06/11/2014 - 18:54

ماذا تفعل جبهة النصرة؟/ سلامة كيلة

تتقدم جبهة النصرة لكي تسيطر على مناطق إدلب، وصولاً إلى الحدود التركية، وهي تقاتل جبهة ثوار سورية وحركة حزم، وتعمل على تصفية الكتائب المسلحة كلها. وكل المؤشرات تقول إنها عزّزت قواتها بدعم من داعش.

ماذا تفعل جبهة النصرة؟/ سلامة كيلة

 تتقدم جبهة النصرة لكي تسيطر على مناطق إدلب، وصولاً إلى الحدود التركية، وهي تقاتل جبهة ثوار سورية وحركة حزم، وتعمل على تصفية الكتائب المسلحة كلها. وكل المؤشرات تقول إنها عزّزت قواتها بدعم من داعش.

ماذا تريد من ذلك؟ يقال إن جمال معروف "لص". طيب، وحركة حزم؟ الأمر ليس هنا، على الرغم من أن الملاحظات على جمال معروف كثيرة، لكنها تستغلّ الآن. طبعاً، كل هذا التوسع لجبهة النصرة من دون غارة واحدة من "التحالف"، فيما هي كداعش في القرار الدولي الذي تشكّل التحالف على أساسه، وكان الطيران الأميركي قصف مكتباً لها في بداية الهجمات الجوية، وتلهّى بما يجري في عين العرب. والملفت أن أميركا التي تقود التحالف الدولي لـ"هزيمة داعش" تحضّر لأن تكون جبهة ثوار سورية وحركة حزم "رأس الحربة" في القضاء على داعش. بالتالي، كيف تطلق يد النصرة لتصفية هؤلاء؟

ما يقال في الإعلام غير ما يجري على الأرض، هذه بديهية يجب أن تظل ماثلة في كل تحليل. وعادة ما تكون النغمة الإعلامية الأميركية بعكس ما تريد على الأرض، وهذا جزء من آلياتها في الصراع. لهذا، ما يجري هو "نفض يد" أميركا من "تسليح" المعارضة المسلحة، وأكثر من ذلك تصفية للكتائب التي قاتلت داعش، وتريد قتالها من أجل تصفيتها، وهنا بيد جبهة النصرة. كيف ذلك؟ هذا يفرض إعادة النظر في وضع جبهة النصرة التي هللت المعارضة لها، وظلت تهلل لأيام قليلة سابقة، وتوهمت، وحاولت أن توهم أن النصرة غير داعش. وبالتالي، يظهر سوء فهمها وتقديرها للواقع بأبشع صورة، مثل كل المرات السابقة، الأمر الذي يسمح بأن تحصل على شهادة امتياز في الجهل والجهالة، وأيضاً، الضرر بالثورة. وهذا أمر يفترض المحاسبة، والمحاكمة، وربما أكثر من ذلك. فقد كانت جزءاً من تشويه الثورة، ومن التغطية على تشويه القوى الإقليمية والدولية لها، وعلى إيصالها إلى مأزق، ربما ليس من مخرج منه، وهو أمر بات يعني أن ترتب القوى الإقليمية والدولية وضع سورية، بما يتماشى مع مصالحها هي بالطبع. كانت معارضة عمياء منذ زمن طويل، لكنها باتت تقتات على حسنات الدول الإقليمية، ويتحوّل بعض أفرادها إلى رأسماليين بالنهب والنصب والشغل مع تلك الدول، من دون اهتمام بسورية وبالثورة.

طبعاً التحوّل الجديد ربما يكون الأخطر، وهو يجري تحت حماية الطيران الأميركي وطيران السلطة السورية معاً، فهما يخوضان، مع عديد من دول الخليج وأوروبا، حرباً واحدة ضد الثورة. هكذا ضد الثورة التي باتت تؤرق العالم. الثورة التي بدأت من تونس، وامتدت إلى سورية. حيث يبدو أنه بات مطلوباً تصفية كل الكتائب المسلحة، ربما حتى الإسلامية غير المتفرعة عن تنظيم القاعدة (مثل أحرار الشام وصقور الشام وجيش الإسلام)، أو كل الكتائب فيما عدا الإسلامية منها. فالنظام يكسب كثيراً مما يجري، لأنه يتخلص من الثورة، بمساعدة أميركية مباشرة.
طبعاً ما يجري في الشمال سوف يتعمم على كل المناطق التي للنصرة وجود فيها، سواء في ريف دمشق أو جنوب سورية، لتحقيق الأمر نفسه، أي تصفية الكتائب المسلحة في هذه المناطق. وربما يكون ذلك خطوة ضرورية في سياق مساومات تجري لترتيب الوضع، وليكون الحل إقليمياً بين أميركا وإيران والسعودية.

تبيّن أن النصرة هي داعش، وأنهما في خدمة النظام السوري وأميركا وإيران. وأن التوافق بين كل هذه الأطراف التي يقال إنها متناقضة يقوم على دفن الثورة، وتحويلها إلى عبرة لكل شعوب العالم التي يمكن أن تفكّر في الثورة. وبعد ذلك، يمكن ترتيب آثار المجزرة بالتوافق بين كل هؤلاء، من دون اكتراث بالضحايا والتدمير والوحشية. المهم العبرة.

التعليقات