20/07/2013 - 09:44

لعبة الاعتدال مقابل المتطرفين وخيمة العواقب../ نضال محمد وتد

أخطر ما تحمله هذه المحاولات هو ترسيخ شق صفوف الجماهير العربية وصبغها بلوني التطرف والاعتدال إكراما للقوى "التقدمية اليهودية"

لعبة الاعتدال مقابل المتطرفين وخيمة العواقب../ نضال محمد وتد

يشهد المشهد السياسي في الداخل، عودة للعبة "نحن معتدلون.. وهم متطرفون".. لعبة الاعتدال والتطرف تجلت بعد هبة أكتوبر عام 2000 بمحاولات الأحزاب المأخوذة ببريق اليسار الإسرائيلي) الدعوة ولو كانت خجولة) للتصويت لصالح براك، لكن التجمع الوطني الديمقراطي  والحركة الإسلامية الشمالية وأبناء البلد تمكنوا من فرض موقف المقاطعة.

الاعتدال قاد البعض، بعد سقوط 13 شهيدا برصاص شرطة براك وبن عامي ويوسي بيلين، إلى اتخاذ موقف متذبذب من معارضة بيلين (وزير العدل آنذاك) لتشكيل لجنة تحقيق رسمية، واكتفائه بلجنة فحص، بلغ التذبذب أوجه يومها بحوار على "صحن بوريكس" مع بيلين في قلب دار الاتحاد... واستمر من خلال حوارات مختلفة في "معاليه هحميشاه"، وفي تحريض دموي علني وصريح من الجبهة ضد د. عزمي بشارة (في صحيفة كول هعير) ووصفه يومها بالقومجي والمتطرف من جهة، ومن شيخ الإسلامية الجنوبية على الإسلامية الشمالية في مقابلة مع دالية يئيري، من جهة ثانية...

فمنذ أن وافقت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والقائمة العربية الموحدة في العام الماضي، على القبول بدعوة "تلميذ جابوتنسكي" النجيب، رئوبين ريفلين بالجلوس إلى الوزير بيغن ومريدور وطاقم مخطط برافار والاستماع لما عندهم، وتصر الجبهة ومعها الموحدة، على أن تحفظ لنفسها مساحة ومسافة من أحزاب وتيارات "التطرف القومي- يعني التجمع) و"التطرف الديني الظلامي، يعني الإسلامية الشمالية". وواصلت الجبهة والموحدة هذا النهج حتى بعد افتضاح أمر اللقاءات السرية، وحاولتا باستمرار متسترتين بعباءة ضرورة اتخاذ قرارات المتابعة بالإجماع، الهروب من اقتراحات إعلان الإضراب العام في المناسبات الوطنية، أو حتى عند حالات الطوارئ مثل هدم القرى في النقب أو العودة لمسلسل هدم البيوت في وادي عارة والمثلث...

ويلاحظ المراقب أن الجبهة، تحرص دائما، على الزج بعبارات قاموس ماركس الطبقي في الحديث عن الغلاء والفقراء والطبقات المسحوقة حتى وإن كانت "المصيبة المناوبة" هي مسألة تطرف قومي وسياسة تمييز عنصري محض. في المقابل تكتفي الموحدة بحفلات الاستعراض السياسي الإعلامي الممجوج والمنقطع كليا عن أرض الواقع باستثناء ضمان التقاط الصور في مطلع التظاهرة والاختفاء عندما يولع الميدان...

ويبدو أن قيادة الحزب الشيوعي الإسرائيلي (وهي في الواقع القيادة الفاعلة والمقررة في الجبهة) قررت العودة إلى نمط  سياسة "الاعتدال" التي انتهجتها غداة هبة القدس والأقصى، مكتفية ومعها في المركب نفسه قائمة الموحدة، بتمييز نفسها عن باقي "قوى التطرق القومية والإسلامية " مع تشديدها في كل مناسبة على واجب التنسيق مع "القوى التقدمية اليهودية" دون أن تنجح ولو مرة واحدة في إبراز حجم هذه القوى، التي شملت في إحدى مناسبات يوم الأرض في عرابة استقبال واحتضان الحاخام المتطرف المستوطن مناحم فرومان من مستوطنة "تكواع" واعتبار قبوله الدعوة يومها بأنه إنجاز...

لكن أخطر ما يمكن أن تحمله هذه المحاولات المثابرة من الجبهة والحزب الشيوعي الإسرائيلي، من جهة، والقائمة الموحدة من جهة ثانية- ويشكل الطرفان في واقع الحال فريق أوسلو المناصر لسلطة عباس في رام الله في كافة الظروف-  أخطر ما تحمله هذه المحاولات هو ترسيخ شق صفوف الجماهير العربية وصبغها بلوني التطرف والاعتدال إكراما للقوى "التقدمية اليهودية"، وهي لعبة تصب في صالح مخططات الحكومة الإسرائيلية وادعاءاتها بأن العرب أنفسهم منقسمون ، وليسوا متفقين على موقف موحد، وأن قانون برافار قد طرح بصيغته الأخيرة بعد التشاور مع السكان، وبعد اللقاءات التي عقدها مريدور وبيغن مع عرب من النقب وقيادات سياسية عربية!

في المقابل فإن أحداث يوم الغضب ردا على مخطط برافر، وفي ضوء المشاركة الشاحبة للحركة الإسلامية الشمالية، مقابل الحضور والمشاركة الأوسع لكوادر التجمع وحركة أبناء البلد، تحتم على الحركة اٌلإسلامية الشمالية أن تعيد حساباتها، على الرغم من انشغالها بالملف المصري، فهي التي كانت ولا تزال تبادر في كل عام إلى معسكر تواصل في النقب، عليها الآن وقد حانت ساعة الامتحان، أن تحفظ ميراثها الوطني والنضالي وألا تكتفي (كما كان الحال هذا الأسبوع) بالمشاركة الرمزية لقاداتها، بل أن تجند لمواجهة هذا المخطط كل أنصارها ومؤيديها، حتى يتسنى لنا فعلا إسقاط مخطط برافر، لا سيما وهي ترى بأم عينها لعبة "الاعتدال" التي يقوم بها أفراد فريق أوسلو بين ظهرانينا.

التعليقات