27/01/2012 - 07:43

تلكَ الصّرخةَ صرختي/ ممدوح اغبارية

ببناء اللجان الشعبية في المدينة، يتم القضاء على العنف ومدلولاته، مما يساهم في بناء المجتمع الفحماوي الذي نطمح إليه، ونجاحنا في ذلك يحتاج مقدرة منا على التضحية ونكران الذات أمام هموم بلدنا وأهلنا من شيوخ وأطفال.

تلكَ الصّرخةَ صرختي/ ممدوح اغبارية

أنا لست مختصا في الهوائيات، أثرها، أنماط استهلاكها وضررها، ولكني على يقين أن كل فحماوي سمع عن التحركات الشعبية للجنة صرخة، شهدها أو شارك بها، والتي كان آخرها مظاهرة أمام مبنى البلدية في أم الفحم قبل أسبوعين، للمطالبة بالتنفيذ الفوري للوعود وإزالة الهوائيات من الأحياء السكنية، وتوزيعها الآمن بعيدا عن الاكتظاظات السكانية. كل فحماوي أراد أن يقول بعد أن رأى أولئك النساء الجبارات، إن "تلك الصرخة لي"، وأنا كنت قد شاركتهن في إحدى المظاهرات، يوم مهرجان "الأقصى في خطر" الأخير، لدى الدوار الأول في المدينة، وكم شعرت حينها أن "تلك الصرخة لي" أيضا. 

إن إقامة هذا الجسم الشعبي " لجنة صرخة " ليس مرتبطا إلا بأوجاع أصحابه، والحاجة الحقيقيه لسكان حي عين إبراهيم للتخلص من الهوائيات وأعراضها القاتلة، وهذا حالنا جميعا أهالي أم الفحم مع العنف المستشري في السنوات الأخيرة، والذي بات يهدد ليلنا الآمن. 
 
 
وأكثر ما أوجعنا في الأيام الأخيرة، خفافيش الظلام والعنف التي أطلقت النار على بيت وسيارة الدكتور سليمان اغبارية رئيس بلدية أم الفحم السابق، أحد رموز الحركة الإسلامية والعمل البلدي وإصلاح ذات البين في أم الفحم وقطريّا، مما استنفرني للكتابة والتأمل في تجربة لحنة صرخة الطلائعية.

لقد أثبتت لجنة صرخة بتعاونها مع أجسام أخرى، مثل اللجنة الشعبية ولجنة سكان الحي في عين إبراهيمـ أن تجربة العمل الشعبي وبناء الحركات الشعبية من الممكن ألا تكون منغلقة أمام الحاجة الحقيقية للتعاون مع كل من يتماثل مع الحقوق الجماعية لأهل البلد، من نبذٍ للعنف أو تصد للهوائيات. بل إنها أكدت الحاجة الضرورية والموضوعية لتوسيع دائرة التضامن والمساندة في القضايا الملحة، وإعلاء قيمة الانتماء الناشط للمواطن، والتقارب الاجتماعي بين المواطنين، ومكافحة الانكفاء على الذات والطفيلية المجتمعية، ووضع مواجهة التحديات الراهنة على أجندة المجتمع الفحماوي.

إن تجربة لجنة صرخة تستدعي التمثل بها لما تملكه من مقومات لتنظيم المجتمع الفحماوي، الذي اقتصر نشاطه على الأحزاب وأذرعها الشبابية وأطرها الجماهيرية، مما أفقد تلك المبادرات القدرة على الاستمرارية، والمثابرة، والالتفاف على المستوى الشعبي الواسع، بعد أن يئست الناس من ممارسات بعض تلك الأحزاب الفئوية من نوع "يا بلعب يا بخرب" على مدار 19 عاما في سلطة البلدية، دون أدنى محاسبة أو مساءلة من أحد.

إن حالة عدم الاستقرار والعنف المستشري بين أهالي أم-الفحم، في شوارعها وحاراتها، الشيكون، والشرفة، وعين خالد، وعين النبي، والأزقة الصغيرة فيها قبل الكبيرة، يستدعي استنهاض همم شباب هذا البلد الطيب، الذين تصدوا مسبقا وانتفضوا على المؤسسة الصهيونية في هبة الروحة وانتفاضة القدس والأقصى، ومنعوا مارزل وكهانا من تدنيس ترابها، وأقول إن على كل أخٍ وأخت، رجل وفتاة، من الشيب والشباب، أن نبادر إلى تشكيل لجان شعبية ضد العنف، كلٌّ من موقعه، وذالك بغية الدفاع عن أمننا ومستقبلنا.

ببناء اللجان الشعبية في المدينة، يتم القضاء على العنف ومدلولاته، مما يساهم في بناء المجتمع الفحماوي الذي نطمح إليه، ونجاحنا في ذلك يحتاج مقدرة منا على التضحية ونكران الذات أمام هموم بلدنا وأهلنا من شيوخ وأطفال.

لقد برهنت لجنة صرخة أنه حينما نعمل بحب، ومن منطلقات إيمانية بصدق موقفنا، وحين يجمعنا هدف واحد، تظهر معادننا الأصيلة في العطاء دون انتظار مقابل لذلك، وذلك ما يجب أن تكون عليه بداية اللجان الشعبية ورؤيتها، إذ أن الإيمان بمشروعية حاجتنا للأمن والأمان، هو أول الخطوات نحو النجاح.

أخيرا, نسجل تضامننا غير المشروط مع د.سليمان أغبارية وما يمثله من قيم جماهيرية، ونطرق أبواب أهلنا في حيزهم الخاص، لنقول لهم انتفضوا على أنفسكم، جاء وقت الحراك الشعبي من القاعدة باتجاه رأس الهرم، لأنه وببساطة " اليوم جارك وبكرة دارك".

التعليقات