28/09/2013 - 12:40

التجمع.. فعلاً لا قولاً../ نزار السهلي*

سياسة التجمع تنبع من هوية سكان البلاد الأصليين بوصفهم أمناء على الأرض والتاريخ ولا نبالغ إذا قلنا أن التجمع وشبانه وشاباته وقياداته الممتلئين أملاً والمتألقين نضالا وحيوية وثقة بالنفس، لا يكفون عن بعث الأمل من جديد في مستقبل الشعب الفلسطيني في ال48

التجمع.. فعلاً لا قولاً../ نزار السهلي*

شكلت الأحزاب السياسية الفلسطينية في الداخل الفلسطيني عام 48 قطبا سياسيا على الساحة الداخلية للمجتمع الفلسطيني داخل الخط الأخضر، تجلى بالسلوك والمنهج الممارس لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي" حيال القضايا المطروحة أمامه، وتبوئه مكانة مرموقة في خارطة الأحزاب السياسية لفلسطينيي الداخل بفترة وجيزة بعد رزوح تلك الأحزاب قرابة ثلاثة عقود في تعددية "الأحزاب الإسرائيلية"، مع أوضاع غير متوازنة عمل الاحتلال خلالها على محاولة طمس الهوية الأصلية للسكان الأصليين، والعمل بسياسة التهميش والعزل لمن تبقى في الداخل الفلسطيني اثر النكبة، وضمن الوجود الكلاسيكي لتلك الأحزاب في بوتقة "الديمقراطية والحرية" التي سوقتها سلعة الأحزاب الإسرائيلية "القوى التقليدية كانت تنزل في قوائم مرتبطة بأحزاب إسرائيلية "، غرد التجمع الوطني في سياساته وبرامجه خارج سرب الأحزاب الإسرائيلية، لذلك وجد الإسرائيلي في ولادة التجمع محاولة جادة وجديدة لإقامة حركة سياسية فلسطينية تتبع أصولها الوطنية والقومية، فكان سيل الانكشاف الخادع "لديمقراطية صهيونية" امتحن فيها التجمع "ديمقراطية الاحتلال" فما كان منه إلا أن اتبعَ أصوله العنصرية بصياغة قوانين وسياسات -عدوانية فاضحة وطاردة لادعاءات يرى فيها التجمع و فلسطينيو الداخل تحديا جديدا يضاف إليه تحديات مطروحة أمامه في المجتمع الفلسطيني.

اليوم نقف على أعتاب مرحلة جديدة في فاصل غير متدرج، بين ماض وحاضر.. ماض كانت له مطالب حياتية يومية كانت عماد التشكيل الحزبي في الداخل الفلسطيني، وحاضر له انهيار الادعاءات مصحوبا بتعاظم التحديات السياسية والوطنية والاجتماعية، الحديث هنا عن مسؤولية تاريخية تعبر عن جمهور واسع في الداخل الفلسطيني بوصلته دائما تشير لمقاومة الخطط الصهيونية المحيطة به والمهددة لبقائه، لنجد اليوم كل منتسب وحاضن لحزب التجمع هو جرس إنذار يُقرع ويَهرع لمقارعة المحتل في النقب والجليل والمثلث والقدس مستنهضا همم شعبه في الميدان الكفاحي الذي أسس مصداقيته منذ ولادة الحزب في العام 1995.

القصة ليست بلدية أو برلمانية

في الأيام القليلة الماضية تابعنا الحملة الانتخابية لمرشحة حزب التجمع النائب حنين زعبي لرئاسة بلدية الناصرة، وقد يتساءل كثيرون ماذا يعني هذا الترشيح أو تبوؤ منصب رئاسة بلدية؟ وهي أبعد من ذلك كما في منصب "عضو كنيست" وأعمق لفهم الحالة النضالية للسكان الأصليين "وهي برأيي فرصة مناسبة لتأكيد الحضور والهوية والفعل على الأرض"، انطلاق الحملة في مدينة الناصرة والبلدات الفلسطينية في الداخل نجد فيها استعادة المجتمع الفلسطيني في ال48 لعافيته أمام التحديات المتلاحقة، وعدم انكفاء التجمع على ذاته كباقي الأحزاب الكلاسيكية في الداخل، يقتضي هذا منا أن نبرز الحيوية الحزبية لحزب التجمع على قاعدة السلوك المنتشر له ونشاط قاعدته البرلمانية والطلابية والشعبية لإيجاد حياة سياسية فاعلة وديمقراطية، ينخرط ويصطف فيها قياداته وجمهوره بعيدا عن الانشغال الحزبي بالنقاوة أو الطهارة الأيديولوجية التي تسبح فيها الأحزاب الأخرى "كما عقبت النائبة حنين زعبي عن تراشق الاتهامات" عقب حملتها الانتخابية.

مثلاً تشاهد حنين زعبي وجمال زحالقة  وباسل غطاس وعوض عبد الفتاح في حالة اشتباك دائم مع المحتل، من على منبر "ديمقراطية" صهيونية مزيفة، لتجد أيضا أن هناك برنامجا ولغة سياسية وأهدافا مفهومة محمولة على ثقة الناس، كل ذلك يجعلنا أمام حركة حزبية لديها القدرة على الاتصال بالواقع، والنزول الى الشارع، وإحداث توازن لقوة سياسية يحسب لها حساب في مجتمع سكان البلاد الأصليين بعيدا عن روتينية الشعارات وخارج استثمار البنى التقليدية للمجتمع الفلسطيني عموما.

محاولات الأسرلة لمجتمع الفلسطينيين في الداخل والسطو على تاريخهم وعبرنة أسماء مدنهم وقراهم وسنّ وتشريع القوانين الهادفة للسيطرة على باقي الأراضي والممتلكات ومخططات الاستيطان الملتهمة للأرض، هي مخططات موجودة قبل النكبة ومستمرة إلى يومنا هذا، لكن السؤال المطروح لماذا كل هذا الشرح المستفيض عن تجربة حزب التجمع مع وجود أحزاب وقوى وفصائل فلسطينية؟

ببساطة شديدة تجربة حزب التجمع كما نراها اليوم من مسيرته الحزبية والنضالية نستطيع القول عنها وعن الظروف التي يعمل بها أنها تشكل نواة سياسية نضالية يحتذى بها لقدرته على التعاطي بمسؤولية وطنية تؤهله لخوض معركة وجوده التمثيلي، سواء بخوض الانتخابات البرلمانية أو البلدية أو الطلابية كهوية وطنية قومية ديمقراطية للسكان الأصليين مرتكزا على إسقاط هوية " الدولة اليهودية" والنضال من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية والقومية للفلسطينيين في الداخل والتشبث بالحقوق والتأكيد على الانتماء الوطني والقومي، انطلاقا من هذا التمايز المبتعد عن تفسخ الأحزاب الأخرى التي عاشت في كنف الأحزاب "الإسرائيلية" وبناها التقليدية وإشكالاتها التنظيمية وخطابها السياسي، يدرك التجمع الوطني الديمقراطي حقيقة المهام النضالية أمامه، وما يقع على عاتقه دون تنصل من دوره وخطابه، وسلوكه على الأرض وأجراسه المنتشرة في البلاد تقرع، والفازعين من أصواتها كثر، والذين يحنون لها في اتساع. وما حنين زعبي إلا نموذجا لحنيننا إلى تجربة التجمع لنبين مدى الهشاشة التي أصابت تجربة العمل الحزبي والسياسي لفصائل العمل الفلسطيني في الضفة والقطاع والشتات بشكل عام وبالأخص الدور الذي لعبته م. ت. ف في معادلة التهميش المتعمد لفلسطينيي الداخل والخارج مع وجود خطط عنصرية صهيونية مماثلة.

أمناء على الأرض والتاريخ

تسعى المؤسسة الصهيونية جاهدة للظهور بوصفها "دولة ديمقراطية" لتحصل على قبول وثناء دولي، وأن سكان البلاد الأصليين تحت حكم "الدولة اليهودية" يتمتعون بحقوق "المواطنة والحرية السياسية" إلا أن الإشكالية الأساسية يتم تجاهلها والمتمثلة في احتلال أرضهم وتشريد أشقائهم، ومن بقي في أرضه يعامل على أنه "أقلية وغريب" و"عدو محتمل" يمكن تهجيره في أي لحظة تحت ستار القوانين العنصرية وقوانين الابتزاز السياسي "الخدمة المدنية والتجنيد" مقابل تقديم بعض الخدمات البلدية والبنى التحتية لإحداث شرخ في مجتمع ال48.

سياسة التجمع تنبع من هوية سكان البلاد الأصليين بوصفهم أمناء على الأرض والتاريخ ولا نبالغ إذا قلنا أن التجمع وشبانه وشاباته وقياداته الممتلئين أملاً والمتألقين نضالا وحيوية وثقة بالنفس، لا يكفون عن بعث الأمل من جديد في مستقبل الشعب الفلسطيني في ال48.

وختاماً نقول إن نضال حزب التجمع وتجربته التنظيمية والسياسية لعرب ال48 "قدها وقدود" فعلاَ لا قولاً تؤكد حضوره وفعله الموحد والمنسق على الأرض الفلسطينية يتجسد في رحاب القدس والمثلث والنقب والجليل.

التعليقات