30/10/2014 - 15:20

على أعتاب مرحلة../ د. عمر سعيد

لست أبالغ حينما أدعي أننا على أعتاب مرحلة قادمة فيها سيعاد تشكيل قسمات المتخيل في الفكر الديني والوعي الشعبي، ولكن تحت وطأة الضرورة وليس كخيار عقلاني لدى النخب الإسلامية

على أعتاب مرحلة../ د. عمر سعيد

 خلافا للانطباع السائد وكأن الفكر الديني الأصولي - الصحوي يعيش مؤخرا حالة متعاظمة من الانتعاش والتمدد، فإن المتمعن في التذبذب الصريح والإيحائي لمضامين وإشارات ذلك الخطاب سيكتشف أن رأسه قد اصطدم بسقف مغارة الواقع، وانتقل لمرحلة التوتر المعرفي والدفاع عن النفس.

هذا الاستقراء يستمد مصداقيته أيضا من رصد وقائعي لبداية تفكك وتصدع جدران السد الفقهي الذي أمن لهذا الفكر الحماية والانتشار وأحاطه بهالات من القداسة عندما أدمجه بالدين وعرضه للجماهير بوصفهما وجهين لعملة واحدة.

في زمن الهرج والمرج الذي يجتاح عالمنا العربي، وظهور تيارات التكفير الدموية، فان الموروث الفقهي المتصل بالشأن العام والذي تمتع بقداسة عالية، وتربع فوق أي شك، يتعرض اليوم لعاصفة غير مسبوقة من النقد والتشكيك والرفض، وهي ظاهرة متوسعة تباعا، وقد تكون حاسمة في عملية اقتحام خزائنه وبعثرة محتوياتها.

بمعنى أكثر وضوحا، يمكن القول إن هناك، وتحت رماد نيران الانقسام المجتمعي العميق، تجري عمليات هدم وبناء بطيئة ومؤلمة ولكنها فعالة، وقد تطال كافة المسلمات التقليدية وتكسر أطواق أي وصاية مرجعية.

لهذا لست أبالغ حينما أدعي أننا على أعتاب مرحلة قادمة فيها سيعاد تشكيل قسمات المتخيل في الفكر الديني والوعي الشعبي، ولكن تحت وطأة الضرورة وليس كخيار عقلاني لدى النخب الإسلامية التي كان أجدر بها ممارسة نقد علمي مسؤول للموروث، وتأسيس تصور حداثي للإسلام ونهضة مجتمعاته، بدل التمسك بدولة الخلافة ومقاومة التجدد العقلي وتكفير طوائف بأكملها في زمن لم يعد يحتمل مثل هذه الفتاوى.

التعليقات