28/10/2012 - 12:08

ليبرياهو والمخفي أعظم../ نمر برانسي

ليس الشوق لجلسة سيجار كوبانيّ فاخر صنع على أيدي العذارى الكوبانيات، أو الحنين إلى البيت الذي غادره منذ 15 عاما هو بالضرورة ما شدّ الاثنين لخطوة سياسة بهلوانية وحدوية كهذه

ليبرياهو والمخفي أعظم../ نمر برانسي

ليس الشوق لجلسة سيجار كوبانيّ فاخر صنع على أيدي العذارى الكوبانيات، أو الحنين إلى البيت الذي غادره منذ 15 عاما هو بالضرورة ما شدّ الاثنين لخطوة سياسة بهلوانية وحدوية كهذه.

قد يعتقد البعض جازما أن نتنياهو يقرأ ويحلل بشكل واقعي استطلاعات الرأي التي تشير إلى زيادة قوّة حزب العمل وقوة معسكر الوسط بشكل عام مع دخول لاعب التعزيز (يئير لبيد) وحزبه (يش عتيد) إلى الحلبة السياسية من جهة، وعودة اللاعب درعي "من الإصابة"، وتخوّف نتنياهو من "سرقة" بعض الأعضاء من الليكود إلى "شاس" لأن درعي " متعوّد"، وبتأثير واضح لخروج (كحلون) أيضا من جهة أخرى، فإن كل ذلك جعله يتخوف المشهد الانتخابي السائد.

هذا التحليل قد يكون صحيحا ولا غبار عليه ولا تشوبه شائبة، في السياق العام والعادي، لكن علينا أن نتذكر الحقائق والأشخاص من خلف هذا المشهد، وحينها سنصل إلى نتائج أخرى لا تقل أهمية عما ذكر.

الليكود هو الليكود، أمس اليوم وغدا، لم يغير فكره ولا نهجه ولا أيديولوجيته، وهذا يظهر بشكل واضح بتيار (فيجلين) ولا غرابة في ذلك، وما نتنياهو إلا القناع وورقة التوت التي يتستر فيها (الفجلنيون) لتطبيق سياسة الاستيطان وأرض اسرائيل الكبرى والقضاء على فكرة الدولة الفلسطينية (نتنياهو يريد إبقاءها فكرة فقط)، والعمل الدؤوب بالفلسفة الليبرمانية المتمثلة بالعديد من التشريعات العنصرية، كقوانين الأرض والتخطيط، والقوانين الاقتصادية الاجتماعية والمدنية السياسية وزيادة التضييق على الأسرى والمعتقلين والمسّ الصارخ بالحريات وتقييدها، وأهمها التنظّم (محاولات قديمة جديدة لشطب التجمع وبالذات محاولة منع النائبة حنين زعبي من الترشح) والضغط الهائل على الجمعيّات لخنقها، هذا ناهيك عن قانون النكبة والمواطنة والقائمة طويلة، هذه هي حقيقة نتنياهو ليبرمان، حقيقة وجود أيديولوجية فكرية عنصرية وممارسة حقيقية على أرض الواقع تلغي الفوارق الواهية بين المعسكرين، ممارسة أبرتهايد حقيقي انعكست نتائجه بالاستطلاع الذي نشر مؤخرا والذي لا يفاجئ حتى المتفاجئ.

خطوة كهذه من شأنها تعزيز الفكر اللبيرماني والمتمثل بزيادة تركيز الصلاحيات ونقلها من البرلمان إلى يد رئيس الحكومة، كبداية لتطبيق فكر (الدكتاتور) والنظام الرئاسي الذي يسعى جاهدا لتحقيقه من خلال العودة الى البيت الليكودي الذي تربّى به للسيطرة عليه ولقيادته بالمستقبل، ولتمرير أفكاره المتمثلة بخلق يمين واحد كبير وقوي وزعيم مسيطر قادر على الحكم لمدة طويلة وبصلاحيات أوسع وأشمل وأعم.

وفي الموضوع الإيراني، لم يتغيّر ولم يتبدل موقف نتنياهو وشركاه، فقد أخد بعين الاعتبار فوزا محتملا لأوباما وبالتالي فعليه مواجهة هذا الفوز بجبهة قوية قادرة بتماسكها في التأثير على متخذ القرار الأمريكي باستخدام القوّة لأن الأساليب المتّبعة قد "فشلت" في إيقاف " الخطر" الإيراني، لكنه لم يأخذ بعين الاعتبار أن عدد المقاعد التي يمكن الحصول عليها قد يكون أصغر من عددها اليوم (42 مقعدا). 

هذا التفكير أحرج أحزاب الوسط وعلى رأسها حزب العمل الذي بدا متخبطا مترنحا تحت وطأة الصدمة فكان الرد متلعثما من رئيسة حزب العمل (يحيموفيتش) والتي أكدت للمرة المليون في محاولة لاسترداد الروح أن حزبها هو البديل لليكود "مش غريبة علينا" وأن أفكار الليكود الذي تركها نتنياهو يحملها حزبها، إذا كان بالموضوع الفلسطيني والمستوطنات والنهج الاقتصادي.

وحدة صف وقائمة مشتركة

ستعلو الأصوات المطالبة بهذا المطلب الشرعي. نحن في التجمع الوطني الديمقراطي كنّا ولا زلنا مع الوحدة وخوض الانتخابات بقائمة مشتركة. وكل طفل صغير يعي اليوم تماما أن هنالك ثلاثة تيّارات سياسية واضحة المعالم، حتى أضحى هذا الكلام ممجوجا ومستهلكا، لكن الضرورة تقتضي التذكير بأن التجمع الوطني الديمقراطي أصبح واقعا سياسيا أيديولوجيا وفكريا متجذرا، وخطابه أضحى طاغيا خارج التجمع وعلى كل لسان، وبلغ من التفولذ والتحصن مرحلة خطّ فيها ملامحه وحجمه ووزنه النوعي على جميع الأصعدة داخليا وخارجيا.

ومن هذا المنطلق يجب أن يتم النقاش والحوار والتفاوض مع التيّارات الأخرى  ليس إلا، فإذا نجحنا كان به، وإلا فعلينا خوض الانتخابات بطريقة حضاريّة تليق بنا وبتاريخنا ووعينا وانتمائنا، لأن المشكلة لا تكمن في وجود أو عدم وجود قائمة مشتركة، فالمشكلة الأعظم والتي سنواجهها هي مشكلة رفع نسبة التصويت والعمل على إقناع الفئات التي ستمتنع، وستحاول منع المشاركة، هذا هو التحدي وعلى هذا يجب العمل.
 

التعليقات