30/06/2012 - 13:38

اللقاء المهزلة../ مصطفى إبراهيم*

الأولوية هي إنهاء الانقسام وإعادة النظر في ماهية مشروعنا الوطني بعد أن تراجعت أهدافنا وأصبحت غير واضحة وليست موحدة ومضطربة، من دون أن نفكر في مراجعتها وتقييمها، وإعادة البناء لمؤسساتنا المثخنة بالفساد والإقصاء والتفرد والاستئثار، سيستمر التردي والتدهور

اللقاء المهزلة../ مصطفى إبراهيم*

الرئيس محمود عباس لا يرد طلبا لأحد خاصة ضيوفه من دولة الاحتلال، وهو لا يزال مصرا على استقبال نائب رئيس وزراء دولة الاحتلال شاؤول موفاز في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، وصائب عريقات يقول "إن الزيارة جاءت بناء على طلبه، وإن القيادة بانتظار ما سيحمله موفاز معه من القيادة الإسرائيلية".

الأنباء تخبرنا أن الرئيس ينتظر من نتنياهو أجوبة على طلبه بالإفراج عن 132 أسيرا فلسطينيا اعتقلوا قبل العام 1994، والسماح بإدخال أسلحة للأجهزة الأمنية، فإن ذلك سيتيح المجال لانعقاد لقاء بين عباس ونتنياهو للحوار بينهما.

والأخبار تقول إن موقف نتنياهو على حاله، لا يزال يرفض الإفراج عن الأسرى جميعاً، ويشترط الإفراج عن 25 منهم على دفعات، على أن يتم الإفراج عنهم بعد اللقاءات مع عباس وليس قبلها.

الرئيس عباس بعد دراسة الطلب الذي تقدم به موفاز وافق على اللقاء في رام الله، طلب اللقاء جاء بعد زيارة موفاز إلى واشنطن والتي تزامنت مع وجود صائب عريقات، والذي عاد بنصيحة من هناك أن يلتقي عباس موفاز لأنه يحمل أفكارا لتحريك العملية السلمية الميتة منذ فترة طويلة.
الفلسطينيون يتساءلون عن السر وراء إصرار الرئيس عباس على استمرار هذه اللقاءات مع مجرمي الحرب من قادة دولة الاحتلال الذين ارتكبوا، ولا يزالون، جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني والممارسات اليومية من انتهاكات واستيطان وتهويد وعدوان وحصار مستمر وتنكر للحقوق، وعدم التزامها بتنفيذ وتطبيق الاتفاقات الموقعة.

والسلطة لا تزال ملتزمة بتنفيذ التزاماتها خاصة فيما يتعلق بالتنسيق الأمني كونه مصلحة إستراتيجية إسرائيلية يعمق الانقسام الفلسطيني لما تقوم به الأجهزة الأمنية من اعتقال الفلسطينيين، وإحباط أي فعل مقاوم مقابل حفنة من الامتيازات للمسؤولين في السلطة والأجهزة الأمنية.

لقاء موفاز معيب، ويجب أن لا يتم، وهو مرفوض وطنيا ولا يصب في مصلحتنا في ظل ما تقوم به دولة الاحتلال من عدوان وحصار للأراضي الفلسطينية وتهديد مستمر للكل الفلسطيني، فهو خطوة في تعميق الانقسام وضرب للنسيج المجتمعي الفلسطيني الرافض لزيارته، واستهتار بالإرادة الشعبية التي عبرت عن غضبها للزيارة واللقاء، فالأولى أن يصب الجهد في تكثيف اللقاءات والحوار الوطني لإنهاء الانقسام ومواجهة الصلف والاستكبار الإسرائيليين.

الخطوة المطلوبة هي إلغاء اللقاء المهزلة، وهي ضرورة وطنية للتعبير عن رفض الشروط والإملاءات الإسرائيلية، والتأكيد على الوحدة الوطنية استجابة للإرادة الشعبية التواقة للمصالحة الوطنية الشاملة، والخطوة الأهم هي الاستمرار في عزل دولة الاحتلال ونزع الشرعية عنها كونها دولة مارقة ترتكب الجرائم بحق الفلسطينيين.

إلا أن الرئيس عباس بخطوته المستغربة من الكل الفلسطيني مصر على تبرئة دولة الاحتلال من جرائمها، ومنحها شرعية في استمرار الاحتلال، ويعزز من الانقسام وطموح البعض باستمراره، الرئيس لديه الفرصة لإعادة الوحدة وإنهاء الانقسام والتوجه للشعب الفلسطيني للالتفاف حوله ومساندته بدل من الوقوف ضده ومخاصمته ومحاسبته لاحقا على إهانته للفلسطينيين بعدم احترام إرادتهم الرافضة لاستمرار الانقسام وإتمام المصالحة الفلسطينية.

الاستجابة للإرادة الشعبية بإلغاء اللقاء هو لمصلحة القضية الفلسطينية، وتعبير عن إرادتنا برفض سياسات الاحتلال، واللقاء المريب سيجلب الضرر ولن يجلب النفع على الإطلاق، خاصة وأن مشروعنا الوطني يمر بمراحل صعبة وخطيرة، والأوضاع تزداد سوء يوما بعد الآخر منذ أكثر من عشرين عاماً.

الأولوية هي إنهاء الانقسام وإعادة النظر في ماهية مشروعنا الوطني بعد أن تراجعت أهدافنا وأصبحت غير واضحة وليست موحدة ومضطربة، من دون أن نفكر في مراجعتها وتقييمها، وإعادة البناء لمؤسساتنا المثخنة بالفساد والإقصاء والتفرد والاستئثار، سيستمر التردي والتدهور.
 

التعليقات