20/08/2012 - 18:41

الاحتلال ومعاناة أطفالنا../ د. فايز رشيد

الاحتلال بحد ذاته هو جريمة كبرى وفقاً للقوانين والأعراف الدولية. من تأثيراته: أنه يصيب الأطفال بأمراض نفسية كثيرة، وهناك دراسات وتقارير دولية ومحلية كثيرة تتناول هذه المسألة. الأطفال الفلسطينيون يعانون أيضاً بشكل مباشر من الجرائم الصهيونية المتمثلة في الحروب التي تشنها إسرائيل والإغارات بالطائرات والقصف بالمدفعية على المناطق الفلسطينية (والأخرى العربية قانا مثلاً) فمن بين الضحايا توجد نسبة كبيرة من الأطفال، كذلك الإصابة بالعاهات الدائمة كالعمى والشلل وبتر الأطراف فكلنا يذكر مشاهد معاناة الأطفال في الحرب التي شنها العدو الصهيوني على قطاع غزة 2008-2009 حين نقلتها الفضائيات العربية: الطفل الذي فقد عينيه والذي لم ينس توجيه الشكر إلى طاقم التحقيق والتصوير لإحدى الفضائيات. الطفلة التي بترت ساقاها، وأخرى ذراعاها، وطفل أصيب في بطنه، وغير ذلك من المشاهد التي تدعو إلى التقزز من همجية وفاشية هذا العدو

الاحتلال ومعاناة أطفالنا../ د. فايز رشيد

الاحتلال بحد ذاته هو جريمة كبرى وفقاً للقوانين والأعراف الدولية. من تأثيراته: أنه يصيب الأطفال بأمراض نفسية كثيرة، وهناك دراسات وتقارير دولية ومحلية كثيرة تتناول هذه المسألة. الأطفال الفلسطينيون يعانون أيضاً بشكل مباشر من الجرائم الصهيونية المتمثلة في الحروب التي تشنها إسرائيل والإغارات بالطائرات والقصف بالمدفعية على المناطق الفلسطينية (والأخرى العربية قانا مثلاً) فمن بين الضحايا توجد نسبة كبيرة من الأطفال، كذلك الإصابة بالعاهات الدائمة كالعمى والشلل وبتر الأطراف فكلنا يذكر مشاهد معاناة الأطفال في الحرب التي شنها العدو الصهيوني على قطاع غزة 2008-2009 حين نقلتها الفضائيات العربية: الطفل الذي فقد عينيه والذي لم ينس توجيه الشكر إلى طاقم التحقيق والتصوير لإحدى الفضائيات. الطفلة التي بترت ساقاها، وأخرى ذراعاها، وطفل أصيب في بطنه، وغير ذلك من المشاهد التي تدعو إلى التقزز من همجية وفاشية هذا العدو.

لا تقتصر معاناة أطفال فلسطين على ما ذكرناه في المقدمة، بل تتجاوز ذلك إلى الاعتقال المباشر، فوفقاً لوزير شؤون الأسرى والمحررين في السلطة الفلسطينية، فإن الكيان الصهيوني يعتقل سنوياً ما يقارب 700 طفل فلسطيني، وأن 90% من هؤلاء يتعرضون للتعذيب. منظمة "بتسليم" الإسرائيلية كتبت تقريراً عن معاناة أطفال شعبنا ذكرت فيه: أن الجيش الإسرائيلي قام بين عامي 2005 و 2010 بمحاكمة 835 قاصراً بتهمة رشق الحجارة (التي غالباً ما يجري توجيهها إلى الأطفال).

وزير الخارجية الاسترالي بوب كار أثار مسألة اعتقال ومعاناة الأطفال الفلسطينيين مع وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك أثناء مباحثاتهما في جولته الأخيرة للمنطقة، وذلك بعد نشر الصحافة الاسترالية (ومنها مجلة ويك إند وصحيفة ذا استراليان) لتقارير عن تعذيب الأطفال الفلسطينيين بعد اعتقالهم. كما نشرت شهادات حيّة لأطفال عديدين عانوا من الاعتقال والتعذيب الذي تمارسه إسرائيل مع المعتقلين الفلسطينيين الكبار: التعذيب بواسطة تعريض الأطفال للكلاب الشرسة، الصعقات الكهربائية، الضرب المبرح بالسياط، الضرب بالأيدي والأرجل للأطفال من محققين من ذوي العضلات المفتولة، الحرمان من النوم، الموسيقى الصاخبة حتى تمنعهم من النوم، الجلوس على كراسي وأجسادهم مقوسة إلى الوراء، وضع أكياس سوداء على رؤوسهم أثناء التحقيق إضافة إلى الضرب الذي يوجه لهم في آنٍ معاً، تعريضهم للبرد الشديد والحرارة الشديدة، العزل الانفرادي في زنازين مغلقة إلا من فتحات صغيرة وغيرها وغيرها من الوسائل. التقرير الذي نشرته الصحافة الأسترالية تضمن إيراد أسماء الأطفال الذين تعرضوا لهذه الوسائل في التحقيق والاستجواب، إضافة بالطبع إلى الوسائل النفسية الهجمية التي تستخدمها إسرائيل معهم، ومنها مساومة الطفل ليكون عميلاً للمخابرات الإسرائيلية.

جرائم إسرائيل وصلت في فاشيتها إلى الحد الذي حدا بـ60 خبيراً من اليهود الإسرائيليين في مجال حقوق الأطفال، ومنهم أكاديميون وعلماء، إلى توجيه رسالة مؤخراً إلى رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو جاء فيها: أن الاعتقالات والتحقيقات المهينة التي تقوم بها إسرائيل للأطفال الفلسطينيين وتتجاهل فيها القانون، تلحق الأذى بشريحة سكانية ضعيفة وواسعة.

في سياق متصل وبعد نشر التقرير المذكور في أستراليا قامت الخارجية البريطانية بالتحرك، فقد أرسلت مؤخراً وفداً من المحامين من بينهم المدعي العام السابق باتريشيا اسكتلندا لحضور محاكمات المحاكم العسكرية الإسرائيلية للفلسطينيين وخلص الوفد: إلى أن إسرائيل ارتكبت العديد من الانتهاكات الحقوقية لاتفاقية جنيف واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.

جدير بالذكر أيضاً: أن الدولة الصهيونية التي تدّعي الديموقراطية تميز في نظامها القضائي بين الأطفال الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث تمارس نظامينْ قضائينْ مختلفينْ، يحاكم الأطفال الفلسطينيون أمام محاكم عسكرية إسرائيلية، في حين يحاكم الأطفال الإسرائيليون من المستوطنات المجاورة أمام محاكم مدنية. كما ويتمتع الأطفال الإسرائيليون بالحماية ومجموعة من الضمانات التي يُحرم منها الأطفال الفلسطينيون. فوفقا لنظام المحاكم العسكرية الإسرائيلية يمكن احتجاز طفل فلسطيني لمدة 90 يوماً دون مقابلة محام و188 يوماً دون تقديم لائحة اتهام ضده، في حين لا يمكن احتجاز طفل إسرائيلي لأكثر من 48 ساعة. إسرائيل في عنصريتها لا تقتصر على توجيهها للفلسطينيين والعرب من البالغين، وإنما تشمل أطفالهم بها. لا توجد دولة في العالم ولا في التاريخ باستثناء (.....) الفاشية مارست إرهاباً وإجراماً منظماً ضد الأطفال.

بالرغم من كل هذه الوسائل الهمجية لم تكسر إسرائيل الإرادة لدى الأطفال الفلسطييين للحياة. رئيسة وزراء العدو منذ عقود غولدا مائير وفي تصريح لها بينّت: أنها تصاب بالغصة في كل صباح يولد فيه طفل فلسطين. الأطفال الفلسطينيون بمن فيهم في منطقة 1948 يتكاثرون، وهم في انتقالهم إلى مرحلة الشباب يزدادون إيماناً بعدالة قضيتهم وإصراراً على نيل حقوق شعبهم الوطنية، حتى أسرانا باتوا ينجبون الأطفال، فبواسطة حيوانات منوية منقولة من الأسير عمّار الزبن الذي يعاني حكما بالسجن لمدة 26 عاماً والذي اعتقل في عام 1996، تم إجراء عملية التقليح الصناعي لزوجته. نجحت العملية وأنجبت الزوجة الطفل مهند. هذا إرادة الحياة لدى الفلسطينيين ولن تستطيع الدولة الصهيونية إلغاءها.

التعليقات