كما هو معروف، اقيمت نتسيرت عليت في النصف الثاني من سنوات الخمسين وذلك تتويجاً لحلم بن غوريون باقامة مدينة يهودية في قلب الجليل وبالذات قرب مدينة الناصرة عاصمة الجماهير العربية . وكما يعلم الجميع اقيمت نتسيرت عليت على اراضي مدينة الناصرة وقرى عين ماهل، كفر كنا ، الرينة والمشهد حيث صودرت هذه الأراضي عنوةً عن اهلها.
يبلغ عدد السكان في نتسيرت عليت حوالي 50 الف نسمة وحسب تقديراتنا خلافاً لما جاء في معطيات دائرة الاحصاء المركزية يسكن المدينة حوالي 500 12 عربي اي ما يعادل 25% من السكان، قسم منهم حوالي 2000 لم يغيروا مكان تسجيل السكن في دائرة تسجيل السكان في وزارة الداخلية ويعود ذلك برأينا لعدة عوامل اولها عدم الاكتراث وثانياً الاصرار على ابقاء التسجيل في اماكن السكن الاصلية، وذلك من اجل الانتخاب والتصويت والتأثير في الانتخابات البلديه وخاصة في حالة الناصرة. وسبب آخر لذلك هو المحافظة على الارتباط بالمؤسسات التربوية والتعليمية من حضانات وروضات اطفال ومدارس في اماكن السكن الاصلية خاصة في الناصرة.
حسب تقديراتنا ومن المعطيات التي حصلنا عليها هنالك حوالي 2000 تلميذ عربي من صف البستان وحتى الثاني عشر يقطنون المدينة ويضطرون للسفر للتعليم في مدارس عربية خارج المدينه، والأغلبية العظمى تدرس في مدارس مدينة الناصرة المجاورة. فبالرغم من كون نتسيرت عليت مدينة مختلطة حسب التعريف الرسمي لا يوجد حتى يومنا هذا في المدينه ولو مدرسة عربية واحدة .
منذ بدء الدورة الحالية للمجلس البلدي وضعت قائمتنا العربية المشتركه للتعايش على رأس سلم اولوياتها قضية اقامة مدرسة عربية في المدينة بالاضافة لمعالجة النقص الحاد في المراكز التربوية للسكان العرب حيث ان السكان العرب خاصة الشباب يمارسون هواياتهم واعمالهم الثقافية والتربوية والرياضية في الناصرة والقرى المجاورة. وعلى أساس هذا البرنامج وبعد مباحثات طويلة قررنا الانضمام الى الائتلاف البلدي بعد ان تعهد رئيس البلديه باقامة لجنة تكون مهمتها وبالتنسيق مع وزارة المعارف التحضير لاقامة مدرسة عربية. وبعد ان تنكر رئيس البلديه لوعوده ونكث الاتفاق حول إقامة المدرسة العربية أعلنا عن انسحابنا من الائتلاف البلدي.
لا يختلف اثنان على ان اقامة مدرسة عربية في المدينة هو حق للسكان العرب وهو واجب على البلدية وقد حصلنا في السابق على تصريحات من ممثلي وزارة المعارف وفي وسائل إعلام مختلفه بعد ان احرجناهم بانهم لا يعارضون اقامة مدرسة عربية في المدينة لكن على البلدية ان تقوم بالاجراءات المطلوبة مثل الطلب وايجاد المكان والبناء الملائم والوزارة بالطبع ستمول المشروع.
هنا يطرح السؤال لماذا تعارض الاوساط المتنفذة في إدارة بلدية نتسيرت عليت وباصرار وعناد فريدين اقامة المدرسة العربية في المدينة؟ هم يعتقدون ان نتسيرت عليت هي مدينة يهودية ومن المفضل ان لا يقطنها عرب بتاتاً ولكن وبما ان هنالك حقيقة واقعة وهي وجود سكان عرب في المدينة فليبقوا حسب منطقهم دون مدرسة ودون مراكز تعليمية وتربوية. هم يريدوننا ضيوفاً في هذه المدينة نأتي في ساعات المساء لنستخدم بيوتنا كفنادق للنوم والراحة والاسترخاء، ولنقم بتعليم اولادنا وممارسة هواياتنا ونشاطاتنا الثقافية، الاجتماعية، التربوية والرياضية في الناصرة والقرى المجاورة . هم يدركون تماماً ان اقامة المدرسة في نتسيرت عليت ستؤدي الى ترسيخ ارتباطنا وتجذرنا في هذه المدينة. فهي تعبر عن الارتباط بالمكان. وهم يدركون ان هذه المدرسه ستساهم في تشكيل مجتمع عربي في المدينة ، ففي المدرسة يتم التعارف والتواصل بين التلاميذ ومن ثم التعارف والتواصل بين الأهل حيث تقام لجان اولياء أمور ونشاطات تربوية عديدة للتلاميذ والأهل وكل هذا يساهم في تنظيم مجتمع عربي على اساس الانتماء القومي والهوية الجمعية. هم يدركون جيداً كل هذا ، لذلك نراهم يعارضون بشراسة اقامة هذه المدرسة.
السؤال الآخر الذي يطرح نفسه: هل نعي نحن السكان العرب اهمية اقامة هذه المدرسة؟ اعتقد انه لا يخالفني أحد الرأي بالحاجة الماسة لاقامة هذه المدرسة العربية. لكن هنالك العديد من التساؤلات التي يطرحها البعض: هل يضر ذلك بمدارس الناصرة خاصة الأهليه منها؟ وهل سيكون التلاميذ العرب من سكان المدينة مرغمون بالالتحاق في هذه المدرسه؟ هل سيمنعون من الدراسة في مدارس الناصرة؟ الجواب بالتأكيد لا . فإقامة المدرسة العربية في نتسيرت عليت لن تجلب الضرر للمدارس الاهلية في الناصرة فكلنا يعلم ان عدد الراغبين في الالتحاق بهذه المدارس كبير جداً وبالعكس تماماً ترفض العديد من الطلبات نتيجة لعدم قدرتها استيعاب جميع الراغبين بالالتحاق بها. من ناحية اخرى وبعد اقامة مدرستنا العربية في نتسيرت عليت، والتي نطمح بان تكون مدرسة على مستوى عال جدا من ناجية تعليميه ومنهجية وإداريه لا تقل عن مستوى المدراس اليهودية في المدينة يظل من حق كل تلميذ البقاء او الالتحاق بمدارس الناصرة والقرى المجاورة .
بعد ان فقدنا الأمل من استجابة بلدية نتسيرت عليت لمطلبنا وحقنا في إقامة هذه المدرسة سنبدأ في الايام القليلة القادمة بجمع تواقيع اكبر عدد ممكن من السكان العرب في المدينة على عريضة موجهة لوزارة المعارف وللبلدية نطالبها باقامة هذه المدرسة وفي حالة الرفض سنتوجه وبالتعاون مع جمعية "حقوق المواطن" وجمعية "مساواه" وباسم أهالي التلاميذ بالتماس للمحكمة العليا من أجل أرغام البلدية ووزارة المعارف على إقامة هذه المدرسة العربية في المدينة. المعركة ستكون صعبة وطويلة لذلك هنالك حاجة ماسه لتعاون وتكاثف كل السكان العرب من اجل تحقيق هذا الهدف ولا يساورنا ادنى شك ان النصر سيكون حليفنا . قوتنا بوحدتنا.
التعليقات