20/05/2015 - 11:00

رسالة متخيلة لعضو الكنيست أيمن عودة/ همت زعبي

إن الصورة التي ترسمها حتى اليوم تصب في خدمة سياسة الدولة، وقد توحي إلى نجاحها في هندسة قيادي عربي جيد

رسالة متخيلة لعضو الكنيست أيمن عودة/ همت زعبي

عزيزي أيمن عودة، 
بعد التحية الحارة والاحترامات، 

أقدّر عاليا مجهودك في التحضير للمهمة التي أوكلتك فيها الجماهير العربية في البلاد. إذ مع الوقت يبدو جليا أن لديك خطة تحاول من خلالها بجد وبجدية اختراق وعي المجتمع الإسرائيلي، وتحاول بكل قوتك أن تسطر صورة لعضو الكنيست العربي مغايرة عن تلك التي يحاول المجتمع الإسرائيلي وإعلامه ومؤسساته رسمها.

وأعتقد، أن نواياك السياسية جيدة، وتصب في مصلحة منتخبيك من الجماهير العربية. فتعتقد أن هذه الطريقة قد تمكنك من إيصال رسالتك السياسية للمجتمع الإسرائيلي متوخيا التغيير في مواقفه تجاهك. ولك مني على هذه المحاولة كل الاحترام.

مع هذا، لا بد عزيزي، وأنت في بداية عملك، من التوقف عند بعض النقاط كي لا تصبح ملك الشاشة الإعلامية الإسرائيلية، وتفقد علاقتك مع منتخبيك.

لا تنبع مكانتنا في الدولة اليهودية أو توجهات الدولة تجاهنا، من قلة المعرفة لدى المجتمع الإسرائيلي بأوضاعنا، ولا بسبب شيطنتنا من خلال الإعلام والمؤسسات الإسرائيلية. ولا هي نابعة من صورة نضال من سبقك إلى الكنيست من قيادات، ولا من حدة الخطاب أو حتى علو الصوت أو انخفاضة، كما لا تنبع من قلة اهتمام الإعلام بقضايانا المدنية، بل تنبع من جوهر المشروع الصهيوني الذي يرى في مجرد وجودنا في وطننا تحديا جوهريا بين يهوديته وليبراليته.

لن أكتب عن تاريخ قيام الدولة وسياساتها تجاهنا منذ البداية التي لم تكن تمت لتحدينا الفعلي بأي صلة. فخلال فترة الحكم العسكري، ولأسباب نعرفها جميعا، لم ننتفض ولم نتحد، لا أمن الدولة ولا حتى سياستها (إلا قلة قليلة منا)، وكنا من أكثر المجموعات هدوءا على الرغم من تحولنا إلى أقلية في دولة تنفي وجودنا.

كل هذا لم يمنع الدولة من حصرنا في جيتوهات، ومصادرة أراضينا، واستغلال قوانا البشرية للعمل في مصلحة بناء الدولة اليهودية، ومنعنا من الحركة والتنقل والتنظيم السياسي وغيرها. ولاحقا للحكم العسكري استمرت هذه السياسات ولم تتبدل، وذلك على الرغم من استمرارنا باستعمال الأدوات التي تتيحها لنا المواطنة بهدوء.

عزيزي، كي لا تسيء فهمي، لا أدعوك إلى التنازل عن النضال المدني أو التنازل عن استعمال الأدوات التي تتيحها المواطنة. ولكن أكتب هذه الرسالة العلنية، لأقول لك إن الصورة التي ترسمها حتى اليوم تصب في خدمة سياسة الدولة، وقد توحي إلى نجاحها في هندسة 'قيادي عربي جيد'، ذلك الذي يغيّب النضال القومي باسم النضال المدني، الذي يبادر إلى مسيرة للاعتراف بقرى غير معترف بها في يوم الأرض دون أن يشير إلى أنها ذات السياسة المستمرة منذ النكبة، وذلك الذي يبتسم ويحافظ على هدوء بالرغم من التهجمات ضده، لكونه عربيا، وذلك الذي يدعو إلى نضال مدني على الرغم من أن الدولة في جوهرها قومية (دينية).

عزيزي، نعم هناك قوى شريكة لنضالنا في المجتمع الإسرائيلي، ويجب أن نعمل معها. ولكن هذه القوى تتوقع منك أكثر، وتحتمل خطابا أكثر 'حدة' من خطابك. وهي ذاتها ترى في مشاركتك في لعبة كرة القدم مع زملائك في الكنيست تملقا لا ضرورة له. أما تلك الغالبية التي تحاول أن تخترقها، فاعلم أنها بأحسن الأحوال تأسرك في هذا الدور، وفي حال خذلتها سينقلب السحر على الساحر.

اعتذر عن الإطالة، كنت سأكتب أكثر لو لم تكن هذه رسالة متخيلة تدرج على شبكة التواصل الاجتماعي. 'فشة خلق' ليس أكثر. 

محبتي...

التعليقات