتقرير غولدبيرغ، فإن موقف الطاقم المهني مركب أكثر.. فكما أسلفنا، فإن مخطط غولدبيرغ ألغي بشكل عملي من قبل الحكومة من خلال تبني تقرير برافر الذي يختلف عنه تماما.

وتمت صياغة موقف المجلس والطاقم المخطط كالآتي (صفحة 11): "المخطط الحالي يسعى إلى تقديم نموذج بأنه يمكن الاعتراف بكل القرى العربية، وبذلك يتم تطبيق، بشكل كامل، التوصية الإيجابية لتقرير لجنة غولدبيرغ وهي [يجب الاعتراف بالقرى بأكبر عدد ممكن].. وفي الوقت نفسه يعارض المخطط التوصية السلبية لتقرير غولدبيرغ بشأن تسوية الأراضي".

وتتضمن الانتقادات تهما للمخطط البديل بالرغبة في الاندماج بمخطط متروبولين بئر السبع، والقصد هو بالطبع الاندماج في المتروبولين من خلال تعديل المخطط، فهذه هي الطريقة المهنية الصحيحة للحصول على الاعتراف بالبلدات العربية، مثلما حصل مع مخطط "لجنة الأربعين" في الجليل، حيث تم الاعتراف بكل البلدات العربية عن طريق تعديل الخارطة اللوائية "تمام 2"، وفي العام 2007-2008، قدمنا 24 اعتراضا على مخطط المتروبولين، طالبنا في جميعها بدمج القرى في المخطط، ولذلك فنحن نطالب بعملية مشابهة في الجنوب، كما جاء في (صفحة 11): "المخطط يطالب بتعديل مخطط متروبولين بئر السبع الذي تمت المصادقة عليه من قبل اللجنة القطرية للتخطيط والبناء في آب/ أغسطس من العام 2010، من خلال إضافة كل القرى إلى عملية الاعتراف على أساس معايير مهنية، وعلى مبدأ المساواة ومنع التمييز".

أما بشأن قضية الأراضي، فإن الانتقادات تتهم المجلس بالخروج عن صلاحياته من خلال محاولة تحديد إجراءات بدلا من أصحاب الأرض، ولكن المخطط يصرح بشكل واضح أن موقف المجلس منذ أن تم تشكيله (صحفة 9): "للعرب البدو علاقة ملكية تاريخية وتخطيطية وقانونية بأماكن سكنهم، والمخطط المقترح يأخذ بعين الاعتبار هذه الحقوق، وعلى أساسها يضع مخططا مهنيا ومنصفا، ومع ذلك فإن المخطط لا يتدخل بقرارات ملكية الأرض المحفوظة لأصحاب الأرض لهم وحدهم فقط."

من الممكن الإتيان بعشرات الاقتباسات الأخرى من المخطط التي تؤكد على أن التهم (الانتقادات) للمخطط سخيفة، ولكن من المهم بالنسبة لنا أن نروي للقراء عن عملية التخطيط نفسها التي تجري منذ ثلاث سنوات، فهذه العملية حديثة وأولى من نوعها، وتشكل مشروعا عميقا ومهما في عملية تعزيز القرى.

وفي إطار المشروع، تعاون المجلس الإقليمي مع منظمة "بمكوم" المختصة بالتخطيط من أجل حقوق الإنسان، وجمعية "سدرة" التي نظمت سلسلة من الورشات لنساء القرى، وخلال عملية التخطيط أجري عدد كبير من اللقاءات مع الشخصيات والمختصين، ووصلت ملاحظات كثيرة إلى الطاقم المخطط، وذلك بهدف التوصل إلى صياغة نهائية تقدم من قبل المجلس إلى اللجان قريبا، وللسلطات بعد المصادقة عليها بشكل رسمي.

تم وضع المخطط بالتعاون مع القرى، وهو يتبع للمجلس ولسكان قراه بالطبع، ووضع من قبل طاقم مهني ماهر يضع نصب عينيه فقط مصلحة القرى والحفاظ على السكان وأراضيهم، ويرتبط الطاقم المهني بسكان القرى، وهو معني بالعمل من أجلهم بصورة كاملة ومنفتحة وصادقة.

ويستند المخطط بشكل كامل على مبادئ المجلس الاقليمي للقرى غير المعترف بها، التي تم تحديدها في العام 1997، وعلى وثائق التخطيط السابقة للمجلس.. كما أن المخطط الحالي تضمن للمرة الأولى عمية مهنية شاملة ومعمقة، فهو يتألف من ستة فصول تمتد على نحو 450 صفحة، وتشتمل على خلفية تاريخية وجغرافية وتخطيطية، توقعات بناء على نماذج مهنية، تحليل أهداف، مشاكل وفرص، وتقارير لستة مختصين (جميعهم باحثون من عرب النقب)، تقييمات للبدائل، واقتراحات عينية لمخطط مستقبلي للاعتراف الكامل بالقرى غير المعترف بها.

إن إحدى المساهمات المهمة للمخطط هي تطوير نموذج تخطيطي جديد للقرية البدوية، يأخذ بعين الاعتبار النظام الحيزي والتقليدي العربي البدوي، ويطالب بتبنيه كنموذج لبلدة متميزة لشمله في الجهاز التخطيطي الاسرائيلي، وتخصص صفحات كثيرة لفهم البلدة البدوية وترميزها التخطيطي.

إضافة إلى ذلك، فإن المخطط يعمل على أساس مبدأ المساواة، ويشدد على أن الملكية التقليدية للأرض ليست كافية، حيث يجب تخصيص قسائم للعرب مثل اليهود، وهذا الجزء من المخطط يشير إلى الحاجة إلى تخصيص مئات آلاف الدونمات الأخرى للقرى للسكن والتجارة ومناطق مفتوحة والزراعة للوصول إلى المساواة الكاملة مع المستوطنات اليهودية في النقب.

لقد تم وضع المخطط بعد جهد كبير امتد على 3 سنوات، وهو ملك لعرب النقب الذين سينهون مناقشته في الوقت القريب، تمهيدا لوضع الوثيقة النهائية.. ويجب منع تلاشي هذا المشروع بسبب جهات لها مصالحها، حيث أن إفشال المشروع سيعيد القرى سنوات كثيرة إلى الوراء، وينزع منها أساسا مهما وقويا للوقوف مقابل مخطط النهب الحكومي.. ومن يسعى إلى إفشال المشروع في هذا الوقت العسير، يتحمل المسؤولية عن إضعاف القرى في مواجهة لجنة برافر التي ستبقى حينئذ الجهة الوحيدة المخطط في المنطقة.

 يجب أن نتوحد حول المخطط البديل المهني، الذي يؤكد على الحقوق الكاملة للعرب في النقب، فهدفنا المهني الوحيد هو العمل بأفضل شكل من أجل سكان القرى، ما يعني أنه بدلا من الدعاية المدمرة، يجب مواصلة الدفع بالتخطيط البناء.      


طاقم التخطيط، المجلس الإقليمي للقرى العربية غير المعترف بها في النقب.

التعليقات