01/02/2016 - 16:54

شبح الاعتقال الإداري/ هلال علوش

لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بقوانينه الجائرة التي تحد من حركة المواطنين وتنتهك بوضح النهار أبسط حقوقهم الإنسانية، بل أعاد للحياة أحد أبشع القوانين الجائرة التي عرفتها البشرية.

شبح الاعتقال الإداري/ هلال علوش

آن الأوان لأن نحتلن قائمة أشباحنا، ونضيف إلى قصصنا الشعبية عن الجنيه التي تخطف الأطفال والمارد الذي لا يعرف الرحمة، شبحًا قديمًا جديدًا الذي يرافقنا منذ نعومة أظافرنا، وهو شبح الاعتقال الإداري. الاعتقال الإداري الذي يضرب بعرض الحائط كل أسس القوانين الدنيوية والدينية، وبموجبه يتم اقتلاع الأب أو الأم أو الأخ من عقر داره إلى برودة وسواد السجن، حتى أجل غير مسمى.

لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بقوانينه الجائرة التي تحد من حركة المواطنين وتنتهك بوضح النهار أبسط حقوقهم الإنسانية، بل أعاد للحياة أحد أبشع القوانين الجائرة التي عرفتها البشرية. قانون جعل جرة القلم هي الفاصل بين حرية الشخص وعدمها. لا داع للوائح الاتهام المفصلة وإتعاب القضاة وإيقاظ المحاميين، توقيع بسيط من وزير الأمن يكفي لسلب حرية الإنسان والبسمة من حياة محبيه لنصف سنة على الأقل. هذا الشبح الأرعن قطف ويقطف شباب الكثيرين، ومنهم من أمضى عقودا خلف القضبان وما زال يجهل التهمة المنسوبة إليه. 

لا يحظر القانون الدولي هذا الشكل من أشكال الاعتقال التعسفية بشكل تام، ويسمح باستخدامه وسط ضمانات صارمة. مع ذلك، جمعت منظمة العفو الدولية على مدى سنوات عديدة أدلة تشير إلى أن الاعتقال الإداري يستخدم بانتظام من جانب السلطات الإسرائيلية كشكل من أشكال الاعتقال السياسي، وبما يمكن السلطات من احتجاز السجناء السياسيين بصورة تعسفية، بمن فيهم سجناء الرأي، من أجل معاقبتهم على وجهات نظرهم وانتماءات سياسية يشتبه أنهم يتبنونها، رغم أنهم لم يرتكبوا أي جرم.                                                      

وتبرر السلطات الإسرائيلية استمرار استخدام الاعتقال الإداري بالقول إنه إجراء وقائي ضروري، ويستخدم "استثنائيًا" عندما لا يكون بإمكانها عرض الأدلة على مشاركة المتهم بأعمال "غير مشروعة تهدد أمن المنطقة" كونها سرية للغاية. علما أنها الوحيدة الموكلة بتصنيف الأدلة والرقابة القانونية من المحكمة العسكرية تتم فقط بعد عملية الاعتقال، وهي على الأغلب رقابة شكلية.

ولم تتوقف هذه السياسة أمام حاجز ما يسمى بـ"الخط الأخضر"، وتم استعمالها ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل وبعض من المستوطنين اليهود، مما يدل على الراحة النوعية التي يوفرها هذا النوع من السياسات للمؤتمنين على القانون والعدالة في إسرائيل.

لمحاربة هذا الشبح الجائر شرع الكثير من المعتقلين والمعتقلات الإداريين بالإضراب عن الطعام، إيمانا منهم بمقدرة أمعائهم الخاوية على إخضاع هذا الشبح. وشهدنا المعتقل تلو الآخر يحطمون أرقاما قياسية جديدة بقدرة الجسد على التحمل والصبر من أجل نيل الحرية والعدالة.

في استمرارها في سياسة الاعتقال الإداري، شرعنت السلطات الإسرائيلية "عهد الظلام" الذي أصبحت به حتى المحاكمة العادلة صعبة المنال. وها هو الصحفي محمد القيق، الذي يضرب عن الطعام منذ 69 يوما بانتظار مطاحن الصدق الصدئة.

يتوجب على السلطات الإسرائيلية وقف سياسة الاعتقال الإداري وأي اعتقال تعسفي، والإفراج الفوري عن القيق وكل المعتقلين الإداريين في حال لم يتم تقديمهم الفوري للقضاء العادل وفق المعايير الدولية، حتى ذلك الحين... "ديرو بالكو من الأشباح".

التعليقات