18/02/2014 - 12:11

الرئيس عباس وإمكانية تغيير الموقف الإسرائيلي../ إبراهيم الشيخ

بالرغم من كل التنازلات التي أقدم عليها الفلسطينيون وسيًقدِمون عليها فإن إسرائيل لن تغير مواقفها المتعنتة والتي تريد الأرض والسيطرة على شعبها

الرئيس عباس وإمكانية تغيير الموقف الإسرائيلي../ إبراهيم الشيخ

في زحمة الأحداث المتلاحقة التي تجري في الوطن العربي، فإن الموضوع الفلسطيني لم يعد يأخذ حيزا كبيرا كما في الماضي على صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون ومواقع الإنترنت، ولم تعد القضية الفلسطينية هي المهمة للعرب، فلكل دولة وكل شعب وكل طائفة أصبح لديهم ما يكفيهم من مشكلات ليهتم بها.

إن الجديد في القضية الفلسطينية هو اقتراحات كيري الذي يعمل جاهدا على حل هذه القضية التي استعصت على الذين سبقوه من وزراء الخارجية الأمريكية وزياراتهم المكوكية، والإدارات الأمريكية المتعاقبة التي تعمل جاهدة على ضمان أمن إسرائيل. من غير شك أن خطة كيري وضعت من أجل مصلحة إسرائيل وامنها، وليس إرضاءً لمطالب الفلسطينيين كحل مشكلة اللاجئين وعودتهم إلى بيوتهم التي هُجروا منها، وضمان الأمن لهم في حدود آمنة وجعل القدس عاصمة لدولتهم.

رغم تحذير المراقبين والمحللين السياسيين وبعض القيادات الفلسطينية المعارضة لنهج المفاوضات من خطورة الاقتراحات الأمريكية التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية في غمرة ما يجري في الوطن العربي من اقتتال داخلي وفوضى في الدول العربية الأخص، إلا أن السلطة الفلسطينية مصممة على المضي بهذه المفاوضات إلى النهاية بالرغم من التعنت الإسرائيلي والاستمرار في بناء المستوطنات على الأرض الفلسطينية.

وتأمل السلطة الفلسطينية في تغيير الموقف الإسرائيلي الذي لم يتغير منذ بدء المفاوضات منذ عشرين عاما، والذي يصر على الانتقاص من الحقوق الفلسطينية. ومن الملاحظ أنه كلما طال أمد عدم حل هذه القضية يخسر الفلسطينيون المزيد من الأرض، ويفقدون الدعم العربي الذي أصبح بدون تأثير على الكيان الصهيوني، وأن الوضع العربي يزداد ضعفا وتشرذما.

في ظل هذه الأوضاع يحاول محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية التأثير على الإسرائيليين من خلال تنظيمه مؤخراً لقاء مع الشباب الإسرائيلي الذين يمثلون مختلف التيارات السياسية في إسرائيل. إن هذه الخطوة تعتبر جيدة في ظاهرها، ولكنها على أغلب الظن لن تأتي بأي فائدة لأن الإسرائيليين يتجهون نحو التطرف وعدم الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، وليس المطلوب من الفلسطينيين تقديم التطمينات إلى الإسرائيليين، لأن الشعب الفلسطيني هو الذي تُحتل أرضه، وهو الذي يعاني من أهوال الاحتلال، وهو الذي يتطلع الى ضمانات تقيه من إرهاب هذا الاحتلال.

إن الرئيس عباس يخطئ عندما يطمئن الإسرائيليين أنه في حال فشل المفاوضات لن يكون هناك عودة إلى العنف، فيجب القول إن الشعب الفلسطيني لا يمارس العنف إنما يمارس حقه الطبيعي في مقاومة المحتل التي استكثرتها عليه القيادة الفلسطينية التي تراهن على المفاوضات طريقا وحيداً دون ترك أي خيارات ضاغطة على هذا الاحتلال الذي لا يفهم سوى لغة القوة.

إن هذه اللغة الدبلوماسية التي يستعملها عباس مع الإسرائيليين تشكل وعودا لهم بعدم عودة العنف، وهذا تطمين غير مباشر للمحتل للاستمرار بسياسته الاستيطانية وعدم الخوف من أي انتفاضة أو مقاومة، ناهيك عن الامتناع من التوجه إلى المنظمات الدولية لمحاسبة هذا المحتل الذي لم يبق للفلسطينيين في المستقبل ما يتفاوضون عليه.

أما بالنسبة لقضية اللاجئين التي يحاول عباس تطمين الإسرائيليين على عدم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم التي هجروا منها قسراً، ما هي الا وعد آخر بأن هؤلاء اللاجئين لن يعودوا إلى أراضيهم، فقبل طمأنة الإسرائيليين كان يجب أخذ رأي هؤلاء اللاجئين الذي ينتظرون وعداً من القيادة الفلسطينية بأن المفاوضات ستُرجِع لهم حقوقهم. ويبدو أن طمأنة المجتمع الإسرائيلي أصبحت أهم من طمأنة هؤلاء اللاجئين على مصيرهم ومستقبلهم.

بالرغم من كل التنازلات التي أقدم عليها الفلسطينيون وسيًقدِمون عليها فإن إسرائيل لن تغير مواقفها المتعنتة والتي تريد الأرض والسيطرة على شعبها. ومهما فعل السيد عباس وقدم التنازلات وحسن النية تجاه الإسرائيليين، فإن دولة الاحتلال سوف تريد المزيد والمزيد من التنازلات لأنها تشعر بأنها في موقع القوة، بينما يزداد الموقف الفلسطيني ضعفا.
 

التعليقات