01/02/2015 - 18:01

القائمة المشتركة وحالة الالتباس/ حسن عبد الحليم

في خضم النشوة بتشكيل القائمة المشتركة، وفي ظل برنامج سياسي يقبل التأويل والتعليل ويتيح مساحة واسعة للمناورة، ووسط نقاشات تختلط فيها الجدية والفكر بالأهواء والنزعات والنزق، لا بد من بوصلة سياسية مشتركة تضع الأمور في نصابها الصحيح، ولن نجد

القائمة المشتركة وحالة الالتباس/ حسن عبد الحليم

 في خضم النشوة بتشكيل القائمة المشتركة، وفي ظل برنامج سياسي يقبل التأويل والتعليل ويتيح مساحة واسعة للمناورة، ووسط نقاشات تختلط فيها الجدية والفكر بالأهواء والنزعات والنزق، لا بد من بوصلة سياسية مشتركة تضع الأمور في نصابها الصحيح، ولن نجد أكثر من نكبة فلسطين بوصلة أشد وضوحا وأكثر توهجا.

الوحدة بحد ذاتها قيمة، وهي فكرة تعبّر عن المشترك والجامع، ورغم المخاض العسير الذي رافق ولادتها، والضجيج الذي اثير حولها، إلا أنها تعتبر محطة هامة في تاريخ العمل السياسي لفلسطينيي الداخل ورافعة هائلة لنضالهم، ومصدر قوة إذا ما أحسن توظيفها واستخدامها وتصويبها لتحدي نظام سياسي قتل وسلب وهجّر وطغى وبغى وتجبّر وعتى وتكبّر.

تدور كافة الأحزاب الإسرائيلية في فلك الصهيونية ودائرتهاـ والفرق بينهم يكمن في البعد عن مركز الدائرة. في الأزمات يرتدّون جميعا إلى نفس النقطة وتتلاشى الفروقات ما بينهم، ومع انتهاء الأزمة يعود كل منهم إلى موقعه في الدائرة.

لسنا طرفا في الصراع بين اليمين والوسط( الذي يرفض أن 'يوصم' باليسار لينافس على أصوات اليمين)، ذلك الصراع الذي يحتدم داخل دائرة يرسم التشدد القومي خارطتها السياسية ويتركز حول ثلاث قيم: الصهيونية والإسرائيلية واليهودية.  لسنا جزءا من هذا الصراع  وهذه القيم وهذه الدائرة، ووجودنا في الكنيست لا يجعلنا جزءا منها ولا يقربنا إليها، بل هو أداة لمواجهتها وتحديها ومحاولة تغيييرها، وحديث البعض عن 'كتلة مانعة' أو 'إسقاط اليمين'، هو مؤشّر على حالة التباس في تحديد الموقف من تلك الدائرة ومن تشوّه في المفاهيم نابع بالأساس من مدى استبطان النكبة والمكان الذي تحتله في الوعي.

اليمين الإسرائيلي(نتنياهو، بينيت، ليبرمان،وأشباههم ) هو الوجه الحقيقي لإسرائيل دون مساحيق التجميل والأقنعة التي يغطي فيها الوسط- يسار قبحه فيها، وهو(اليمين) يوفر مجانا الأدوات لفضح سياسات إسرائيل الحقيقية: الاستيطان والتوسع والتنكر للحقوق الفلسطينية والعنصرية والاستعلاء العرقي والعنجهية. فلماذا هناك من يصر على تجميل صورة إسرائيل  بشعار «إسقاط اليمين» واستبداله بـ «المعسكر الصهيوني» الذي اختار اسمه من باب المزايدة على اليمين، ويتبنى نفس الأيدلوجية ويمارس السياسات ذاتها لكن على وقع سيمفونية 'السلام'، التي تتقن ليفني الرقص عليها، وفي الوقت ذاته لا يجد رئيس التحالف(هرتسوغ) حرجا بالتصريح بأن التحالف هو «الأكثر صهيونية».

معادلة العدالة والقوة التي تلخص الصراع التاريخي مع الصهيونية يمكن أن تتضعضع موازينها  ولو قليلا بوجود حزب عربي كبير قوي متماسك لديه بوصلة قيمية وأخلاقية ومؤمنا بعدالة قضيته، ويرتبط ذلك بمدى قدرة أعضائه على حملها ودفعها قدما  بإصرار وتصميم وإيمان، دون تلعثم أو تلون أو تأتأة أو محاولات شهدناها بالماضي للإمساك بالشيء ونقيضه.

 من شأن الوحدة أن تعيد ترتيب الأشياء من جديد بعيدا عن المناكفات والمشاحنات،  فبعد أن كان الجدل مدفوعا بالاصطفافات أكثر منه بالفكرة، لا سيما بين التجمع والجبهة، أصبحت الفكرة هي المحور والأساس، وأصبح بوسعنا أن نجد القاسم المشترك، ولن نجد فكرة أكثر قبولا وإجماعا من نكبة فلسطين أساس كل شيء ومرد كل شيء، لتكون الشعار والمطلب والمعيار.

النكبة ليست إحياء ذكرى أو يوم تراث أو بكاء على الأطلال، وإحياؤها يجب أن يرفع مطلب الاعتراف وإصلاح الغبن التاريخي. شعارنا ومعيارنا في القائمة المشتركة يجب أن يكون: الاعتراف بنكبة فلسطين والاستعداد لمعالجة تبعاتها. وهذا المعيار يجب أن يحكم علاقاتنا السياسية، وهو الوحيد الذي يمكن أن يستقطب حتى دعاة المقاطعة المبدأيين(لنفرقهم عن المزايدين) في إطار حوار وطني شامل يضع النقاط على الحروف ويحدد المنطلقات والأهداف.

الجهود منصبة الآن لدعم القائمة المشتركة ومنحها مكامن القوّة لأننا نتوقع منها الكثير.

 

 

 

التعليقات