29/02/2012 - 14:21

حنين زعبي: معك../ زهير أندراوس

من خلال معرفتي الشخصيّة بها، حنين زعبي صادقة، حنين زعبي حكيمة، وهنا بيت القصيد، وهذا مربط الفرس: المجتمع الإسرائيليّ يرفض قبول أوْ تقبّل أناسًا من هذه النوعيّة، ما العمل، هذا هو الواقع، ولا يوجد غيره

حنين زعبي: معك../ زهير أندراوس
 
في هذه الأيام التي انتشرت فيها العنصريّة الإسرائيليّة في جميع طبقات المجتمع اليهوديّ، فإنّه من الطبيعيّ أنْ يفاجأ الجمهور في دولة الأكثريّة اليهوديّة، من صدق وأمانة النائبة حنين زعبي، التي عرضت مبادئها السياسيّة بدون لفٍ أوْ دوران وبصراحةٍ متناهيةٍ. لا أرغب في هذه العجالة أنْ أُدافع عن زعبي، التي تمثل بشكل صادق الفلسطينيين في الداخل، ذلك أنّه يحق لها ولحزبها التفاخر بأنّها المرأة الفلسطينيّة الأولى التي تمّ انتخابها للكنيست بفضل قدراتها، ولكن حيّال الهجمة المسعورة ضدّها، من الواجب، نعم من الواجب، توضيح بعد النقاط المرتبطة بالنائبة زعبي، بمبادئها وبنشاطها، ولكن قبل هذا وذاك، يجب أنْ نؤكد على أنّ! منْ يقود الهجمة الشرسة ضدّ زعبي، يثير الشفقة والرحمة، لأنّ هؤلاء لم يعتادوا على عربيّ يُواجههم بنديّة، وكم بالحريّ إذا كان الحديث يجري عن امرأة، تقول لهم ما هي أيديولوجيتها بالعبريّة، تمامًا كما تقولها بالعربيّة.
 
بناءً على ما تقدّم، أيضًا في ما يتعلّق بكاتب هذه السطور، يجب القول الفصل، لا توجد ولو كلمة واحدة إيجابيّة عن هذه الدولة ومؤسساتها، ذلك أننّي لا أشعر بأيّ انتماء للعلم، أوْ للنشيد الوطنيّ وكلماته اليهوديّة-الصهيونيّة، ولا لباقي رموز الدولة العبريّة، بالنسبة ليّ، إسرائيل ليست دولتي، وفلسطين موطني.
 
الشعور هو أمر ذاتيّ، كما يجزم الاختصاصيون في علم النفس، بالتالي فإنّه من المستحيل أنْ تفرضوا علينا الشعور بالانتماء لإسرائيل، لأنّه كما يقول المثل من الممكن جرّ الحصان إلى البئر، ولكن من غير الممكن إجباره على الشرب منه.
 
نعم، النائبة زعبي وصلت إلى الكنيست ولكنّ مع ذلك، أوْ على الرغم من ذلك، يجب التوضيح بشكلٍ غيرُ قابلٍ للتأويل: الكنيست هي أيضا وسيلة نستغلها لكي نحاول أنْ نشرح للجمهور اليهوديّ عن سياسة التمييز والحرمان، التي انتهجتها جميع حكومات هذه الدولة، التي أُقيمت في نكبتنا عام 1948. علاوة على ذلك، فإنّ الدورة الحاليّة للكنيست الإسرائيليّ، سجلّت أرقامًا قياسيّةً في العنصريّة، فكل نائب صهيونيّ، يُريد الوصول إلى الإعلام العبريّ، يركب على الموجة، ويضع على طاولة البرلمان مشروع قانون هدفه تضييق الحيّز، الضيّق أصلاً، على أبناء الأقليّة العربيّة الفلسطينيّة في إسرائيل، مضافًا إلى ذلك، فإنّ كتاب القوانين الإسرائيليّ بات أسود من السواد، ويقود هذه الدولة بخطى حثيثة إلى دولة الفصل العنصريّ (الأبرتهايد).
 
منذ إجراء الانتخابات العامّة الأخيرة في شهر شباط (فبراير) من العام 2009، والتي أتاحت تشكيل الحكومة الأكثر يمينيّة في تاريخ الدولة العبريّة، فإنّ تسونامي من قوانين التمييز، المتعلقّة في مجالات عديدة والمعدّة ضدّ المواطنين الفلسطينيين العرب اجتاح الكنيست الإسرائيليّ، بالإضافة إلى العديد من مشاريع القوانين الجديدة الهادفة بشكلٍ مباشرٍ أوْ غير مباشر للمس بالفلسطينيين في هذه الدولة، وأيضًا بالفلسطينيين، سكّان الأرض المحتلّة عام 1967، وحتى باللاجئين الفلسطينيين، هذه مشاريع القوانين تُقدّم تقريبًا كلّ أسبوع، وذلك نتيجة لجهود الحكومة والائتلاف اليمينيّ الراميّة لتحديد الأجندة القضائيّة التي يؤمنان بها.
 
 في الدورة الحاليّة تمّ تشريع أكثر من عشرين قانونًا جديدًا، تمس مسًا سافرًا بأنباء الأقليّة الفلسطينيّة، وتُهدد حقوقهم كمواطنين في هذه الدولة، وفي بعض الأحيان، تمس هذه القوانين بالفلسطينيين، في الأراضي المحتلّة.
 
إذن، ما تريدون منّا؟ أنْ نُحافظ على الهدوء؟ لا يا سادتي، هذا الموضوع ليس مطروحًا على سلم أولوياتنا، ذلك أنّ ما تفعله النائبة زعبي وزملاؤها العرب في الكنيست، هدفه الكشف عن الوجه القذر والبشع لإسرائيل، وأكثر من ذلك، نرى لزامًا علينا تدويل هذه القضيّة، وفضح ممارسات الدولة العبريّة ضدّنا أمام الشعوب المتحضرّة، كما أنّه من الأهميّة بمكان، ولزاما علينا، أنْ نُوضح بشكل صريح: نحن، هنا، خلافًا لباقي الأقليّات في العالم، كنّا هنا قبل إسرائيل، وبالتالي فإننّا لسنا عابري سبيل أو ضيوفًا في موطننا.
 
أمّا في ما يتعلق بمطلبنا المبدئي بأنّ تتحوّل إسرائيل إلى دولة جميع مواطنيها، فإننّا نقول: لن نتنازل عنه، لن تُخيفونا ولن تتمكنوا من ردعنا، كما أنّ القوانين المعدّة للقضاء على ما تبقى من الديمقراطيّة الإسرائيليّة لن تُرهبنا، ذلك أننّا نُربّي الجيل الصاعد على النضال ضمن القانون، لأنّ غير ذلك سيؤدي إلى تأجيج عمليّة نزع الشرعيّة عنّا، هذه العمليّة التي تقودها جهات عديدة في هذه الدولة. علاوة على ذلك، فإننّا نؤمن، إيمانًا مُطلقًا، بأنّ مبادئنا صادقة وعادلة، على الرغم من أنّ العدل في إسرائيل، يتواجد في غرفة الإنعاش المكثًف، ويقومون بإحيائه بواسطة الوسائل الاصطناعيّة.
 
الهجوم المحموم والمنفلت على النائبة زعبي، لن يردعها، ولن يُرهب الجماهير التي أرسلتها إلى الكنيست، لا بل بالعكس، إنّ هذا الهجوم سيمنحها المزيد من القوة في صفوف المجتمع الفلسطينيّ، لأنّ كل من في رأسه عينان يعرف، نعم يعرف، أنّ المعادلة التي تجزم بأنّه يتحتّم عليك أنْ تكون حكيمًا، وليس صادقًا، لا تنطبق ولا تنسحب على النائبة زعبي. وها أنا أُقّر وأعترف: من خلال معرفتي الشخصيّة بها، حنين زعبي صادقة، حنين زعبي حكيمة، وهنا بيت القصيد، وهذا مربط الفرس: المجتمع الإسرائيليّ يرفض قبول أوْ تقبّل أناسًا من هذه النوعيّة، ما العمل، هذا هو الواقع، ولا يوجد غيره.

التعليقات