10/10/2013 - 12:30

الانتفاضة أو تسليع القضية../ عمر شحادة*

وهو أمر يتطلب اليوم، مواصلة وتوسيع الحراك الشعبي داخل الوطن وخارجه دون تردد، من أجل الوقف الفوري للمفاوضات وإنهاء الانقسام والتهدئة والتنسيق الأمني، سبيلا لإنقاذ القضية الوطنية ووضعها من جديد على رأس جدول الأعمال الإقليمي والدولي باعتبارها جوهر الصراع في المنطقة، بعد أن نجحت أو تكاد دولة الاحتلال التي توصف بمصلحة أمريكا الإستراتيجية والتعبير المكثف عن سياستها في المنطقة، في طمس قضية فلسطين في مستنقع أوسلو وباستبدالها بما يسمى الملف النووي الإيراني والصراع السني الشيعي، في مرحلة انتقالية تتشكل في غيابنا خلالها معادلات إقليمية بديلة لعالم جديد على أنقاض عالم عرفناه بعالم وحيد القطب

 الانتفاضة أو تسليع القضية../ عمر شحادة*

كانت انتفاضة الأقصى قبل ثلاثة عشر عاما استفتاءً شعبياً وإيذانا وطنياً بان إتفاقات اوسلو والسلام الموعود والدولة الفلسطينية العتيدة هي أضغاث احلام، فأطلقت بديلها الكفاحي الذي قاد لتفعيل قانون - جدلية - الاحتلال والمقاومة من جديد، وبعث الحياة في أوصال الجسم الفلسطيني الممتد بين النهر والبحر وداخل الوطن وخارجه، بعد أن تراءى للبعض أنه لا يقوى على النهوض، فأثمرت هروبا من المستوطنات في الضفة الغربية وانسحاب شارون ومستوطناته وإعادة انتشار جيشه من جانب واحد من داخل القطاع إلى محيطه، في محاولة يائسة منه لإعادة تاريخنا إلى الخلف.

لقد جادل وراهن البعض بعد رحيل الرئيس عرفات في عام 2004 بأن مردود الانتفاضة و"عسكرتها" قياسا بالثمن المدفوع، لا ولن يضاهي مردود مواصلة المفاوضات والإصغاء والامتثال لإرادة الراعي الأمريكي، وها نحن نشهد اليوم بطلان هذا الرهان، حيث تدحض الحقائق المروعة المتشكلة على الأرض كل الادعاءات الوهمية والمزاعم الزائفة لخيار أوسلو وأنصاره العرب.

يجسد الاستيطان المنفلت من عقاله وإرهاب الدولة والمستوطنين، وسياسة التطهير العرقي وتهويد القدس ومخططات التقاسم المكاني والزماني للمسجد الأقصى على طريق بناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، تحت غطاء المفاوضات السرية القسرية المخادعة بالرعاية والمرجعية الأمريكية الوسيلة المعتمدة راهنا لتعبيد الاعتراف بـ"إسرائيل دولة للشعب اليهودي" على أنقاض الحقوق والرواية الفلسطينية والعربية والأمن القومي.

وما "المبادرة الاقتصادية" الأمريكية وريثة مشروع "بناء مؤسسات الدولة" تحت الاحتلال، الرامية لخصخصة السلطة الفلسطينية والقرار الوطني، وتسليع القضية ومكونات منظمة التحرير، والمقامرة بالرأسمال الوطني التحرري، وتحويله إلى أسهم في البورصات المحلية والإقليمية والدولية، سوى الأسلوب الأحدث والمبتكر لاستبدال قوى الثورة والسلطة الفلسطينية بوصفها المشغل الأكبر للعائلات الفلسطينية والمنظم لسوق العمالة الفلسطينية في مناطق 48، بالقطاع الخاص ورجال أعمال السلام الاقتصادي التطبيعي الضالعين في تشبيك الاقتصاد المحلي والموارد الوطنية باقتصاد الاحتلال، وفرض سياسة الأمر الواقع التصفوي، بالقبول بمحمية إسرائيلية تنظم شبكة التجمعات السكانية والأقفاص خلف الجدار في الضفة الغربية، يسمونها الدولة الفلسطينية في إطار مشروع الحل الأمريكي المسمى بحل الدولتين المزعوم.

يوماً وراء يوم تتراكم المعاناة والسخط الشعبي ومبررات الرفض والتمرد على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية المزرية، ومعها مقدمات وإرهاصات الانتفاضة الثالثة الوريثة الشرعية لسابقاتها والجديدة نوعياً التي تلوح في الأفق، حيث نشهد تفاقما متسارعا لمجموع أسباب انتفاضة الحجاره وانتفاضة الأقصى، في وقت أصبحت فيه أوضاع ملايين الفلسطينيين على غير صعيد، داخل الوطن وفي مخيمات الشتات أسوأ بما لا يقاس منذ توقيع اتفاق أوسلو قبل عشرين عاما.

دون انتظار للواهمين والعاجزين، هل تندلع أفقيا على حين غرة انتفاضة جديدة عنوانها تجسيد الاعتراف الأممي بدولة فلسطين على الأرض دون شروط، وفرض وحدة المقاومة الشعبية الشاملة في وجه الاحتلال والانقسام، دون أن يقودها تنظيم أو زعيم أو إطار وطني جامع منظم، ودون إجماع فلسطيني لأول مرة، لا بل وبالضد من موقف شرائح اجتماعية وقوى ناشئة باتت مصالحها تتناقض مع اندلاعها؟ فتعيد القرار الوطني لجموع الشعب وتضفي الشرعية عليه باعتبار الشعب هو صاحب القرار ومصدر الشرعية، وتنهي التفتيت والاختطاف القائم للقرار الوطني دون وجه حق سواء عبر سلطتي غزة ورام الله أو الواقع المهتوك لمنظمة التحرير.

وهل تدفع خطورة هذا الخيار، الذي يجعل من هذه الانتفاضة المقبلة والمتدحرجة عرضة للمؤامرات والغدر وشتى الاحتمالات والنهايات، طلائع الشعب الفلسطيني ونضاله التحرري وبخاصة حركتي فتح وحماس للإصغاء لندائها قبل فوات الأوان؟ فيهتديا إلى الحقيقة الساطعة والحارقة بانتهاء عصر التفرد بقيادة أو تمثيل الشعب الفلسطيني، وننتصر أخيراً للانتفاضة في سباقها المحموم مع خصخصة القضية.

وهو أمر يتطلب اليوم، مواصلة وتوسيع الحراك الشعبي داخل الوطن وخارجه دون تردد، من أجل الوقف الفوري للمفاوضات وإنهاء الانقسام والتهدئة والتنسيق الأمني، سبيلا لإنقاذ القضية الوطنية ووضعها من جديد على رأس جدول الأعمال الإقليمي والدولي باعتبارها جوهر الصراع في المنطقة، بعد أن نجحت أو تكاد دولة الاحتلال التي توصف بمصلحة أمريكا الإستراتيجية والتعبير المكثف عن سياستها في المنطقة، في طمس قضية فلسطين في مستنقع أوسلو وباستبدالها بما يسمى الملف النووي الإيراني والصراع السني الشيعي، في مرحلة انتقالية تتشكل في غيابنا خلالها معادلات إقليمية بديلة لعالم جديد على أنقاض عالم عرفناه بعالم وحيد القطب.

التعليقات