09/10/2015 - 12:17

فرصة أبو مازن الأخيرة / بشير البكر

تبدو الكفة مائلةً في اتجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لكي يستمر في رفض الاعتراف أو التعاطي مع الحقوق الفلسطينية، فالأجواء الإقليمية والدولية باتت صافية من حوله. وحدها أعمال المقاومة والهبّات الفلسطينية بين حين وآخر هي التي

فرصة أبو مازن الأخيرة / بشير البكر

تبدو الكفة مائلةً في اتجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لكي يستمر في رفض الاعتراف أو التعاطي مع الحقوق الفلسطينية، فالأجواء الإقليمية والدولية باتت صافية من حوله. وحدها أعمال المقاومة والهبّات الفلسطينية بين حين وآخر هي التي تحرّك البركة الراكدة وتهزها، على الرغم من أن الثمن يأتي، في كل مرة، كبيراً، شهداء وجرحى ومنازل مدمرة واقتصاداً معطلاً.

صار نتنياهو يتصرف بارتياح شديد، على أساس أن أمامه فرصة تاريخية لن تتكرر لإسرائيل، من أجل تحقيق كل مشاريعها لتصفية قضية الشعب الفلسطيني. وفي مقدمة أسباب انشراح رئيس الوزراء الإسرائيلي أن السلطة الفلسطينية باتت مستسلمة لعملية التهميش، التي مارسها عليها، وأضحت عاجزة عن الفعل، وتحولت إلى طرف رمزي مجرد من أوراق الضغط كافة، بل صارت على صلة عضوية بالاحتلال، من حيث تشابك المصالح الاقتصادية والأمنية، ولم يعد في وسعها القيام بعملية فك ارتباط، حتى لو حاولت ذلك. وهذا الوضع الرديء يجد، في مقابله، أحوالاً عربية لا تقل بؤساً، وخصوصاً في مصر وسورية. ومن دون أدنى مبالغة، تكاد هذه اللحظة أن تكون الأكثر قسوة وثقلاً في تاريخ القضية الفلسطينية منذ عام 1948، حيث لم يعد في مواجهة إسرائيل أي موقف عربي رسمي وازن، وباتت موازين القوى مختلة لصالحها على نحو كلي. لا بل أكثر من ذلك، تجد إلى جانبها أكبر دولة مواجهة عربية، فبدلاً من أن تقف مصر إلى جانب شعب فلسطين كما كانت، حتى في أحلك ظروفها وأسوأ أنظمتها السياسية، أو أن تراعي الاعتبارات الاستراتيجية التاريخية في أن أمن مصر من أمن فلسطين، صارت القاهرة، منذ وصول الرئيس، عبد الفتاح السيسي، إلى الحكم أداة ضغط على المقاومة الفلسطينية، وهو ما تجلى خلال العدوان الإسرائيلي في العام الماضي على قطاع غزة، كما تتواصل حتى اليوم سياسات القاهرة في حصار القطاع، من خلال التحكم بمعبر رفح، وجديد الصرعات حفر قناة مائية لعزله. أما سورية، فقد أخرجت نفسها من المعادلة، بسبب جنون رئيسها، بشار الأسد، وتوظيفها من قبل طهران في خدمة الأجندات والمشاريع الإيرانية. وتعد عملية تدمير سورية وتهجير شعبها خدمة لا تضاهى لإسرائيل التي تعتبر أن ملف الجبهة السورية بات على الرف.

الموقف الدولي، هو الآخر، يبدو عاجزاً عن إنتاج آلية لتحريك عملية السلام التي استندت إلى اتفاقات أوسلو، وليس هناك أي اكتراث من الراعي الرئيسي، الولايات المتحدة، التي اتسمت تدخلاتها في العقد الأخير بدفع الطرف الفلسطيني إلى تقديم التنازل تلو الآخر، حتى لم يعد لديه ما يتنازل عنه.

مشروع نتنياهو الأساسي هو نسف كل إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة، وفق حل الدولتين، الذي نصّت عليه الاتفاقات الثنائية برعاية دولية، وهذا أمر يعمل عليه بلا هوادة وبوضوح شديد. ولذا، سار بقوة لخلق أمر واقع على الأرض، بتعزيز مشاريع الاستيطان والتحالف مع المستوطنين، الذين شاركوا بقوة في كل حكوماته. ومن هنا، تتفرع كل الإجراءات الحكومية وممارسات المستوطنين، التي بلغت حد ارتكاب جرائم حرق للفلسطينيين، آخرها أسرة الدوابشة. وعلى الرغم من أن السلطة الفلسطينية ليست غافلة عن مشاريع نتنياهو، فإن رد فعلها على مدار السنوات الماضية اتسم بالعجز، ولم يرتق إلى خطورة المخطط الصهيوني. وقد لاحت للسلطة أكثر من فرصة، كي تقلب الطاولة، وتضع نتنياهو في الزاوية، لكنها كانت تتهاون، وآخر ذلك الهبة الفلسطينية الحالية، التي جاءت بعد خطاب الرئيس، محمود عباس، في الأمم المتحدة، الذي بدلاً من أن يتبع نبض الشارع، التف عليه، وإذا استمر على هذا الطريق فسوف تسقط آخر أوراقه، لكن الشعب سوف يكمل طريقه من دون السلطة الفلسطينية. 

المصدر: العربي الجديد

التعليقات