01/02/2012 - 11:40

خطة البلدات الجديدة؟ 4 أسباب لرفض خطة برافر../ ثابت أبو راس وأورن يفتحئيل

كيف يمكن ضمان معارضة مشروع قانون جديد تجاهل السكان، وكان غير واضح واقترح شروطًا مذلّة؟. هكذا يبدو مشروع قانون "ترتيب توطين البدو في النقب" الذي نشرته الحكومة قبل نحو أسبوع. القانون المقترح و"خطة برافر" التي أقرّتها الحكومة في شهر أيلول يرسمان مخططًا مثيرًا للجدل، يذكرنا بخطة البلدات القديمة، حيث أنها تسعى إلى تركيز العرب البدو في بلدات مكتظة بالسكان، ومصادرة معظم أراضيهم من خلال ذلك. وبدلاً من قيادة النقب نحو عملية مصالحة وخطة تطوير متفق عليها فإن "خطة برافر" تعمّق الصراع بين البدو والدولة. ثمّة أربعة أسباب تستدعي رفض القانون المقترح رفضاً قاطعً

خطة البلدات الجديدة؟ 4 أسباب لرفض خطة برافر../ ثابت أبو راس وأورن يفتحئيل
كيف يمكن ضمان معارضة مشروع قانون جديد تجاهل السكان، وكان غير واضح واقترح شروطًا مذلّة؟. هكذا يبدو مشروع قانون "ترتيب توطين البدو في النقب" الذي نشرته الحكومة قبل نحو أسبوع. القانون المقترح و"خطة برافر" التي أقرّتها الحكومة في شهر أيلول يرسمان مخططًا مثيرًا للجدل، يذكرنا بخطة البلدات القديمة، حيث أنها تسعى إلى تركيز العرب البدو في بلدات مكتظة بالسكان، ومصادرة معظم أراضيهم من خلال ذلك. وبدلاً من قيادة النقب نحو عملية مصالحة وخطة تطوير متفق عليها فإن "خطة برافر" تعمّق الصراع بين البدو والدولة. ثمّة أربعة أسباب تستدعي رفض القانون المقترح رفضاً قاطعًا.
 
أولاً: على الصعيد الخاص بالأراضي، وهو الأكثر أهمية في الحل المقترح يتجاهل المخطط حقوق الملكية لمعظم البدو الذين كانوا أصحاب أراضٍ واسعة في النقب قبل 1948. هذا القانون الجديد، وبشكل مختلف عن كل اقتراحات الدولة السابقة، يقصي جميع البدو الذين لا يحتفظون اليوم بأراضيهم، عن إمكانية حيازة الأرض؛ والحديث هنا يدور عن أكثر من نصف المطالبين بالأرض الذين طُردوا من أراضيهم في غرب النقب وتلاله في سنوات الخمسينيات، وعن مجموعات معينة في منطقة العراقيب واللقية. وبدلاً من إصلاح الغبن التاريخي يقترح القانون معاقبة هؤلاء المواطنين مرّتين: المرة الأولى حين طردوا من أراضيهم، والمرة الثانية برفض الاعتراف بدعاوى ملكيّتهم للأرض. وبالطبع، لن يقبل أحد تسوية مسيئة كهذه.
 
إضافة لذلك، بالرغم من أن التسوية المقترحة للبدو الساكنين على أراضيهم تعرض عليهم نسب مبادلة أكثر قليلاً مما كان عليه الأمر في السابق، إلا أن شروط تسجيل الأراضي أصبحت أصعب، إضافة إلى شرط التنازل عن التعويضات. ووفق التقديرات الأولية المعقولة يبدو أن البدو لن يحصلوا بموجب التسوية المقترحة في القانون على أكثر من 90 – 100 ألف دونم، أي أقل من 1% من أراضي النقب، أو 10% من مساحة الأراضي التي قدّموا الدعاوي بشأنها. وهذا ما يسمى "ضحك على الذقون".
 
ثانيًا: الوضع ليس أقلّ خطورة من ناحية التوطين. فبدلاً من التعامل بالاحترام المطلوب مع القرى البدوية، ومعظمها قائم قبل قيام الدولة، فإن مشروع القانون وقرارات الحكومة تطلق عليهم وباستخفاف "الشتات"، باعتبار أن 46 قرية بدوية قائمة في المنطقة منذ عشرات ومئات السنين ليست قائمة. هذه الخطة تراجعت عن تصريحات الحكومة في الماضي وعن تقرير غولدبرغ مثلاً، الذي طالب "بالاعتراف بالقرى كلّما أمكن ذلك"، والإشارة إلى أسمائها. وحسب التقرير الحالي فإن حقوق البدو في التخطيط مرهونة بإنجاز تسوية الأراضي المثيرة للجدل، مبقيًا باقي مجال التخطيط غامضًا وسرّيًا. ونتيجة لذلك لا تحظى الخطة إطلاقاً بثقة السكان البدو الذين يخشون الهدم والإجلاء.  ونذكر على سبيل المثال قرية العراقيب التي أخليت من سكانها أول مرّة في سنوات الخمسينيات، والتي هُدمت مرّة ثانية عام 2010 ، قد هُدمت ثلاثين مرّة. ثمّ مخاوف بأن الحكومة تهيّئ مستقبلاً مشابهًا لعشرات الآلاف من البدو وفق "خطة برافر".
 
ثالثاً: الترتيب الإداري المقترح مركزيّ – تحكّمي وليس ديمقراطيًا. فعلى النقيض من مشاريع التخطيط المدنية الأخرى سيدير "حملة" تسوية أراضي البدو مكتب رئيس الحكومة، وسيتولى قيادة أركان الحملة الجنرال المتقاعد دورون ألموغ، وتعمل إلى جانبه هيئة خاصّة لتسوية توطين البدو برئاسة ضابط الشرطة المتقاعد البريغادير يهودا بخار. والسؤال: هل يدور الحديث عن عملية عسكرية، أم عن تخطيط مدنيّ. إضافة إلى ذلك فإن اللجنة المركزية التي ستبحث الدعاوى التي يقترحها القانون يترأسها خبير قانوني رفيع المستوى، وتضم أربعة ممثلين عن الحكومة، وممثلا وحيدا عن البدو يعيّنه رئيس الحكومة. وفي مثل هذا الترتيب الإداري حيث لا يوجد تمثيل مناسب لن يقبل السكان هذا الترتيب المتعلق بموضوع حسّاس وقابل للانفجار مثل موضوع الأرض والتوطين.
 
رابعًا: "خطة برافر" مصابة بالعنصرية المحظورة. قبل سنة واحدة فقط اعترفت السلطات بعشرات المزارع التي أقيمت بشكل غير قانوني في النقب، في الوقت الذي تطالب الدولة وفي المناطق نفسها بإخلاء قرى بدوية يسكنها المئات والآلاف قائمة في أرض آبائهم وأجدادهم. كما أقرّت الحكومة في شهر اكتوبر 2011 إقامة 10 قرى يهودية في منطقة عراد، وهي المنطقة نفسها التي تطالب بإخلاء قرى بدوية منها. هذه سياسة تمييز عنصري، لا أكثر ولا أقلّ. ألا تدرك ذلك لجنة برافر والوزير بني بيغن؟ هل يعتقدون بأن السكان سيقبلون خطة قائمة على التمييز؟
 
ما العمل إذن؟ لا بدّ، حسب رأينا، من التجميد الفوريّ لمشروع القانون وخطة برافر. وفي المقابل يجب التباحث مع البدو العرب حول خطة بديلة أعدّها المجلس الإقليمي للقرى البدوية غير المعترف بها ومنظمة "بمقوم". وهي مقترحة للإقرار النهائي. هذه الخطة تعرض مخططًا يُظهر أنه بالإمكان ومن المناسب والمطلوب الاعتراف بجميع قراهم القائمة على أراضيهم التاريخية، وذلك وفق معايير المساواة بين العرب واليهود في النقب. فبالإمكان، وبدون مصاعب خاصة، الاعتراف بالقرى البدوية الـ46 القائمة وقبول كلّ دعاوى الأراضي التي سيتبيّن أنها صحيحة، وذلك بدلاً من فرض خطة اقتلاع وتركيز قسريّ من المؤكد أنها ستعمّق الصراع في النقب. هذه هي القاعدة الأساسية المنطقية والعادلة القائمة على المساواة للمصالحة التاريخية في النقب، وليس توطين البدو في بلدات جديدة في النقب.

التعليقات