21/07/2015 - 16:56

الاتفاق النووي وخيارات نتنياهو.. / بلال ضاهر

خلاصة القول، أنه لو أرادت إسرائيل، أو الولايات المتحدة، أو كلتاهما معا، ضرب إيران لفعلتا ذلك من دون ثرثرة وتصريحات كثيرة من دون رصيد، لكنهما لم تفعلا شيئا، خاصة وأن الولايات المتحدة في عهد أوباما غيرت الكثير من سياساتها تجاه الشرق الأوسط،

الاتفاق النووي وخيارات نتنياهو.. / بلال ضاهر

رأى قادة الدول الكبرى الست (أو 5 +1) أن التوصل إلى اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، هو انتصار للدبلوماسية والحوار بين الخصوم، لكن القيادة السياسية الإسرائيلية، في الائتلاف والمعارضة الصهيونية، اعتبرته اتفاقا سيئا، بعد أن فشلت، وبخاصة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في منع التوصل إلى اتفاق.

واللافت أنه في أعقاب التوصل إلى الاتفاق وإظهار إسرائيل غضبها جراء ذلك، أن إسرائيل بدأت تركز دعايتها ضد الاتفاق في جانب آخر غير قدرة إيران لصنع قنبلة نووية أو خرق الاتفاق النووي، وهو أن الأموال التي ستتلقاها إيران فورا بعد رفع العقوبات، والتي تقدر بحوالي 100 مليار دولار، ستستخدم في تمويل عمليات إرهابية في أنحاء العالم.

ورغم أن نتنياهو وصف الاتفاق بأنه 'خطأ بحجم تاريخي'، واعتبر رئيس المعارضة الإسرائيلية، يتسحاق هرتسوغ، أنه اتفاق سيء، إلا أن المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية لا تنظر إلى هذا الاتفاق بهذا الشكل. وعبر عن ذلك رئيس الشاباك الأسبق، عامي أيالون، بقوله إن الاتفاق النووي هو 'الخيار الأفضل'، معتبرا أنه يبعد إيران عن احتمال الانطلاق نحو صنع قنبلة نووية مدة عام، بينما كانت هذه المدة لا تزيد عن شهرين في بداية المحادثات قبل 12 عاما. وشدد أيالون أنه يشاركه في هذا الرأي وزراء أمن ورؤساء شاباك وموساد سابقون.

وفي أعقاب الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق النووي، كتب رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق والرئيس الحالي لمعهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، عاموس يدلين، مقالا نشره في صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، يوم 15 تموز الجاري، قال فيه إن ثمة ثلاثة احتمالات:

-الاحتمال الأول، هو أنه خلال ال15 عاما المقبلة سيحدث تغيير في النظام الإيراني، بحيث 'يموت' المتطرفون، وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي، وأن يصبح النظام 'أكثر اعتدالا'. لكن يدلين قال إن هذا احتمال ضئيل.

-الاحتمال الثاني، هو أن تحاول إيران خرق الاتفاق النووي وأن تسعى إلى صنع قنبلة نووية. وشدد على أن هذا احتمال ضئيل أيضا.

-ورجح يدلين أن الاحتمال الثالث هو الواقعي أكثر، ويقضي بأن تنتظر إيران 15 عاما حتى رفع العقوبات على قدراتها النووية، وأن تعمل خلال هذه السنوات على تعزيز قدراتها التكنولوجية وتطور خبراتها في المجال النووي، وبذلك تقصّر فترة المضي بسرعة كبيرة نحو صنع قنبلة نووية. واعتبر يدلين أن الاتفاق النووي يسمح بجمع معلومات هامة حول البرنامج النووي الإيراني، ويمنح إسرائيل مهلة للاستعداد وتطوير وسائل قادرة على إحباط صنع القنبلة الإيرانية.

وملاحظة يدلين الأخيرة، حول استعداد إسرائيل لتطوير وسائل من أجل ضرب إيران، بعد 15 عاما، مشابهة إلى حد كبير للمقولة الإسرائيلية الجوفاء أن 'جميع الخيارات موجودة على الطاولة'. إلا أنه تبين، كما كتب الصحافي إيتان هابر هذا الأسبوع، أنه 'توجد خيارات، لكن لا توجد طاولة'.

وفعلا، في الأسابيع الأخيرة، أكد قادة سياسيون إسرائيليون أن نتنياهو فشل في إدارة المعركة ضد إيران. ودخل في مواجهة ساخنة مع الإدارة الأميركية وجر عليه انتقادات المنظمات اليهودية الأميركية. وصنع نتنياهو من نفسه 'نبي غضب' في السياق الإيراني، بينما يؤكد الاتفاق النووي أنه لم يأبه به أحد في العالم ولم يأخذ برأيه.      

كذلك فإن محاولات نتنياهو اصطناع تحالف إقليمي من بنات أوهامه، يضم إسرائيل ودولا عربية 'سنية معتدلة'، لم تحقق أي نجاح، وتبين منها أن يسعى إلى تطويع ذلك لسياسته تجاه الفلسطينيين. فنتنياهو يرفض تسوية سلمية مع الفلسطينيين من الناحية العقائدية، وحاول باستمرار صرف الأنظار عن القضية الفلسطينية من خلال التركيز على إيران وبرنامجها النووي وتصنع دور الضحية ومن ثم التهديد بضرب إيران.

وقد فعل نتنياهو ذلك رغم أنه يدرك تماما أن إسرائيل ربما تكون قادرة على ضرب المنشآت النووية في إيران، لكن رد الفعل الإيراني، بحسب خبراء ومحللين إسرائيليين، سيكون شديدا وخطيرا، وربما يشمل رد الفعل الإيراني دولا غربية. لذلك فإن الردع بين إسرائيل وإيران متبادل. وحتى لو امتلكت إيران سلاحا نوويا فإنها لن تسمح لنفسها بأن تهاجم إسرائيل به، خلافا لمزاعم نتنياهو، لأن إيران تعرف أنه توجد لدى إسرائيل قدرة 'توجيه الضربة الثانية'، أي إطلاق صواريخ نووية بعد تعرضها لقصف نووي، وهذه بالأساس مهمة غواصات الدولفين الحديثة الألمانية الصنع.

خلاصة القول، أنه لو أرادت إسرائيل، أو الولايات المتحدة، أو كلتاهما معا، ضرب إيران لفعلتا ذلك من دون ثرثرة وتصريحات كثيرة من دون رصيد، لكنهما لم تفعلا شيئا، خاصة وأن الولايات المتحدة في عهد أوباما غيرت الكثير من سياساتها تجاه الشرق الأوسط، وأهمها تجنب التدخل العسكري. ونتنياهو لا ينجح في التأقلم مع توجهات العالم وتحديدا أميركا، ولذلك فإنه بمجرد توقيع الاتفاق النووي وقع فشله الإستراتيجي الكبير.  

التعليقات