28/11/2014 - 15:16

نحو توحيد القوى الوطنية الديمقراطية../ جورج شحادة

إن ظاهرة تعدد الأحزاب والتيارات السياسية، هي ظاهرة قديمة بقِدم الإنسان وفي مجتمع ما – تعتبر حالة صحية؛ كونها تعبيرا سياسياً على مسألة قبول الآخر والتعايش معه ومن أجل تنافسها للوصول إلى الأصلح والأقوى وتحقيق الحياة المدنية الديمقراطية داخل المجتمعات

نحو توحيد القوى الوطنية الديمقراطية../ جورج شحادة

إن ظاهرة تعدد الأحزاب والتيارات السياسية، هي ظاهرة قديمة بقِدم الإنسان وفي مجتمع ما – تعتبر حالة صحية؛ كونها تعبيرا سياسياً على مسألة قبول الآخر والتعايش معه ومن أجل تنافسها للوصول إلى الأصلح والأقوى وتحقيق الحياة المدنية الديمقراطية داخل المجتمعات.

وهكذا فإن حال الأقلية العربية في هذه البلاد لا يختلف عن حال أي مجتمع آخر مع خصوصيتها المعروفة، فلديها أحزاب وتيارات سياسية مختلفة!

وهنا لا بد من ان يطرح السؤال الذي لطالما أرق مضاجع المثقفين والمفكرين والسياسيين وحتى الناس العاديين -إن صح التعبير- ألا وهو: هل يتحمل واقع الأقلية العربية في هذه البلاد وجود كل هذه الأحزاب والتيارات؟ وهل هناك ما يبرر حالة التشتت والانقسام هذه؛ وخاصةً بالنسبة لشعب يتطلع إلى الحرية والبعض يعتبر نفسه جزءا من حركات التحرر العالمية، علمانية أو دينية، وإن بات هذه المصطلح من الذاكرة التاريخية للشعوب؟

ونتساءل أيضاً: هل هناك العديد من التيارات الفكرية والسياسية، بحيث يكون ضرورياً أن تترجم الحالة الفكرية السياسية تلك ضمن أطر محددة ومتباينة؟ وحتى لو كان هذا صحيحا، هل يجب أن تترجم هذه الحالة إلى العديد من القوى والتيارات السياسية؟ أم أن الحالة والواقع الراهن لا علاقة له بأية حالة فكريه وسياسية وليست هذه التعددية الحزبية إلا نوعا من الحالة المرضية التي ما زالت هي أسيرة أفكار وانسياقات لا علاقة لها بالواقع؟ أم أن هذا التشرذم والانقسام لأنانية مفرطة ونرجسية مريضة ولأجل أن يكون (هو أو هم) الواحد والأوحد الذي يدير الكون – عفواً الحزب – كما نراه اليوم في واقع وحال الحركات السياسية حتى ذوي القواعد الجماهريه منها؟


نعتقد انه في واقع هذا الحال وفي ظل تصاعد الفكر العنصري في هذه البلاد ليس هناك ما يبرر هذا التشتت في أطر وتيارات (سياسية) متعددة، وليس ما يبرر إقامة حركات جديدة، بحيث أن جُلها – إن لم نقل كُلها – لا حول ولا قوة لها، بل هناك أحزاب او تيارات حتى دون قاعدة حزبية؛ وعلى الرغم من أن الواقع الراهن لما يسمى الحركة الوطنية هو واقع غير مقبول، بل مرفوض لا يعني في حال من الأحوال أننا ندعو إلى توحيد كل هذه الأحزاب والأطر السياسية ضمن حزب أو كتلة بعينها، وهكذا لكي نخرج من الوحل نقع في الشوك وبالتالي لكي نتخلص من التشتت الحزبي نكون قد مهدنا لحالة أخطر في تعاملها مع تحديات الواقع المعاش.

إذاً وفي ظل ما ذكرناه أعلاه، نعتقد أن هناك حاجه إلى "لمّ الشمل" و"توحيد الصفوف"، ولكن أن يبقى لكل تيار سياسي الخط العام الذي يميزه عن الآخر، فهل هذا ممكن؟!

وعندما نتحدث عن "توحيد الصفوف" إنما نقصد توحيد القوى الديمقراطية لا بل توحيد جهود هذه القوى، لكي تلعب دورا فاعلا ومؤثرا، ليس فقط في منازلة الحكومه الراهنة، وإنما أيضا في إعادة صياغة الحياة السياسية لمرحلة ما بعد هذا الكم الهائل من القوانين العنصرية والسياسات الطائفيه التي تهدف لشرطنا وشرذمة الجهود.

فالانتماء لهذا الوطن أو لهذه الأرض يحتم علينا أن نجد طريقة ما لإيقاف هذا الهدر الإنساني والهدام السياسي، لكي ننقذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.

إننا على إيمان تام بأن القوى الديمقراطية مؤهلة كي تلعب هذا الدور الأساس لأسباب عديدة، منها تخطيها للعقائدية المتجمدة، ورفضها للطائفية المتخلفة، وإيمانها بالتعددية والديمقراطية، واحترامها لحقوق الإنسان.

إذ نعتقد أن طرح إعادة صياغة الحياه السياسية هو امتداد لتجربة الأحزاب السياسية القائمة، ونخص بالذكر التجمع الوطني الديمقراطي، وقوى الحراك الوطني، التي أصبحت وباعتقادنا عاجزه في منازلة السلطة أو مقيده لأسباب كثيرة لا مجال الخوض فيها في هذه السطور القليلة، إلا أننا نقبل رأي القائلين إن هذه القوى السياسية ما زالت تؤمن بإمكانية العمل من خلال أطرها، فهذا خيار ديمقراطي مكفول لهم، ولكننا لا نعتقد أن هناك تناقضا بين هذا الموقف، وبين السعي الجاد نجو توحيد القوى الديمقراطية. فنحن نميز بين ما هو موقف مرحلي، وبين ما هو موقف إستراتيجي يهدف إلى إعادة بناء وتأسيس الحركة الوطنية على أسس جديدة تلبي تطلعات هذه الأقلية التي عانت كثيرا.

لا شك أن عملية توحيد القوى الديمقراطية، وفتح المنافذ والقنوات لتوحيد الرؤى السياسية قد تواجه بشكل عنيف، وعزم لا يلين أولا سلطويا ومشتقاتهم، ومن ثم القوى العقائدية والرجعية والطائفية، وذلك لكي تبقي القوى الديمقراطية متخندقة في أطر معزولة لا قاسم مشترك بينها سوى اجترار ماضي المرارات والإدانات الشفهية، ومع ذلك هناك إشارات مضيئة قد تكون أرضية يمكن البناء عليها في إطار تغير المعطيات التي حالت دون توحيد القوى الديمقراطية، فواقع الأقلية العربية السياسي المأزوم اليوم قد أفرز رؤية مغايرة يستدل مها تحليل إيجابي لهذا الواقع والاستفادة منه في توحيد تلك القوى لمواجهة الآتي.

التعليقات