14/03/2012 - 07:49

الهدوء مقابل الكرامة../ مصطفى إبراهيم

إسرائيل تنفي بشدة أنها تعهدت بوقف سياسة الاغتيالات وأن ما جرى حتى الآن هو عبارة عن تفاهمات وهي هدوء مقابل هدوء، وليس اتفاق وقف اطلاق نار أو تهدئة تم التوقيع عليها. التفاهمات تمت بين إسرائيل والجهاد الإسلامي ولجان المقاومة برعاية مصرية، وأنها حققت عدة أهداف من العدوان الأخير على القطاع منها إخراج حماس من دائرة القتال، وأنها ستقوم بالرد بقوة على كل من سيستهدف مواطنيها، وبين قوة العلاقة بين مصر وإسرائيل وانها لم تتأثر بعد بالثورة

الهدوء مقابل الكرامة../ مصطفى إبراهيم
إسرائيل تنفي بشدة أنها تعهدت بوقف سياسة الاغتيالات وأن ما جرى حتى الآن هو عبارة عن تفاهمات وهي هدوء مقابل هدوء، وليس اتفاق وقف اطلاق نار أو تهدئة تم التوقيع عليها. التفاهمات تمت بين إسرائيل والجهاد الإسلامي ولجان المقاومة برعاية مصرية، وأنها حققت عدة أهداف من العدوان الأخير على القطاع منها إخراج حماس من دائرة القتال، وأنها ستقوم بالرد بقوة على كل من سيستهدف مواطنيها، وبين قوة العلاقة بين مصر وإسرائيل وانها لم تتأثر بعد بالثورة.
 
في إسرائيل لم يتوقعوا رد فعل حركة الجهاد الإسلامي على اغتيال الأمين العام للجان المقاومة زهير القيسي الذي كان قوياً. وحركة الجهاد الاسلامي وعلى لسان أكثر من مسؤول فيها لم ترض أن تكون المقاومة حصرياً لحركة حماس، وأن لا تكون تهدئة مجانية، وفي المرات السابقة شددت على أن تكون التهدئة "الهدوء مقابل الهدوء"، وهذه المرة شددت على أن يكون "الهدوء مقابل الكرامة".
 
وعلى الرغم من الخلاف في الساحة الفلسطينية وسقوط 26 شهيدا، واستهداف منازل المواطنين وقسوة العدوان الإسرائيلي واختلال ميزان القوى، إلا أن الفلسطينيين أثبتوا مدى قدرتهم على الصمود والصبر وقدرة التحمل، وأجمعوا على الرد على العدوان للثأر من كرامتهم التي أمعنت إسرائيل في النيل منها بالعدوان والاغتيالات المستمرة.
 
فللمرة الثالثة خلال عام استطاعت حركة الجهاد الإسلامي كسر قواعد اللعبة القائمة بين فصائل المقاومة وإسرائيل، وللمرة الثالثة تثبت لأطراف عدة أنها قوة ولاعب أساسي في الساحة الفلسطينية في التصدي للعدوان الإسرائيلي والقدرة على التصدي للعدوان والصمود، وللمرة الثالثة تضع حركة الجهاد الإسلامي حركة حماس في موقف محرج، وبينت مدى الخلاف القائم بين الحركتين على التهدئة الهشة، وغير المعلنة رسمياً، وكذلك حدة الاستقطاب والاختلاف والتشرذم الفلسطيني.
 
في المرة الأولى لم تصمت حركة الجهاد الإسلامي على استهداف مجموعة من مقاتلي الحركة في شهر فبراير (شباط) من العام 2011، والمرة الثانية كانت في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2011، ولم تنتظر طويلا على اغتيال خمسة من قادتها سقطوا في مدينة رفح، ادعت إسرائيل أنها جاءت رداً على القصف الصاروخي من قبل حركة الجهاد الإسلامي على منطقة "دير طوبيا" بالقرب من مدينة أسدود.
 
إسرائيل ليست بحاجة إلى ذريعة لتنفيذ سياستها العدوانية المستمرة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، فاستهداف شخصية بحجم الشهيد زهير القيسي، الذي يزعج أطراف عدة في مقدمتها إسرائيل، يكفي أن يتم تحققه، وهذا هدف كاف ومهم للتخلص منه ليضعف قوة اللجان بعد اغتيال اثنين من الأمناء العامين والمؤسسين لها.
 
بالإضافة لأهداف أخرى أرادت إسرائيل تحقيقها من خلال لجان الفحص التي أقامتها ومنها اختبار قوة الردع للجيش الإسرائيلي التي تآكلت بعد عملية الرصاص المصبوب في العام 2009،2008، وكذلك اختبار مدى قدرة القبة الحديدية للتصدي للقذائف التي تطلقها فصائل المقاومة، وفي إسرائيل يتحدثون بفخر أنها قامت بمهمتها بقدرة عالية للتصدي للقذائف الفلسطينية، وكذلك اختبار قدرة وقوة حركة الجهاد الإسلامي التي أصبحت قوة عسكرية كبيرة، وتمتلك صواريخ بعيدة المدى وتستطيع تهديد إسرائيل.
 
وبغض النظر إن كان هناك اتفاق بالتزام إسرائيل بوقف الاغتيالات أم لا فإن إطلاق النار توقف، فالعدوان الإسرائيلي لن يتوقف ويجب استخلاص العبر والدروس من جولة القتال غير المتكافئ بشكل معمق يضع حدا للخلاف القائم في الساحة الفلسطينية للتصدي للعدوان القادم الذي ربما سيكون أعنف وأشد قسوة من الجولة التي انتهت.
 
ومع ذلك وفي ظل الانقسام وغياب التوافق الوطني بين الفصائل الفلسطينية على مقاومة الاحتلال، ومواجهة التصعيد الإسرائيلي المستمر والرد على جرائمه، ستستمر إسرائيل في ضرب الفلسطينيين وقت ما تشاء خدمة لأهدافها، وإظهار قوة الردع للجيش الإسرائيلي المتآكلة على حساب الدم الفلسطيني.

التعليقات