07/06/2012 - 10:58

الحراك الآن إجباري لمنع التجنيد الإجباري../ نديم ناشف*

تعمل المؤسسة السياسية والائتلاف الحكومي الإسرائيلي بكثافة في الشهر الأخير على إعادة صياغة قانون التجنيد الإجباري (المعروف بقانون "طال") الذي تتفق عليه الأحزاب الإسرائيلية من خلال "لجنة بيلسنر " الموكلة بالأمر

الحراك الآن إجباري لمنع التجنيد الإجباري../ نديم ناشف*

تعمل المؤسسة السياسية والائتلاف الحكومي الإسرائيلي بكثافة في الشهر الأخير على إعادة صياغة قانون التجنيد الإجباري (المعروف بقانون "طال") الذي تتفق عليه الأحزاب الإسرائيلية من خلال "لجنة بيلسنر " الموكلة بالأمر.

من المتوقع أن يصاغ هذا القانون حتى نهاية شهر تموز المقبل. ويردد الساسة الإسرائيليون أن القانون الجديد يهدف إلى "مساواة في تحمل العبء"، أي وباختصار تجنيد جميع المواطنين في دولة إسرائيل للخدمة العسكرية أو المدنية، والمستهدف الأساسي هو " الحريديم" (اليهود المتزمتين) والعرب الفلسطينيين.

لا شك أن تحويل الخدمة إلى أمر إجباري بموجب القانون، هو تصعيد خطير ولحظة مفصلية في العلاقة بين فلسطينيي الـ48 والحكومة الإسرائيلية. الوضع يختلف كل الاختلاف عن المرحلة السابقة التي كانت فيها الخدمة اختيارية ومحدودة العدد. تصوّر أن يبلغ العربي جيل 18 (ما يقارب الـ 28000 شخص في السنة ) ويدخل جهاز غسيل الدماغ فيتشبع بالأسرلة ويؤمن بـ"يهودية الدولة".

يشير بحث سموحة (جامعة حيفا، 2012) الأخير إلى أن 86% من خريجي الخدمة يؤيدون فكرة دولة يهودية ديمقراطية، مقارنة مع ما يقارب الـ40% ممن لم يؤدوا الخدمة المدنية. إذا أصبحت الخدمة المدنية إجبارية عندها لن يكون مانع أمام الشاب العربي للتفكير في الخدمة العسكرية المفتوحة أمامه. هذا منزلق خطير يشرعن ويعزز إمكانية الخدمة العسكرية. قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلنوها بصريح العبارة "نريد أن يصل الجميع إلى الباكوم (معسكر التجنيد) ونحن نختار من نريد للجيش والبقية إلى الخدمة المدنية".

هذا القانون يدخلنا في متاهات ربط الحقوق بالواجبات، فبعض الساسة الإسرائيليين يتحدثون عن قانون إجباري ولكن ليس بمعنى أن يسجن من يرفضه، لكنه يخسر حقوقه المدنية. هذا أخطر من أن السجن لفترة محدودة، لأن الحقوق المدنية والإنسانية للسجين المحرر تحفظ. المقصود هنا هو عن سلب العربي حقوقه الأساسية مثل حق العمل في مؤسسات حكومية وشبه حكومية ومنع عن التأمين الوطني.. والخ.. بمعنى أن هذا القانون هو عنصري وفاشي أكثر من قوانين التجنيد المعهودة والسابقة.

نتانياهو يحاول تهدئة خواطر شركائه "الحريديم "، ويتحدث عن تجنيد تدريجي وهذا فخ آخر، فهو يهدف لرفع نسبة المجندين بعدة آلاف كل سنة حتى يصل إلى وضع تجند فيه الأغلبية، خلال بضع سنوات. يأتي هذا من منطلق تحضير جهاز التجنيد تنظيميا وماليا، لكونه غير جاهز لاستيعاب عشرات الآلاف دفعة واحدة، ومن منطلق سحق وتفتيت المعارضة، بحيث ندخل لعبة "مين نفسه أطول" والتطبيع مع الواقع على مر السنين. فمعلوم أن معارضة التغيير الحاد ستكون أكثر حدة، من معارضة التغيير التدريجي، خاصة من طرف "الحريديم" وهم للأسف مجتمع أكثر منا تنظيما وعقائدية.

بالرغم من كل هذه المخاطر والتصعيد الصارخ، لم يرتق بعد تفاعل مجتمعنا الفلسطيني مع الأمر نظرا لحجم خطورته. لم يصدر عنا أي رد واضح سوى بعض النقاشات المتقطعة في لجنة المتابعة وبيان أو اثنين منها.

الآن أكثر من أي وقت مضى، لا بد أن يرتقي ردنا لمستوى الحدث، فنحن بحاجة إلى موقف جماعي واضح وواثق، نقول فيه إننا لن نتردد عن العصيان المدني ومخالفة القانون الجديد في حال تم بموجبه فرض التجنيد. يجب أن تكون لدينا خطة عمل واضحة ابتداء من هذه اللحظة وحتى نهاية شهر تموز، وخطة أخرى في حال تمت المصادقة على القانون، تشمل جميع الجوانب من نشاطات جماهيرية وشعبية وإعلامية وقانونية محلية ودوليه. جميعنا نعلم أن الائتلاف الحكومي الإسرائيلي يمتلك الأغلبية المطلقة، فحتى لو انسحبت الأحزاب اليهودية المتزمتة، لن يمنعه ذلك من تمرير القانون بسهولة. على جميع الأطر والقوى العربية التكاثف الفوري والانطلاق بمقولة واضحة ترفض الخدمة المدنية والعسكرية، الاختيارية والإجبارية، على حد سواء.

التعليقات