23/06/2015 - 17:10

ما بين غزة وغطاس../ منيب طربيه

لمن ظن أن القضية انتهت في جلسة في أحد المقاهي أو الحانات، أو في أروقة التعايش، ومجموعات الدعم النفسي نقول إن حرية الإنسان تبدأ من باب بيته وتنتهي فقط مع انتهاء الظلم والقمع في العالم عامة، وعند شعبك وأبناء جلدتك خاصة

ما بين غزة وغطاس../ منيب طربيه

تساؤلات كثيرة طفت مؤخرا حول مشاركة الدكتور باسل غطاس في أسطول الحرية في أهميتها، تداعياتها ومصداقيتها.

منهم من يخاف على مصير الدكتور وحياته، لهم نقول شكرًا على قلقكم فلا قيمة للحياة والظلم والبطش مستفحل في بقاع عدة في العالم وعلى رأسها غزة. ومنهم من يرى أن مشاركة باسل هذا الأسطول تتعدى كونها تضامنا وعملا وطنيا، ولا تقتصر على وضع مأساة غزة في مسارها الصحيح أمام المجتمع الدولي عله يحرك ساكنا، إنما يرى بها البعض مجرد مناورة. والبعض يظن أن مشاركة الدكتور باسل لأسطول الحرية تندرج في خانة الدعاية والشهرة.

والبعض الآخر يصر على أن دراجة نارية كانت من الممكن أن تفي بالغرض، فلا أشكال حقيقيا في وضعية مجتمعنا ما بين قلق حقيقي ومراوغ، ولكني ورغم بساطة تفكيري ومحدوديتي، إلا أني لا أستطيع أن أمر مر الكرام على الظاهرة الخطيرة المتفشية من ناحية مزاودات نزقة ورخيصة تطال شخص الدكتور وحقه في التفاعل مع شعبه والتضامن معه بما أوتيت يده، ومن ناحية أخرى ظاهرة الفصل والتقسيم نحن وهم، وكأننا عهرستان وهم من كوكب آخر ولا صلة لنا بهم.

هذه الظاهرة خطيرة جدا بل أكثر من ذلك حيث تندرج في خانة المسح الذهني وخيانة الذاكرة، العقيدة وكل شيء.

نسمع في الآونة الاخيرة أسئلة نزقة لا تتعدى كونها مندسة ودخيلة على الخطاب الوطني الإنساني الذي من المفروض أن لا يتباهى بها كل إنسان غيور على قضية شعبه الذي عانى الأمرين والمر المتكرر، مرارة ما قبل 48، مرارة 48 والمر الذي ما زال يقبع تحت لسان كل فلسطيني في الداخل، غزة، الضفة، الشتات والمخيمات.

لمن يفاخر بكونه يعيش تحت سقف على عكس أبناء جلدته ممن آلت بهم الظروف إلى ما آلت إليه، أقول إن كل ذلك لا يتعدى كونه صدفة، حيث كان من الممكن أن تتبدل الأدوار بحيث أنه كان من الممكن أن تكون في أحد المخيمات أو رحالة بين دولة وأخرى.

شاءت الظروف أن تبقى في وطنك، وأن تعيش ظاهريا ظروفا طبيعية، فذلك لا يعني أن تفاخر بعهرك، وأن تتعامل مع من هم أبناء جلدتك على أنهم آخرون لإرضاء غرائزك المكبوتة أمام المؤسسة لكي لا تظن أنك ما زلت فلسطينيا وتفخر بشعبك.

أن تطالب الدكتور باسل بأن يقوم بواجبه تجاهك شرعي، وأن تدعوه لمزاولة مهامه البرلمانية لما فيه مصلحة لفلسطينيي البلاد منطقي، أما أن تطالبه بأن يهتم بما هو أحق بحسب اعتباراتك بعيدا عن غزة، فهذا لا يتعدى كونه "قمعفوبيا" عبثية تجذرت فيك وقابعة على صدرك وتتراقص على محدوديتك وتخاذلك.

الخطورة هي أن البعض بدأ يرى بمطلبه لفصل الداخل عن غزة شرعيا، حيث بدأ البعض ينطق بذلك جَهْرًا وبلا هوادة محاولين أن يلائموا قناع العربي الجيد عَل الأسياد تعفو عنه من السجن الافتراضي القابع فيه. فلهم نقول إن ما بين باسل وغزة أعمق بكثير من شحكم، ومن أهوائكم، فغزة بالنسبة لنا قلب فلسطيني نابض، ورغم البعد القسري إلا أننا جسم واحد متراص بأعضاء كثيرة لا تبتعد عن بعضها وكوصل الروح بالجسد. فما يقوم به باسل هو استمرارية للقضية الفلسطينية النابضة في قلب كل فلسطيني حر، يناديه الواجب ليقوم بما يمكن لشعبه وناسه.

لمن ظن أن القضية انتهت في جلسة في أحد المقاهي أو الحانات، أو في أروقة التعايش، ومجموعات الدعم النفسي نقول إن حرية الإنسان تبدأ من باب بيته وتنتهي فقط مع انتهاء الظلم والقمع في العالم عامة، وعند شعبك وأبناء جلدتك خاصة.

ننتظرك دكتور على أحر من الجمر، فبك نفاخر بين الأمم، دمت ودام قلبك النابض على شعبك.

التعليقات