01/07/2015 - 16:57

السيسي أكثر من «ذخر استراتيجي»/ حسن عبد الحليم

قبل الانتخابات التي أعقبت الانقلاب في مصر، رسم مؤيدو السيسي له صورة تجمع بين قوة الرجل العسكري وتمتعه بالرصانة والحكمة والحزم، وأضفوا عليه هالة من الناصرية، واهتموا بأن يزور ضريح عبد الناصر في ذكراه الـ 43 ، وقدموه على أنه "رجل المرحلة".

 السيسي أكثر من «ذخر استراتيجي»/ حسن عبد الحليم

قبل الانتخابات التي أعقبت الانقلاب في مصر، رسم مؤيدو السيسي له صورة تجمع بين قوة الرجل العسكري وتمتعه بالرصانة والحكمة والحزم، وأضفوا عليه هالة من الناصرية، واهتموا بأن يزور ضريح عبد الناصر في ذكراه الـ 43 ، وقدموه على أنه 'رجل المرحلة'.

لكن هذه الصورة سرعان ما تبددت حين لامست الواقع، فتعرى حين نطق، حيث بدا سطحيا هزيل الإمكانات، غير قادر على بلورة فكرة أو جملة مفيدة،  فكم بالحري جملة مركبة،  ويغطي على هزالة وبؤس حاله بمحاولات استعطاف يضفي عليها لمسة من الحزم من خلال استخدام شعارات تدغدغ مشاعر المصريين.

رغم هذا الحال، استمر إعلام الغوغاء بمنتهى الابتذال رسم هالة من القدسية على صورة الزعيم، حتى بات بحسب البعض 'صاحب كرامات'، فصدق المهووس ذلك وتبناه (خطاب الطبيب والمزايا فوق الطبيعية التي منحه الله إياها).

أما بالنسبة لناصريته، فحدث بلا حرج، إذ يأتي الرد من إسرائيل، وترتسم حقيقة نظام السيسي في الإعلام الإسرائيلي وعلى ألسنة سياسييها ومحللي صحفها ووسائل إعلامها، ولسان حالهم يقول إذا كان مبارك ذخر استراتيجي لإسرائيل فالسيسي ماذا يكون؟

كانت زيارة مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية، دوري غولد، ذي القلنسوة المنسوجة التي تميز التيار القومي- الديني (الأكثر تطرفا في إسرائيل)، هذا الأسبوع، كافية لإلقاء الضوء على عمق العلاقة بين نظام السيسي وإسرائيل، حيث عبر عنها غولد بالقول إن «مصر وإسرائيل تتحدثان اللغة نفسها» في ما يتعلق بالقضايا الإقليمية.

وفي ظل عداء السيسي لحركة الإخوان المسلمين، الذي انبثق عنه عداء شديد لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وفي ضوء حملات شيطنة حماس في إعلام الغوغاء، لم يجد غولد حرجا في وضع حماس وداعش في خانة واحدة، دون اعتراض من مصر أو أي محاولة لفهم الفرق بين حركة تحرر وطني شرعية وبين تنظيم إرهابي.

في ما يتعلق بحصار قطاع غزة ومنع تهريب السلاح إليها وردم الأنفاق وإقامة المنطقة العازلة، تطرق المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون مرارا لدور مصر في إطباق الحصار على قطاع غزة ومنع التهريب إليها، وأغدقوا النظام المصري بالإطراءات والإشادات على دورها في 'مكافحة الإرهاب'.

 كما أن المقارنة بين  مبارك والسيسي جاءت أيضا في التقارير الإسرائيلية حيث وصفت نظام مبارك (الذخر الاستراتيجي) بأنه كان يكذب على إسرائيل حيث كان يطلق الوعود ولا ينفذها، أما السيسي فيعمل بجدية متناهية. وحذر معلق إسرائيلي من أن مصر تغالي في تضييق الخناق على قطاع غزة الأمر الذي يمكن أن يقود لانفجار الأوضاع. وحسب تقرير نشره موقع 'واللا' العبري يستند إلى مصادر أمنية فإن «التنسيق الأمني بين إسرائيل ومصر تضاعف عشرات المرات عما كان عليه خلال فترة حكم الرئيس مبارك». وأن «في عهد مبارك كان مسؤولو النظام يكذبون على نظرائهم الإسرائيليين، حيث كانوا يتعهدون بمعالجة الأنفاق لكنهم لم يفعلوا شيئا، لكن مصر اليوم مصممة على القضاء على الإرهاب بكافة أنواعه».  فضلا عن ذلك فإن مبارك سحب سفير مصر من تل أبيب احتجاجا على عدوان عام 2011 -2012،  فيما قام السيسي بإعادة السفير بعد عدوان 2014.

وفي تقرير آخر لموقع 'واللا'، وصف التنسيق الأمني بين مصر وإسرائيل بأنه وصل لذروة غير مسبوقة أثارت دهشة الإسرائيليين، وقال إن «التعاون الأمني الوثيق بين إسرائيل ومصر الذي وصل لذروة غير مسبوقة في فترة حكم الجنرال عبد الفتاح السيسي، أثار دهشة القادة الإسرائيليين، وجعلهم يؤمنون بأن السيسي وقادة آخرين في المنطقة على استعداد لفتح صفحة جديدة وتاريخية في العلاقات مع إسرائيل  بتجاهل تام للقضية الفلسطينية أو على الأقل التسليم بهدوء بأن المشكلة ليست لها حل'.

ووصف معلقون السيسي بأنه يوضع على رأس قائمة الرؤساء الذي يحظون على تقدير الشارع الإسرائيلي، وتضم القائمة 'السادات، مبارك، الملك حسين والسيسي'. ويكشف تقرير إسرائيلي، أنه في أعقاب الانقلاب على مرسي، أرادت الولاية المتحدة فرض عقوبات على نظام السيسي، فتجندت إسرائيل واللوبي الصهيوني لعدم حصول ذلك، وفعلا لم يحصل.

بعد انتهاء العدوان على قطاع غزة رعى نظام السيسي وقفا لإطلاق النار، وحسب الاتفاق كان ينبغي أن تبدأ محادثات لتثبيت اتفاق دائم يضمن تلبية المطالب الفلسطينية بعد شهر من موعد الاتفاق، وها هي سنة مضت دون أن يحصل ذلك، وهذا ليس صدفة، بل هو محاولة لعدم منح فصائل المقاومة أي مكسب وإدامة واقع الحصار المطبق. أما بالنسبة لفتح معبر رفح فيتبنى نظام السيسي شروط إسرائيل كاملة بشكل علني.

وجد نظام السيسي 'مصلحة مشتركة' مع إسرائيل في العداء لحماس، وصفها الإعلام الإسرائيلي بأنها «تحالف شجاع». وبالنتيجة فإن السيسي هو أكثر من ذخر لإسرائيل على الأقل في هذه المرحلة حتى لو لم يخرج مسؤول إسرائيلي أرعن ليصرح بذلك علنا.

التعليقات