11/11/2013 - 11:14

عرفات والشعب الفلسطيني: الجرائم لا تزول بالتقادم../ إبراهيم الشيخ

بلا شك إن أي جريمة تحدث لا بد من البحث أولا عن المستفيد. والمستفيد الأكبر من جريمة قتل رمز نضال الشعب الفلسطيني ياسر عرفات هو إسرائيل التي يبدو أنها جندت بعض العملاء من أجل تسميمه بمادة البولونيوم المشعة التي أثبتت المخابر الفرنسية والسويسرية وجودها داخل أشياء عرفات وما تبقى من جثته

عرفات والشعب الفلسطيني: الجرائم لا تزول بالتقادم../ إبراهيم الشيخ

بلا شك إن أي جريمة تحدث لا بد من البحث أولا عن المستفيد. والمستفيد الأكبر من جريمة قتل رمز نضال الشعب الفلسطيني ياسر عرفات هو إسرائيل التي يبدو أنها جندت بعض العملاء من أجل تسميمه بمادة البولونيوم المشعة التي أثبتت المخابر الفرنسية والسويسرية وجودها داخل أشياء عرفات وما تبقى من جثته.

تمر الذكرى التاسعة لمقتل عرفات مع تزايد الضجة حول من قتله، والكشف عن الذين نفذوا هذه الجريمة التي تحاول إسرائيل نفي مسؤوليتها عنها، والتي تعتمد على ما يبدو على أنه لا يوجد لدى الطرف الفلسطيني دلائل تثبت فرضية قتله بواسطة عملاء يعملون لحساب دولة الاحتلال. ولكن مجرد تأكيد وجود مادة البولونيوم في جثة عرفات تثبت التهمة ضد المحتل الإسرائيلي، لأن هذه المادة غير شائعة ولا تملكها سوى عدة دول ومن بينها إسرائيل.

الأمر متروك للتحقيقات وكشف المخابر التي ستقول كلمتها الأخيرة في هذه القضية، ولكن بالرغم من أن أكثرية الشعب الفلسطيني تؤمن بأن من قتل عرفات هي إسرائيل، فدائما يطرح سؤال ماذا سيفعل الطرف الفلسطيني إن تأكد أن إسرائيل هي التي تقف وراء مقتل عرفات.

من المعروف أن السلطة الفلسطينية التي دخلت في مفاوضات جديدة مع دولة الاحتلال، والتي تراهن على حل القضية الفلسطينية من خلالها، بدون وقف الاستيطان من الجانب الإسرائيلي، يعتبر إذعانا لما تريده إسرائيل. ومن شروط العودة إلى المفاوضات من الجانب الإسرائيلي كان عدم ذهاب السلطة الفلسطينية ومنعها من الانضمام إلى منظمات دولية، وأهمها الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، بعدما حصلت أخيراً على مكانة دولة بصفة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

بذلك تكون إسرائيل قد أبعدت نفسها عن المحاسبة بمساعدة الطرف الفلسطيني مما يشجعها على ارتكاب المزيد من الجرائم والقتل وسرقة الأراضي وبناء المزيد من المستوطنات. ومن غير المعروف كيف ستتصرف القيادة الفلسطينية في حال ثبت أن إسرائيل هي التي سممت عرفات، وهل ستخاف السلطة من وقف المفاوضات والمساعدات المالية من أجل استمرارية هذه السلطة على هذا النحو الذي يعارضه معظم الفلسطينيين؟

إسرائيل تملك أوراق ضغط كثيرة بمساندة الولايات المتحدة، وتمنعان الطرف الفلسطيني من ممارسة صلاحياته في الأمم المتحدة، وتساهم السلطة الفلسطينية وقبولها الإملاءات والوعود الكاذبة الإسرائيلية على الطرف الفلسطيني الذي يأمل بأن تتغير سياسات المحتل ولكن دون جدوى.

إن إسرائيل لم تقتل ياسر عرفات فحسب، فهي قتلت الكثير من القيادات الفلسطينية، وعلنا، ولم تحاسب على أفعالها، وهي تقتل الفلسطينيين على الحواجز كل يوم بدم بارد، وتصادر الأراضي وتهود القدس، وهذه الجرائم التي تقترفها دولة الاحتلال لا تقل إجراما عن قتل ياسر عرفات الذي دافع عن الحقوق الفلسطينية حتى آخر لحظة من حياته، ولذلك قررت إسرائيل التخلص منه ظنا منها أن آخرين سيقدمون لها التنازلات والإذعان لمتطلباتها الأمنية والسكانية والتخلي عن الأرض والمقدسات.

إسرائيل رأت بمن يطالب بالحقوق الفلسطينية كاملة أي الضفة الغربية والقدس الشرقية وطبعا غزة بأنه يهدد أمن إسرائيل، ولذلك راهنت إسرائيل على إيجاد قيادات قادرة على تقديم التنازلات بعد التخلص من ياسر عرفات، ولذلك رأت دولة الاحتلال بمحمود عباس أبو مازن الشخص الذي من الممكن أن يحقق لها ما تريد، ولكن بالرغم من التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال ورفض أي انتفاضة ومنع الكفاح المسلح من قبل السلطة الفلسطينية إلا أن إسرائيل لم تقدم للطرف الفلسطيني حتى هذه اللحظة أي شيء من الحقوق السليبة، وإنما يجري بناء المزيد من المستوطنات، ويزداد الاحتلال توحشا.

ونسمع من وقت إلى آخر بأن أبو مازن والطرف الفلسطيني غير مهيئين للتوقيع على السلام مع إسرائيل بالرغم مما تقدمه هذه السلطة من تساهل مع إسرائيل. ويبدو أن الطرف الفلسطيني لم يتعلم من الدروس الماضية، ومن الممكن أن يحصل مع أبو مازن ما حصل لعرفات إن هو أصر على المطالب الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس.

إن ياسر عرفات ضحية من ضحايا إسرائيل الكثر، والشعب الفلسطيني نفسه هو الضحية الكبرى، ويجب على إسرائيل دفع ثمن جرائمها، حتى ولو انسحبت من كامل الضفة الغربية، لأن الجرائم لا تزول بالتقادم، وإنما تنتهي بمحاكمة المجرم على جرائمه.
 

التعليقات