31/05/2013 - 11:31

ان فرّق الايمان بين قلوبنا فلساننا العربي خير موحِّد/ باسم حماد

كان الأجدر بحزب الله أن ينأى بنفسه عن هذه الحرب ويحافظ على سمعته الطيبة كحركة مقاومة ضد إسرائيل، خاصة وأن هناك كثيرين ممن يتربصون به ليتهموه بالطائفية .وقد لعب انحياز حزب الله للنظام السوري لصالح المتربصين به وبدوره المقاوم.

ان فرّق الايمان بين قلوبنا فلساننا العربي خير موحِّد/ باسم حماد

إن الإنسان العربي المخلص لأمته ينظر بحسرة و ألم الى ما يجري من حوله  في الوطن العربي الكبيرمن حروب تتسم بالمذهبية والطائفية، وذلك من العراق شرقا وحتى المغرب العربي غربا، مرورا بسوريا ومصر وليبيا وتونس.

ففي الجزائر هنالك المجموعات الجهادية المتطرفة التي تتحصن في الجبال المنيعة والصحارى النائية، وتخوض حربًا ضد القوات الحكومية بهدف الاستيلاء على مقاليد الحكم وإقامة دولة دينية. كذلك الأمر في تونس، وعلى الرغم من وجود حكومة إسلامية هناك يرأسها حزب النهضة، فإن المجموعات الجهادية لا ترضى بذلك، وتخوض قتالا مريرًا خاصة في جنوب البلاد ضد القوات الحكومية بهدف تقويض النظام، وإقامة دولة إسلامية أكثر تشددا.أما في ليبيا فإن المجموعات المتطرفة من شتى الإتجاهات تسعى إلى نسف جهود الحكومة  التي أقيمت بعد انتخابات حرة، ولمنع تثبيت أسس الدولة بعد سقوط القذافي. وكذلك في مصر ورغم وجود الإخوان المسلمين في الحكم، فإن المجموعات الجهادية تخوض حربًا ضد النظام خاصة في سيناء، وقد وصل الأمر الى اختطاف جنود مصريين في الأسبوع الماضي واحتجازهم كرهائن للضغط على السلطات المصرية لإطلاق سراح بعض السجناء التابعين لهذه المجموعات الجهادية.

اما عما يجري في العراق فحدث ولا حرج ،فقد نجحت أمريكا وقبل انسحابها من هناك في زرع بذور الطائفية، وسلمت الحكم عمدا إلى الشيعة كي لا يرضى اهل السنة بذلك ،وتشتعل المواجهات ،وها نحن نرى العراق على ابواب حرب طائفية اذا لم يتدارك ذلك العقلاء من ابناء الشعب العراقي المجيد.

أما في سوريا فيبدو أن الحرب تحولت هناك الى مواجهات طائفية بوضوح، حيث تجمع الجهاديون من أهل السنة من كل العالم  لمحاربة النظام في سوريا بادعاء انه نظام علوي شيعي. مع أن العلويين بعيدون كل البعد عن المذهب الشيعي الاثني عشري، ويكفر أصحاب المذهبان بعضهما بعضا، والخلافات بينهما هي أكبر بكثير من الخلافات بين السنه والشيعة مثلا، والعلويون ألغوا عددًا من أركان الإسلام نفسها كالصيام والحج، الأمر الذي لا يقبل به الشيعة الإثنا عشرية، كما أن العلويين يؤلهون الإمام علي، الأمر الذي يرفضه الشيعة الإثنا عشرية، وغير ذلك الكثير من الخلافات بينهما .وما يجري هناك هو اصطفاف مصالح فقط لا اصطفاف عقائد، وما دخول حزب الله هذه الحرب الا ليحمي نفسه في النهاية.وكذلك تدخل ايران وأنصارها هو لخدمة مصالحها.

كان الأجدر بحزب الله أن ينأى بنفسه عن هذه الحرب ويحافظ على سمعته الطيبة كحركة مقاومة ضد إسرائيل، خاصة وأن هناك كثيرين ممن يتربصون به ليتهموه بالطائفية .وقد لعب انحياز حزب الله للنظام السوري لصالح المتربصين به وبدوره المقاوم.

   أما لدينا هنا في الداخل الفلسطيني، فقد شهدنا في الأيام الأخيرة حربا كلامية بين الحركة الإسلامية الشمالية وأبناء الطائفة العربية الدرزية، على خلفية تصريحات الشيخ رائد فتحي المدرس في كلية الشريعة في ام الفحم مفادها أن الدروز خارجون عن الإسلام ، وقد تطور الأمر إلى تراشق كلامي شارك فيه الشيوخ من الطرفين،والنقاش هو على صحة إسلام الدروز أم لا، وليس على انسلاخ قسم كبير من الدروز عن الأقلية العربية في هذه البلاد لدرجة وصف بعضهم لأنفسم بأنهم ليسوا عربا. وفي اعتقادي أن النقاش يجب أن يكون حول كيفية توحيد وتجميع هذه الطائفة مع أبناء شعبهم العربي قبل النقاش حول صحة إسلامهم.

يعود تاريخ الطائفة الدرزية الى بدايات القرن الحادي عشر الميلادي حيث بدأت في مصرالفاطمية ثم انتقلت وانتشرت في بلاد الشام في ذلك الحين.غير ان السلطان صلاح الدين الذي حرر مصر من الفاطميين لم يعرف عنه أنه لاحق الدروز في بلاد الشام بل استعان بهم في حربه ضد الصليبيين. كما أن الخلفاء العثمانيين كانوا يستعينون بالدروز لتثبيت حكمهم ولم يعاملوهم كمرتدين عن الاسلام.

      قلناها دائما ونقولها مجددا أن أفضل الطرق لتوحيد الجماهير العربية في هذه البلاد يتمثل بالتمسك بالانتماء القومي الذي يوحدنا مسلمين ومسيحيين ودروزا .وحتى نستطيع مواجهة السياسات العنصرية للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة التي تسعى الى زرع الفتنة بيننا والى تحويلنا الى طوائف وحمائل وعائلات.ولذلك علينا اليوم ان نعود الى التشبث بعروبتنا وانتمائنا القومي ،وحينها تذوب الفوارق بيننا.

اما بالنسبة للانتماء الديني فلا إكراه في الدين، وليعبد كل منا الله تعالى بطريقته الخاصة ،مع ضمان حرية العبادة الكاملة ،فأنا مثلا كاتب هذه السطور إنسان مسلم واعتز بديني والتزم بأركانه الخمسة ولكن ذلك لا يجعلني أتنكر لانتمائي القومي العربي في هذه الدولة التي تعرف نفسها على أنها دولة اليهود. وبهذا فإنني اشعر بأنني في خندق واحد مع كل العرب في هذه الديار مسلمين ومسيحيين ودروز.

من هنا لابد ان نناشد الجميع بالإلتزام بالانتماء القومي في هذه المرحلة العصيبة كي نتجنب الفتن والخلافات التي قد تمزق مجتمعاتنا وتدمر وجودنا وتدخلنا في حرب أهلية لا قدر الله.
 

التعليقات