26/08/2013 - 09:25

المبادرة الشعبية../ عمر شحادة*

مطلوب أكثر من أي وقت مضى من كل وطني فلسطيني... منا جميعاً، أن ننتفض لحماية شعبنا وحقوقه وإنقاذه من دوامة المفاوضات وهذه التسوية التصفوية، بأن نعود للإمساك بزمام المبادرة الشعبية والتحرك الجماهيري المنظم الضاغط لوقف هذه المفاوضات، وبعث إرادة المقاومة والوحدة، سبيلنا الأكيد الذي لا سبيل سواه للحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، فإسقاط "أوسلو" هو بوابة الحرية والدولة العتيدة ومفتاح استعادة الوحدة ومكانة منظمة التحرير

المبادرة الشعبية../ عمر شحادة*

تجددت المفاوضات الثنائية المباشرة في واشنطن وسط موجة كبرى من الأوهام تذكرنا بالمناخات التي أشاعتها وسائل الإعلام الأمريكية عن "قيام الدولة الفلسطينية بجانب دولة إسرائيل" عشية توقيع اتفاق أوسلو في الثالث عشر من أيلول/ سبتمبر لعام 1993، والذي انتهى بعد عشرين عاماً بالتمام والكمال لما نحن عليه الآن من ضعف وانقسام سياسي وجغرافي وتهالك لمؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بشقيها.

يعود المفاوض الفلسطيني للانخراط بشكل أعمى في مفاوضات وحلول ثنائية عاريا خالي الوفاض سوى من نوايا ووعود أمريكية مزدوجة تضمنت هذه المرة الاعتراف بـ"الدولة اليهودية "، ما يدخلنا في نفس الخطأ التاريخي الإستراتيجي المستمر منذ عشرين عاماً بالقفز عن قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بما فيها لاشرعية وتجريم الاستيطان، وهو ما حصل في مفاوضات أوسلو السرية وذات الشرك الذي مكّن المحتل من المضي الآمن في الاستيطان، حجر الزاوية في تجسيد وترسيخ المشروع الصهيوني المستدام وبناء الدولة اليهودية على كامل أرض فلسطين.

وإذا أضفنا للتنازل عن موقف الإجماع الوطني وقرار المجلس المركزي، ما سمي بـ"تبادل الأراضي" الممهور بموقف وفد لجنة الجامعة العربية في واشنطن، فإن هذه اللعبة الجديدة ستعني أوسلو جديدا يقود إلى أمرين على الأقل يجري توظيفهما للإجهاز على مكونات البرنامج الوطني ومنظمة التحرير؛ الأول: هو تشريع الاستيطان عبر قبول ما يسمى بالكتل الاستيطانية الكبرى بموافقة الطرف الفلسطيني والعربي، أما الثاني: فهو التمهيد للتبادل السكاني من بقايا المستوطنين خارج الجدار والكتل الاستيطانية الكبرى مع أبناء شعبنا في المحتل عام 1948 لإدماج ابناء الجليل والمثلث والنقب في "دولة" الحكم الذاتي السكاني الفلسطيني في إطار الدولة اليهودية بين البحر والنهر.

ونحن اليوم على شفا حفرة من الانفجار الداخلي أو الانتحار الذاتي، فإن لم تبادر الآن قوى شعبنا السياسية والاجتماعية الحية لوقف هذه المفاوضات المدمرة، وتلج نهجاً بديلاً لها قوامه الشرعية الدولية ومؤسساتها وبعث مقاومة شعبنا والشراكة الوطنية الحقيقية في السراء والضراء، فستغدو النتائج المترتبة على هذه المفاوضات الثنائية الجارية بدون شروط من وراء ظهر الشعب وقواه ورموزه السياسية والاجتماعية والأكاديمية والثقافية والإعلامية، بمفاعيلها على غير صعيد وتأثيراتها الإستراتيجية، أخطر بما لا يقاس من مفاوضات أوسلو السرية!

ولعل تسعة شهور على الأقل من "التفاوض المثابر والمستدام والسري" ستكون كافية لقادة واشنطن وتل أبيب للمضي في استبدال القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية بما يسمى الخطر النووي الإيراني والصراع السني الشيعي، وإعداد مسرح العمليات لحربهم القادمة على شعوب المنطقة وحقوقها وأهدافها ومقاومتها، لرسم خطوط ما يسمونه الشرق الأوسط الجديد الذي يصون هيمنتهم ونفوذهم التقليدي الذي تتربع على عرشه "الدولة اليهودية" المتفوقة نوعياً، وتعبيد الطريق عبر "أوسلو جديد" للانتقال من تقسيم فلسطين وشعبها إلى تصفية قضيتها.

اليوم، حيث لن يجدي الصمت على المنطق التبريري والذرائعي الذي لا يقود إلا للمزيد من التنازل والانحراف عن موقف ودرب الإجماع الوطني الذي يصون حقوق ونضال شعبنا ووحدته ودعم حلفائه، مطلوب أكثر من أي وقت مضى من كل وطني فلسطيني... منا جميعاً، أن ننتفض لحماية شعبنا وحقوقه وإنقاذه من دوامة المفاوضات وهذه التسوية التصفوية، بأن نعود للإمساك بزمام المبادرة الشعبية والتحرك الجماهيري المنظم الضاغط لوقف هذه المفاوضات، وبعث إرادة المقاومة والوحدة، سبيلنا الأكيد الذي لا سبيل سواه للحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، فإسقاط "أوسلو" هو بوابة الحرية والدولة العتيدة ومفتاح استعادة الوحدة ومكانة منظمة التحرير.
 

التعليقات