21/02/2012 - 15:11

أسباب الفشل والنجاح في إعلانات المصالحة../ عمر شحاده

كمن يدس السم في الدسم، أرسى القائمون على صياغة اتفاق أوسلو في ما أسموه زورا وتضليلا حل الدولتين بمراحله ومواعيده التي تبدأ ولا تنتهي، عناصر الديمومة والاتساع والنمو للدولة القائمة في الواقع، وأسبغوا عليها الشرعية فيما انتزعوا من الجنين المفترض للدولة الفلسطينية (الحكم الإداري الذاتي)، المورثات الجينية وعناصر المناعة الوطنية والسياسية والقانونية المكتسبة التي تضمن ممكنات التحول والانتقال إلى دولة مستقلة

أسباب الفشل والنجاح في إعلانات المصالحة../ عمر شحاده
كمن يدس السم في الدسم، أرسى القائمون على صياغة اتفاق أوسلو في ما أسموه زورا وتضليلا حل الدولتين بمراحله ومواعيده التي تبدأ ولا تنتهي، عناصر الديمومة والاتساع والنمو للدولة القائمة في الواقع، وأسبغوا عليها الشرعية فيما انتزعوا من الجنين المفترض للدولة الفلسطينية (الحكم الإداري الذاتي)،المورثات الجينية وعناصر المناعة الوطنية والسياسية والقانونية المكتسبة التي تضمن ممكنات التحول والانتقال إلى دولة مستقلة.
 
 فلقد ألزموا القيادة الرسمية الفلسطينية في اتفاق أوسلو، مقابل الاعتراف بمنظمة التحرير، باشتراطاتهم القائمة على الاعتراف المسبق بدولة الاحتلال وبحقها في الوجود على أرض مفتوحة ومجهولة الحدود وبقرار 242 وبنبذ ما أسموه الإرهاب أي (الكفاح الوطني المسلح الذي يكفله القانون الدولي لدحر الاحتلال والاستعمار وتقرير المصير)، وبالتمسك بالمفاوضات الثنائية بالمرجعية الأمريكية والحل التفاوضي الذي لا حل سواه.
 
وهي العناصر التي جوفت منظمة التحرير ودورها برنامجا وائتلافا ومكانة، وأطلقت يد الاحتلال في التوسع والعدوان، ووفرت له وحليفة الاستراتيجي في واشنطن الوسيلة المثلى لخداع العالم بأن مفاوضات تجري وسلاماً يصنع ودولة فلسطينية تنهض، ولحرف أنظاره عن حقائق تطمس ومعلومات تحجر عن أرض تنهب ومياه تسرق وشعب يشرد ومقدسات تهود وجرائم تقترف دون رقيب أو حسيب.
 
لم يعد المواطن بحاجة لكبير عناء أو ذكاء كي يدرك بأن ما يسمونه "عملية ومفاوضات السلام" بما فيه الدولة المزعومة المؤقتة عبر المفاوضات الثنائية غير المشروطة، هي الملهاة التي تنعم السلطة الفلسطينية المنقسمة على نفسها بإهدار وقتها فيها، فيما لم يبق الاستيطان والجدار لها سوى شبكة من الطرق والأنفاق تجمع شتات معازل جغرافية يحشر فيها أكبر عدد مما تبقى من الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع.
 
وإذا كان من سر لنجاح منظمة التحرير ومناعتها فيما مضى بتمثيلها للشعب الفلسطيني وأبنائه عن رضى وطيب خاطر، فلا يعود سوى لشرعيتها الثورية التي اكتسبتها بكل أشكال الكفاح الوطني في شتى الميادين وعلى مختلف الصعد، الأمر الذي تفتقر إليه اليوم على نحو صارخ، وهو سر الفشل الذي رافق إعلانات المصالحة بالرعاية الرسمية العربية التي تدور في حلقة مفرغة بدءا من مكة وانتهاء باتفاق الدوحة قيد التداول والاختبار.
 
هذا السر الكامن في الحلقة الشريرة التي يتطلب كسرها امتشاق الإرادة السياسية، بنفض غبار الاستكانة لمفاوضات أوسلو واشتراطاتها ونهجهاوسمها اللذيذ، والعودة بالقضية الوطنية إلى هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها ذات الصلة، والنأي بالشعب الفلسطيني وقواه السياسية والاجتماعية عن الإذعان لمصالح الآخرين، بالتنفيذ الفوري لاتفاق المصالحة وقرارات التوافق الوطني بترتيب البيت الفلسطيني عبر انتخابات وطنية شاملة، وفي المقدمة لمجلس وطني جديد يعيد مكانة منظمة التحرير مرجعية عليا وممثلا شرعيا وحيدا لشعبنا على أساس وحدة الشعب والأرض والمؤسسات، وفق إستراتيجية وطنية بديلة وجبهة مقاومة شعبية موحدة، وسلطة فلسطينية كجزء لا يتجزأ من م. ت. ف، تنحصر مهامها في إدارة الشؤون الحياتية للمواطنين في الضفة والقطاع.
 
تلك الإرادة التي تعني فيما تعني الثبات والتمترس خلف قرارات التوافق الوطني لا غيرها، التي وحدها تحظى بثقة الشعب وتحميها الجماهير وتصونها في حدقات العيون وتفرض نفسها دون تسويف وانتظار على رأس الأجندات الإقليمية والدولية، والانتقال للتخندق في نواة وبين أوساط مكونات الأمن الوطني والقومي والصمود الشعبي خارج أسر وأسوار (المقاطعة)، درءاً لمكائد الاحتلال واتقاءاً لضغوطه وحرابه المسلطة على رؤوس القيادة الرسمية ليل نهار، ما يمنحها الثقة و الحرية الأفضل والأمثل و شهادة وبطاقة  (في. أي. بي) VIP - من أبناء شعبها وحسب.

التعليقات