10/03/2014 - 14:53

التراجع عن حماية النساء../ مصطفى إبراهيم

لا يزال القضاء الفلسطيني يقضي بتخفيف العقوبة عن مرتكبي جرائم قتل النساء بداعي الشرف، بالاستناد إلى الأعذار والأسباب المخففة المنصوص عليها

التراجع عن حماية النساء../ مصطفى إبراهيم

في بعض الأحيان تكون الكتابة عسيرة ونزفا للعقل، وتتزاحم الأفكار، وتسود الحيرة وعن أي المواضيع سأكتب، فاجلس بين الوقت والآخر أمام الكمبيوتر لأتصفح الفيسبوك لاستلهام فكرة من تعليقات الأصدقاء عن أشياء جميلة تتحدث عن الحب والأمل والحياة، فلا أجد غير الكآبة والإحباط والحزن والموت والقتل طعناً وقصفاً.

فالكتابة عن واقعنا ليست سهلة، وما هي الأولوية للكتابة؟ هل ستكون عن كيري وخطته وإطار اتفاقه، أم عن قرار محكمة الأمور المستعجلة المصرية بحظر حماس وموقفها وردود أفعالها المستغربة، وما تلاها من خطوات دراماتيكية وسحب ثلاث دول خليجية سفراءها من قطر، وإدراج المملكة السعودية جماعة الاخوان المسلمين على قائمة الارهاب؟

هل ستكون عن الاعتداء بالخطف والضرب على أحد مشايخ السلفية في مدينة رفح؟ وتداعيات ذلك على المجتمع والعلاقة بين الحركات الإسلامية، وعن حجم الخلاف الديني و السياسي القائم بينها، أم عن هروب بعض المشايخ للحديث عن الواقع المقيت والحديث عن الشيعة وخطرها على الإسلام والمسلمين من أهل السنة؟ والنقاشات والخلافات التي كانت وراء ذلك الاعتداء؟

هل سيكون المقال عن الكراهية وعقلية الانتقام والثأر بين الناس، وعدم قبولهم لبعض وغياب قيمة التسامح بينهم؟ وما هي حاجتنا للخروج من حال الصمت وكلام الصالونات والشعارات إلى تطوير رؤية وطنية وبرامج وبدائل حقيقية للخروج من الأزمة التي نمر بها، لتحقيق العدالة الاجتماعية والالتزام بها بإرادة وطنية جامعة وواضحة والقيام بمراجعة نقدية لحالة الانكار الذي نعيشها و لخطاب الاستعلاء تجاه الناس؟

أم سيكون المقال عن ادعاء إسرائيل ضبطها سفينة اسلحة متوجهة الى غزة، وتداعيات ذلك على غزة، وماذا تريد اسرائيل من ذلك والدعاية الاعلامية الضخمة التي تقوم بها، وتأجيل المؤتمر الصحافي في إيلات الذي تريد منه إسرائيل ان يكون مؤتمرا لإدانة أكثر من طرف؟

وجدت نفسي متحمسا للكتابة عن المرأة ووجعها في يومها، وحاولت أن اكتب عنها بعيدا عن لغة الأرقام المجردة التي تتحدث عن الواقع المأساوي للمرأة الفلسطينية، والظلم الواقع عليها، وكم امرأة دفعت حياتها ثمناً لحال الانفلات وغياب سيادة القانون والتدهور الخطير في الاعتداءات عليها، والقتل على الشبهة في بعض الأحيان والاتهامات بالشرف، وعلى خلفيات مختلفة لا يتم التحقيق فيها بشكل جدي.

واتضح لي أن لغة الأرقام ربما تكون مفيدة في التنبيه لحجم المأساة ففي العام 2013، توفيت 43 امرأة على خلفيات مختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة، من بين الوفيات توفيت 3 حالات قتلن لدافع الشرف.

وبمقارنة مع العام 2012، توفيت 24 امرأة على خلفيات مختلفة في الضفة الغربية وغزة، وكان من بين النساء اللواتي قتلن 5 نساء قتلن بادعاء شرف العائلة. ومع بداية العام قتلت ثماني نساء على خلفيات مختلفة من بينهن امرآتين قتلن بادعاء شرف العائلة.

على هامش اليوم العالمي للمرأة أصدر الرئيس محمود عباس قرارات بتشكيل لجنة كالعادة لإعادة النظر في كل القوانين التي لها علاقة بالمرأة، مع أن قراره الصادر في العام 2011، بإلغاء المادة 340 المتعلقة بالعذر المخفف من قانون العقوبات بفقرتيها من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 المعمول به في الضفة الغربية، وتعديل نص المادة 18 من القانون رقم 74 لسنة 1936 المعمول به في قطاع غزة، لم يتم العمل به في المحاكم الفلسطينية في الضفة وغزة.

ومع ذلك لا يزال القضاء الفلسطيني يقضي بتخفيف العقوبة عن مرتكبي جرائم قتل النساء بداعي الشرف، بالاستناد إلى الأعذار والأسباب المخففة المنصوص عليها في القانونين المذكورين، وإسقاط الحق الشخصي أو ثورة الغضب كون القتل تم دفاعا عن الشرف، ما يزيد من جرائم قتل النساء في فلسطين من دون أن يترك ذلك أثراً على المسؤولين والتساهل من السلطة القضائية وإصدارها أحكاماً مخففة على المتهمين بتنفيذ تلك الجرائم
 

التعليقات