25/06/2012 - 10:59

الثورة المُحبطة!../ بن ثابت صليبا

شعور الخيبة والحرج لم تفقده عقلانيته وهي حتماً لن تحبط عزيمته، فهو لم يطلق عهداً ولم يسقط حداً، لعلمه أن ليس في ذلك لي سوى تكبيل للعقل وسلب للإرادة الحرة ...

الثورة المُحبطة!../ بن ثابت صليبا

شعور الخيبة والحرج لم تفقده عقلانيته وهي حتماً لن تحبط عزيمته، فهو لم يطلق عهداً ولم يسقط حداً، لعلمه أن ليس في ذلك لي سوى تكبيل للعقل وسلب للإرادة الحرة ...

عاد الى مسكنه الدراسيّ المتواضع والرحب في آن! بعد أن أمضى أسبوعاً في فلسطين الخطوط والأرقام، محاولاً التموضع مجدداً في مسلك خياراته ورؤيته، يستعيد خطواته مثقلاً بالتساؤلات البعيدة عن الضوابط الفكرية  التي أحاطها بهالة وقدسية، يستجوب ذاته حقيقة أصل الخلل هل هو الحدس الخاطئ؟ أم قوة المشاعر وأمل الشباب وتسرعه؟ أو هي الاستكانة للخطاب النخبوي المشوه؟

انغامسه في الدراسة لم يثنه عن الاهتمام والتواصل حيث انتمائه ومشاعره الأبدية والوحيدة، وهي التي تواجه هذه الأيام الخطر المصيري الأكبر في العصر الحديث، وهو الذي لا يخفي انسجامه وتبنيه للتسمية التي أطلقها أصدقاؤه الثوريون الأجانب بخصوص الأزمات والتغيّرات التي يمر بها الوطن العربي، "الربيع العربي" ثورة التحرر التي شكلت المحور الرئيسي المتداول في سهراته الصاخبة وأصدقائه والتي لا تخلو بدورها من التطرق الى الأزمة الإقتصادية التي تعصف بدول الاتحاد الأوروبي وتأثيرها على تحقيق العدالة العالمية والحريات العامة..

الأسابيع التي سبقت قراره المفاجئ بالعودة إلى الوطن كانت حاسمة في ترسيخ القناعة لديه بضرورته، فحالة الغليان الثوري التي تعصف بمواقع التواصل الإجتماعي (العالم الافتراضي كما يُنظر له عامة هو تجسيد فعلي لوطنه البعيد) تؤكدها البيانات والمقالات الواردة في المواقع العنكبوتية المختلفة والتي تدل المغالاة في صيغتها النصية على ترتيب البيت الوطني الداخلي تعبيراً عن الإستعداد والجهوزية من أجل مواكبة التحديات الآتية، وهو الذي لم ير في جميع تلك المؤثرات سوى مؤشرات على حتمية الثورة التي طالما تمناها بعقليته الثورية التواقّة الى الحرية المطلقة!.. إنه زمن الحسم وتحقيق العدالة المنشودة فكيف يستكين إزائها ويتخلف عن المساهمة الفعلية مستلهماً صورة وائل غنيم في الميدان، هي الرغبة في التضحية والمشاركة في اللحظة التاريخية .... هل يتخلف؟!

ما أن استقر بين الأحباب والأحبة والحضن العائلي المثقل في المشاعر، حتى بدأ يتلمس واقعية "الغليان" وهو الأقرب إلى التذمر من الظروف المعيشية المفعمة باستهلاكية ومظاهر العولمة الحديثة، البعيدة عن العلاقات الإنسانية المضمحلة في ظل ارتفاع التنافس المادي الجشع، والذي ما ينظر إليه غالباً بإيجابية وإعجاب!! إذاً.. هي الأمور الحياتية العادية لا تزال سيدة الحيز والمشهد المرتقب، تشوبها سجالات "الطرشان" الإنفعالية المنغلقة كأداة  التفاعل الوحيدة بين المهتمين بجوهر الأزمات.. فلا شيء جدّيا يوحي بتحول ما يُذكر، أو تحرك ما من شأنه أن يؤدي الى تحقيق رغبته وهدفه المنشود ... أبداً لا شيء من هذا القبيل!

لا يزال إيمانه راسخاً بقناعاته ومبادئه وانتمائه، فالشعور الوطني الفطري الصادق لا يتطلب مجهوداً وتأكيدا مبتذلاً!! هو السلوك الأخلاقي القيّمي البديهي، وهو الخيار الأسهل الذي لا يترك عوارض سلبية نفسية أو جسدية تذكر!.. هي إحدى التجارب التي تساهم في صقل شخصيته ووعيه السياسي والاجتماعي المتين والمتزن، وذلك ما ولّد لديه ضرورة التعمّق أكثر في القراءة والمراجعة التحليلية لمختلف المجالات بعيداً عن التقوقع الذهني المنغلق.. مراجعة تاريخ المنطقة وأسيادها العرب دون التباكي على وَهْم "الفردوس المفقود"!..
 

التعليقات