22/03/2013 - 10:24

10 سنوات من المجزرة والدمار والخراب والتفكك../ نواف الزرو

المشهد العراقي اليوم بعد عشر سنوات على الغزو والاحتلال الأمريكي-البريطاني، مثخن بالجراح بلا حدود، وحجم ومساحة المحارق والمجازر المقترفة هناك على أيدي القوات الأمريكية ومرتزقتها يصل إلى مستوى هولوكوستي

10 سنوات من المجزرة والدمار والخراب والتفكك../ نواف الزرو

المشهد العراقي اليوم بعد عشر سنوات على الغزو والاحتلال الأمريكي-البريطاني، مثخن بالجراح بلا حدود، وحجم ومساحة المحارق والمجازر المقترفة هناك على أيدي القوات الأمريكية ومرتزقتها يصل إلى مستوى هولوكوستي، فما جرى ويجري في عراق الرشيد لم يكتب في التاريخ، ولم تشهد له البشرية مثيلا، وإن كانت المعطيات الماثلة اليوم تشي بذلك، فإن ما هو مخفي يبقى أعظم وأخطر، فهناك المجزرة البشرية المفتوحة والدمار الشامل  للمدن والبلدات والبنى التحتية، وهناك الاختطاف والنهب الشامل للتاريخ والتراث والحضارة، وهناك الإبادة المنهجية للثروات العلمية العراقية، بل هناك ما هو أبعد وأبعد، هناك الإبادة الجماعية والتهجير الجماعي القسري لملايين العراقيين، وهناك التشويه الجيني المنهجي لملايين الأطفال والأجيال.

ورغم كل ذلك، يطل علينا رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، الذي يشغل حالياً منصب مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الثلاثاء 2013-3-19، ليعلن أنه "ليس نادماً على قراره إشراك بريطانيا في غزو العراق"، مضيفاً "كيف يمكنك أن تندم على إزاحة وحش من السلطة تسبب في خلق مجزرة هائلة"، تصوروا... حجم وهول الكذب والتزييف والجريمة، وكان الرئيس الأميركي أوباما أعلن بدوره: "أن الولايات المتحدة أنهت رسميا مهامها القتالية في العراق"، و"أن الحرب وضعت أوزارها"، و"أن العراق قادر على "رسم مسار مستقبله"، ووزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس يضيف "قررت إدارة الرئيس أوباما منح الحرب في العراق مسمى جديدا هو "عملية الفجر الجديد"، بعد أن كان يطلق عليها منذ الغزو/2003"عملية تحرير العراق".

فأي فجر عراقي جديد هذا؟،  وما مضامينه؟، وماهو حصاده على امتداد السنوات العشر الماضية؟.

حسب إلاحصائيات العراقية الصادرة عن وزارة المرأة العراقية على سبيل المثال فإن هناك نحو  4,000,000 ملايين طفل يتيم، و حسب تقديرات وزارة التخطيط  فقد سقط نحو 2,500,000 مليون شهيد، وحسب إحصائيات وزارة الصحة العراقية والطب العدلي  فهناك نحو 800,000 مفقود، وحسب إحصائيات الدعاوي المسجلة لدى وزارة الداخلية العراقية هناك نحو 340,000 سجين في سجون الدولة بضمنها سجون إقليم كردستان حسب إحصائيات مراصد حقوق الإنسان، علما بأن القوات الأمريكية كانت قد اعترفت رسميا بوجود 120,000 سجين لديها،  وتتحدث الإحصائيات كذلك عن نحو4,500,000 مليون مهجر خارج العراق، ونحو  2,500,000 مليون مهجر داخل العراق-حسب إحصائيات وزارة الهجرة والمهاجرين والمهجرين العراقية.

إلى ذلك لعل شهادة  الشيخ الحارث الضاري، الذي جاب العالمين العربي والإسلامي دونما كلل، شارحا حقائق المشهد العراقي،  فاضحا قوات الغزو وعملاءها على جرائمهم بحق العراقييين، هي الأبلغ والأدق وصفا لما جرى، فقد كان قدم شهادة خلال محاضرة له  في مجمع النقابات الأردنية يوم/2010/3/22 من أبلغ الشهادات حول حجم ومساحة الجريمة الاحتلالية في العراق، إذ قال:"وقع العراق فريسة للاحتلال، ومنذ ذلك الوقت وهو يمر في دوامة، الكل يقتل الكل وينهب ويدمر ويعيث في أرض العراق فسادا.. سنوات طويلة والعراق من سيء إلى أسوأ، ومن حلقة سوداء إلى حلقة أكثر سوادا.."، مضيفا: "فقد العراق أكثر من 1,5 مليون شهيد وأكثر من مليون معتقل دخل سجون العراق في ظل الحكومة الحالية ولم يخرج منهم إلا العدد القليل..فأين هم: هل انتقلوا إلى رحمة الله نتيجة التعذيب؟!"، مردفا:"هناك جيش من الأرامل.. وملايين من اليتامى، وملايين من المهجرين خارج العراق.. وملايين أخرى من المهجرين داخل العراق في الخيام منذ أكثر من خمس سنوات... يفتقدون إلى كل مقومات الحياة في دولة هي من بين أغنى دول العالم.. عشرات الآلاف يسكنون اليوم في بيوت من القش في جنوب ووسط العراق على النفايات.."، مشيرا إلى وجود "نحو 160 سجنا كبيرا وصغيرا"، مستخلصا:" هذا هو العراق الجديد الحر المثالي.. العراق الجريح القتيل المدمر المنهوب المسروق الذي تجري أنهار من دماء أبنائه يوميا.. إن الوضع أسوأ مما كان عليه في أي وقت مضى.. والأيام القادمة تحمل في طياتها أحداثا جساما..".

فهل هناك يا ترى شهادة األغ واعمق واشد وضوحا وتأثيرا من شهادة الشيخ  الضاري...؟

ولخص مواطنون عراقيون المشهد الدموي العراقي بـ: "إن الاحتلال الأمريكي لبلادهم نجح في تحقيق معجزتين هما: رافد ثالث يضاف إلى دجلة والفرات ويحمل اسم "نهر الدم"، و"سور السيارات العظيم" الذي يمتد أمام محطات الوقود في بلد يملك ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم".

وعلى نحو يتكامل مع المجزرة المفتوحة،  تعرض الوطن العراقي منذ الاحتلال عام 2003 وما يزال، الى هجوم شامل واسع النطاق يهدف إلى تدمير بنيته التحتية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية... ومن أخطر عناوين هذا الهجوم التدميري ما يتعلق بعمليات اغتيال منهجية ضد صفوة العلماء والأكاديميين العراقيين، فنحن إذن، أمام عشر سنوات من المجزرة والدمار والخراب والتفكك، يحتاج العراق للخروج منها ومن  محنته وعتمته نحو فجر جديد حقيقي، إلى لملمة نفسه وقواه وطاقاته الوطنية والعروبية، بعيدا عن الفتنة الطائفية الخبيثة التي لا تبقي ولا تذر..
 

التعليقات