08/07/2015 - 14:40

رمضان شهر البركات والاشتباكات../ وديع عواودة

المؤكد أننا أمام تناحرات جديدة تتأثر بتطورات داخلية وخارجية ذاتية وموضوعية تقوم على توجهات التكفير والإقصاء والتخوين والتدخل بحريات الأفراد والمجتمع وتعتمد لغة فظة واستفزازية والتحريض على الآخر المختلف

رمضان شهر البركات والاشتباكات../ وديع عواودة

منذ بداية الشهر الفضيل شهد المجتمع العربي المحلي 100 جريمة إطلاق نار، تخللها قتل ستة أشخاص. يعني انفلات الجريمة قرار إسرائيل اعتماد إستراتيجية النيل من الأقلية القومية الفلسطينية وتحييد خطرها الأمني – الديموغرافي بدفعها للنيل من ذاتها بذاتها إضافة لأساليب الاحتواء والاستعداء، مستغلة تفشي الخطاب الطائفي في المنطقة.

 بيد أن الجرائم التي لا توقفها حرمة رمضان هي من "صناعة وطنية" أيضا، وعارض لفقدان المجتمع العربي المناعة الذاتية نتيجة عوامل متنوعة موضوعية وذاتية. من هذه إهمال الجبهة الداخلية والانشغال المفرط بالصراع الخارجي مع التمييز العنصري الإسرائيلي، وبتغليبنا الحزب والزعيم على الوطن والمصلحة العليا والعمل الجماعي، وتفشي فيروس الطائفية والتطرف الإسلامي السياسي.

ويبدو أن اتفاق الأحزاب العربية ضمن "المشتركة" قد بات يقلق الحركة الإسلامية الشق الشمالي في ظل تشكيل صورة جديدة بالوعي للمشهد السياسي المحلي، وتبلور موازين قوى جديد ليس في صالحها. وربما تكون الهواجس حول ما يجري في مصر وسوريا والوطن العربي سببا آخر خلف ازدياد انشداد الأعصاب لدى "الشمالية".

المؤكد أننا أمام تناحرات جديدة تتأثر بتطورات داخلية وخارجية ذاتية وموضوعية تقوم على توجهات التكفير والإقصاء والتخوين والتدخل بحريات الأفراد والمجتمع وتعتمد لغة فظة واستفزازية والتحريض على الآخر المختلف.

أغلقوا باب الردح والقدح

 "الإسلام هو الحل" شعار شعبوي جذاب، لا يؤهل من يرفعه احتكار الإسلام، ولعب دور شرطة الآداب باسمه، لا سيما أن الإسلامية حركة سياسية أيضا لها حساباتها ومصالحها وامتداداتها.

مثل هذا الخطاب لا يتعارض فقط مع الحريات والحقوق الفردية بل مع الكثير من القيم الدينية خاصة الإسلامية. هو رب العالمين من قال في آية النحل "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن".

للحركة الإسلامية الشمالية أو بعض شيوخها الحق الكامل بالاعتراض على دبكتنا الشعبية الجميلة في رمضان أو زواج المثليين في بروكسل وغيره. لكن ليس من حق بعض الشيوخ والمريدين فتح باب التكفير، والردح القدح بأعراض بنات الناس باسم الرب الذي يقول بسورة آل عمران "لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك". مهما زادت أهمية موضوع الجدل لا مبرر لاستبدال الدفع بالتي هي أحسن بتحريض عامة الناس على بعضهم بتصريحات قاسية ونابية كـ "الاختلاط سبب الانحطاط "، وغيرها من مواقف تهدف لاستمالة الجمهور وزيادة الشعبية لكنها تزيد البيت تصدعا وانشقاقا.

ما نحن فيه ومقبلون عليه يجعلنا بأمس الحاجة للوحدة ولتعميم ثقافة الحوار وهذه مسؤولية العلمانيين والتقليدين لا المتدينين فحسب.

دبكة أم الفحم

 أحسن الشيخ رائد صلاح بمحاولته رش الماء لإطفاء التراشق وتحذيره من السماح للفتنة بالعصف بنا.

نتمنى على حركته الشمالية وكل قياداتها تبني دعوة الشيخ رائد المتنورة للجميع للاتفاق بأدب والاختلاف بأدب عن أي لغة تكفير أو تخوين أو إقصاء". نتمنى أن تكون مقولة الشيخ رائد بداية لما هو أعمق وأطول لا محاولة إطفاء حريق في رمضان كي نبقى شعبا واحدا لا طوائف وثلل متناحرة.

 الإسلام معاملات وعبادات، وبناء مدارس قبل المساجد كي لا يصبح المسلمون الأشد خطرا عليه. هل يعقل أن نثور ونثير زوبعة على دبكة شبابية في أم الفحم (أو مثليو أوروبا) ولا نخرج موحدين مستنفرين معبئين بالطاقات لمواجهة جرائم القتل وهدم المنازل وانهيار الحكم المحلي وانتشار مشاهد الفوضى والتخلف؟

الهموم والتحديات كبيرة وهي أكبر من أن تحملها حركة أو حزب بمفرده ولا بديل عن حوار كل الأطراف مع الآخر المختلف والانفتاح عليه. وهذه دعوة تنطبق على غير الإسلاميين لاسيما أن انفلات نقدهم للتراشق الغرائزي غير الديموقراطي يزيد الطين بلة ويخدم من يصر على احتكار الإسلام ولذا نحن ننتظر أقوال وأفعال بقية قادة الفعاليات السياسية.

 (لنا تتمة)..

التعليقات