18/11/2013 - 16:03

نظرة سريعة على انتخابات حيفا../ جورج شحادة

بمجرد تفحُص نتائج الانتخابية الأخيره لبلدية حيفا، ونتحدث هنا عن مشاركة الجمهور العربي في حيفا في هذه الانتخابات، نرى أنه قد تشكلت ظاهرة العزوف الانتخابي (وليس السياسي). وهي ظاهرة تحتاج إلى الدراسة والتوقف والتأمل، لكونها تذهب إلى القطيعة الفعلية بين المجتمع أي الشعب والمؤسسات الحزبية الممثلة لهذا الشعب

نظرة سريعة على انتخابات حيفا../ جورج شحادة

بمجرد تفحُص نتائج الانتخابية الأخيره لبلدية حيفا، ونتحدث هنا عن مشاركة الجمهور العربي في حيفا في هذه الانتخابات، نرى أنه قد تشكلت ظاهرة العزوف الانتخابي (وليس السياسي). وهي ظاهرة تحتاج إلى الدراسة والتوقف والتأمل، لكونها تذهب إلى القطيعة الفعلية بين المجتمع أي الشعب والمؤسسات الحزبية الممثلة لهذا الشعب.

وحتى إن تكلمنا بلغة منطق النصاب القانوني والأهلية فإن الأحزاب التي تدعي أنها تمثل الشعب ليس لها بموجب هذا المضمار الشرعية للتحدث باسم هذا الشعب، وإن كان من واجبها تمثيله بكل مصداقية. هذا انطلاقا من الرقم الكارثي الذي حصلت عليه هذه الأحزاب، فهي بمجموعها لم تقدر أن تجلب حتى 35 بالمائة من المواطنين ذوي حق الاقتراع إلى الصناديق، حيث حصلت مجتمعه على 8032 صوتا، يحسب معها أيضاً أصوات بعض اليساريين غير العرب أنصارهم.

وبهذا السياق نعتقد أن أهم العوامل التي أدت إلى الإنعكاف الانتخابي هو انعكاف هذه الأحزاب نفسها عن الناس، فالسياسة تبنى، ويعرف ذلك الصغير قبل الكبير، على التواصل الدائم مع المواطن، وليس على فتح مقرات قبيل الانتخابات وإغلاقها فور إعلان النتائج. هذا التعامل المصلحي النفعي الانتخابي أصبح متجاوزا في ظل حاجة المواطنين وعزمهم على تغيير واقعهم، وتغيير نهج التعامل حيالهم، ومحاولين كل حسب مفهومه أن يوصل رسالة مفادها أن هذه الأحزاب فقدت شرعيتها بالنسبة لهم عندما رفضت فيما بينها أن تجد القواسم المشتركة، إذ يعتبر البعض أن هذا التعامل هو لا أخلاقي، وهو السبب المباشر في فقدان الثقة بالعمل الحزبي، وبالتالي العزوف الانتخابي.

أمر آخر وهو أيضاً ممكن أن نعتبره ذا أهمية وله أيضاً تأثير كبير، ويتعلق بتعامل الأحزاب وقياداتها مع "المناضلين" الحزبيين التي تصل حد الاستهتار بدورهم ووجودهم مما أدى إلى انقطاع الترابط. فترابط المناضل الحزبي بحزبه كان سيقوي العلاقة بينهما، بتشبعه بأفكاره واتجاهه وإيديولوجيته ومبادئه التي اكتسبها عن طريق التنشئة السياسية للحزب، كما أن مكتسبات الجماهير وأنماط العلاقات بين الفرد والمجتمع ستحصن من قيم المواطنة والمشاركة والالتزام. هذا من جهة، ومن جهة أخرى هو كون المبادرات الحزبية المحلية في كثير منها هي مبادرات خجولة، والهدف منها الوصول إلى مواقع "اتخاذ القرار"، وهي في الأخير لا تعد سوى ورقة من أجل الظفر بموقع متقدم!

أما ما يعمق أزمة المبادرات الحزبية فهو التفرد، بل التهافت العشوائي على المبادرات ذات الطابع الفردي والتي تقتصر على قلة قليلة من الأعضاء، وهذه القلة تجعل هذه المبادرات خطابا عاما ورئيسيا للأحزاب، مسخرين من أجل ذلك بعض قليلي الرؤية والمستنفعين، وكأن الحزب وسائر أعضائه ليس لهم أي رأي أو اقتراح أو حتى إمكانية تطوير المبادرات بل هي كما جاءت يعمل بها ويسوقها الحزب أجمع لأغراض انتخابية محضة.

ففي ظل هذه السياسية ننصح هذه الأحزاب أن تعيد قراءة برامجها وتصوراتها، وتعمل على التخطيط لمستقبلها بدراسة وواقعية، وأن تبادر بطرح الإشكالات الكبرى التي تتعلق بحياة وهموم الناس. وليس هذا فقط، وإنما أيضا المحاولة لإيجاد الحلول الناجعة لتجاوزها بدل أسلوب التسويف والانهزامية والهرولة العمياء وراء المكتسبات الضيقة التي من شأنها أن تقصي هذه الأحزاب حتى عن المشهد السياسي المحلي، والعمل على إرجاع الخطاب الحقوقي إلى قمة الأولويات بدل كل هذه الهرولات والمسارات المضللة.
 

التعليقات